مرة أخرى تألق الفنان مجيد بقاس، واحد من سفراء موسيقى كناوة العريقة، مؤخرا بفضاء قصبة الأوداية التاريخية بالرباط، حيث أقيمت ثالث أماسي «مهرجان صيف الأوداية فن وثقافة» المتواصلة إلى غاية 30 يوينو الجاري. أمتع بقاس، وهو الكناوي حتى النخاع، بما نهل عن معلمه باحمان رحمه الله، ومواظبته على حضور ليالي كناوة منذ صباه، فوجد نفسه مع موسيقى كناوة بشكل تلقائي، جمهور مهرجان صيف الأوداية بأروع مقطوعاته التي تبرز ما يتميز به هذا الموروث الفني من إيقاعاته ثلاثية ومقاماته الخماسية وطابعه الإفريقي ذي الصبغة الخاصة. حافظ بقاس على خصوصية موسيقى كناوة وأصالتها، فجاءت أعماله، التي يمزج فيها الكناوي بموسيقات جذورها إفريقية كالبلوز والجاز، معبرة عن مكنونات الروح وعن السلام والقيم الإنسانية المشتركة، زادتها لمساته الإبداعية الخاصة انسجاما واضحا، وحولتها إلى لغة لا تعترف بالحدود. نجح مجيد بقاس، المنحدر من منطقة زاكورة الحبلى بالإيقاعات الموسيقية الغنية ك»أقلال» و»الركبة»، في جعل اللون الكناوي يتحد وينصهر مع مقطوعات موسيقية من أداء عازفين كبار من جنسيات مختلفة، من أمثال عازف القيثارة بيدرو سولير وعازف البيانو جواكيم كوهين الألمانيين ورامون لوبيز الإسباني. وتميز اليوم الثاني من هذه التظاهرة، التي نظمها المجلس الوطني للموسيقى، بتعاون وشراكة مع عدد من الفعاليات منها ولاية جهة الرباط-سلا-زمور-زعير ومجلس مدينة الرباط، وبدعم من وزارة الثقافة، بالحفل الذي أحياه عازف البيانو توفيق عمار، ومعرض الفنان ميلودي النويكة «صور فوتوغرافية حول قصبة الوداية» ورسومات عبلة شارات على الزجاج والبديع، فضلا عن المعرض الذي احتضنه رواق باب الكبير وضم إبداعات مجموعة من الفنانين منهم النحات التونسي الصحبي الشتوي. وأحيى باقي أماسي الدورة الأولى ل»مهرجان صيف الأوداية فن وثقافة» مجموعة من الفنانين والفنانات المغاربة، منهم، على الخصوص، الفنان محمد رويشة وعازف العود سعيد الشرايبي، والسوبرانو سميرة القادري، والإخوة عكاف، إلى جانب الموهبة الشابة ناصر مكري الذي ينحدر من عائلة موسيقية بامتياز. كما عرفت هذه الدورة الأولى، التي توجت الفنان محمد رويشة ب»الخلة الذهبية» للمهرجان، مشاركة كوكبة من التشكيليين والخطاطين والمصورين الفوتوغرافيين الذين يعرضون إبداعات تتمحور حول قصبة الأوداية التاريخية والمعروضة بكل من رواق باب الكبير ورواق نويكة. وتضمن برنامج هذه التظاهرة، التي أراد لها منظموها أن تكون أمسياتها الفنية والفكرية مفتوحة في وجه العموم، عرض مجموعة من الأعمال السينمائية بتعاون مع المعهد العالي للسينما والسمعي البصري، وذلك بهدف تشجيع الإبداعات والمبدعين السينمائيين المغاربة، وإتاحة الفرصة للجمهور للاحتكاك بالسينمائيين الشباب. ويهدف مهرجان صيف الأوداية، حسب المنظمين، إلى تثمين الموقع التاريخي لقصبة الأوداية، التي تحولت حدائقها ومتاحفها إلى فضاءات للاحتفاء بالطرب المغربي، كما يروم خلق نشاط فني وثقافي يشكل قيمة مضافة لضفتي وادي أبي رقراق تساهم فيه فعاليات مختلفة، ويكون محطة يطل من خلالها العابرون لأزقة ودروب قلعة الأوداية الصامدة.