الموقف الأخير للدول الخليجية، والذي يؤيد الوحدة الترابية المغربية ويساند الموقف الوطني للمملكة وحقها المشروع، جاء ليجدد التأكيد على عديد مواقف سابقة بهذا الخصوص، ويكرس عمق العلاقات التاريخية المتينة بين الطرفين. المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج أعلن دعمه لمغربية الصحراء، وأشاد بالقرار الأخير لمجلس الأمن بهذا الشأن، وأكد أهمية الشراكة الإستراتيجية الخاصة بين المجلس والمغرب وتنفيذ خطة العمل المشتركة بين الطرفين، وذلك في البيان الختامي، الذي تلاه الأمين العام للمجلس نايف بن فلاح الحجرف، والذي صدر عقب القمة الخليجية الثانية والأربعين التي انعقدت بالرياض، وهذا الموقف الواضح جاء بعد أن كانت كل من الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين قد أقدمتا، من قبل، على فتح تمثيليات ديبلوماسية لها في الصحراء، على غرار بلدان إفريقية أخرى، وكل هذا يندرج ضمن تجليات عراقة العلاقات الخليجية المغربية الراسخة. إن قرار قمة الرياض اكتسب قوته كذلك انطلاقا من السياق المحيط به، وخصوصا تزامنه مع الإعداد للقمة العربية المرتقب انعقادها في الجزائر، والتي يستغلها النظام العسكري الجزائري للمناورة من جديد ضد الوحدة الترابية للمغرب، ومن ثم وجهت بلدان الخليج اليوم صفعة قوية لعسكر الجزائر، وانتصرت، بذلك، للمشروعية وللحق الوطني المغربي. كل المحللين والمتابعين للشؤون العربية يتطلعون اليوم إلى موقف جامعة الدول العربية، وخصوصا أمام تفاقم عداء النظام الجزائري للمملكة المغربية، وسعيه لاستغلال القمة العربية التي ستستضيفها بلاده لجرها نحو متاهة ومغامرة استهداف السيادة الوطنية المغربية، وبالتالي الحكم على القمة بالفشل، وربما توجيه ضربة موجعة للعمل العربي المشترك في هذه الظروف الإستراتيجية الإقليمية والدولية الصعبة. عسكر الجزائر يكثفون هذه الأيام ركضهم لابتزاز بعض البلدان بالأموال والرشاوى، وذلك بعد أن كانوا رواد اللعبة نفسها في زمن سابق مع دول إفريقية، ويسعون اليوم لإحياء نفس الأساليب مع بلدان الجوار الإقليمي والركوب على الأزمات واستغلال الحاجة، وكل هذا لا هدف له سوى العداء للمغرب واستهدافه و»محاصرته»، وأيضا نخر منظومات العمل المشترك عربيا ومغاربيا، وكذلك تحريف نظر الشعب الجزائري عن أزماته الداخلية ومعاناته مع هذا النظام الديكتاتوري الفاسد… إن المغرب يدرك، من جهته، كل خلفيات اللعبة وغاياتها، ويدرك أيضا أن جنون النظام الجزائري ازداد اليوم، وبات في مواجهة مع منظومة العمل العربي المشترك برمتها، وهو يستهدفها مستغلا أموال وثروات الشعب الجزائري في ذلك، ومن ثم يجب على كل الدول العربية اعتماد الوضوح في موقفها من الحق الوطني المغربي المشروع، وأن تتحمل مسؤوليتها، وألا تترك النظام العسكري الجزائري يرمي بجامعة الدول العربية نحو الانهيار والشلل و… الاندثار. من حق نظام الجزائر أن يتصرف في خزائنه كما يحلو له، ومن حقه كذلك تدبير علاقاته الخارجية كما يشاء، لكن المشاهد والإخراج والكلمات والأفعال، كما تناقلتها صور استقبال الرئيس الفلسطيني في الجزائر، أو خلال تنقل الرئيس الجزائري إلى الجارة تونس، أو حتى عقب مباراة كرة قدم بين المغرب والجزائر في كأس العرب بقطر، كل ذلك كان من السهل فهم ما يستشف من تفاصيله من عداء للمغرب واستهداف له، وأيضا إعداد مرتب لتمرير مواقف عدائية عبر القمة العربية المقبلة… هي سيناريوهات مثيرة للسخرية والشفقة من دون شك، ولكن جنون العسكر وعنادهم المرضي يقودهم نحو اللعب بكل شيء والمغامرة بكل شيء، وفي هذا، المغرب لم يعد يبالي بحمق نظام الجيران، وهو مصر على حقوقه وسيادته، وفي نفس الوقت لم يعد يقبل من كل دول العالم سوى الوضوح في الموقف من مغربية الصحراء، ويترك للخصوم حرية الرقص البهلواني المعتوه في كل الساحات وتبذير إمكانياتهم ومواردهم وجهودهم كما يحبون. محتات الرقاص