فتحت قصبة الأوداية التاريخية بالرباط أبوابها مرة أخرى ، مساء أمس الخميس ، لاستقبال جمهور الدورة الأولى لمهرجان "صيف الأوداية فن وثقافة"، للاستمتاع في آخر أمسية من أماسي هذه التظاهرة بإيقاعات الأطلس من أداء الفنان محمد رويشة ونغمات العود من عزف سعيد الشرايبي. كان اللقاء في البداية مع العازف على آلة (لوتار) التقليدية المتناغمة مع آلة العود الفنان محمد رويشة الذي توجه المهرجان أمس ب`"الخلة الذهبية"، والذي قدم للجمهور بعضا من أجمل إبداعاته التي تغرف الأغنية الأمازيغية التقليدية والشعبية اللتين تألق فيها. بدأ الفنان محمد رويشة ، ابن خنيفرة ، العزف قبل نحو خمسة عقود في الأوساط الموسيقية التقليدية، ومنذ ذلك الحين وهو يتألق في سماء الأغنية الأمازيغية كمؤلف وملحن ومغن فارضا مكانته سواء داخل المغرب وخارجه، بفضل أعماله التي تغني للحب والطبيعة والحياة. بعد ذلك التقى جمهور المهرجان الذي نظمه المجلس الوطني للموسيقى على مدى سبعة أيام بلياليها، مع الملحن والعازف سعيد الشرايبي رفقة آلة العود التي لا تفارقه، وقد قدم لعشاق سلطان الآلات الوترية معزوفات تؤرخ لأقوى ما أبدعه طوال مسيرته الفنية المتألقة. هدوء الحدائق الأندلسية بقصبة الوداية تحول في هذه الأمسية الدافئة إلى سمفونية موسيقية مع ريشة الشرايبي التي كانت تحركها أنامله بخفة ومهارة الأستاذ الكبير المتمكن من آلته، مؤدية ألحانا شجية مستلهمة من الموسوعة العربية الأندلسية والتركية والفارسية، زادها صوت أمواج جمالا وبهاء. يشار إلى فعاليات الدورة الأولى من "مهرجان صيف الأوداية فن وثقافة"، الذي نظم بتعاون وشراكة مع عدد من الفعاليات منها ولاية جهة الرباط-سلا-زمور-زعير ومجلس مدينة الرباط، وبدعم من وزارة الثقافة، تميزت بتنظيم معرض تشكيلي ضم لوحات مجموعة من الفنانين رسم كل واحد منهم قصبة الأوداية بطريقته الخاصة. والتقى جمهور المهرجان، طيلة أيام هذه التظاهرة مع نخبة من الفنانين المرموقين كعازف العود المغربي إدريس الملومي، والسوبرانو سميرة القادري، ومجيد بقاس، مبدع "إفريقيا كناوة بلوز"، وعازف البيانو، توفيق ولد عمار، والإخوان عكاف، المجددون في الموسيقى الأمازيغية، إلى جانب الفنان الصاعد، نصر ميكَري. كما اشتمل برنامج المهرجان التي أراد له منظموه أن تكون أمسياته الفنية والفكرية مفتوحة في وجه العموم، عرض مجموعة من الأعمال السينمائية بتعاون مع المعهد العالي للسينما والسمعي البصري، وذلك بهدف تشجيع الإبداعات والمبدعين السينمائيين المغاربة. وهدف مهرجان صيف الأوداية - حسب المنظمين - إلى تثمين الموقع التاريخي لقصبة الأوداية التي تحولت حدائقها ومتاحفها إلى فضاءات للاحتفاء بالطرب المغربي، كما رام خلق نشاط فني وثقافي يشكل قيمة مضافة للعدوتين الرباطوسلا تساهم فيه فعاليات مختلفة من المجتمع المدني. يذكر أن المجلس الوطني للموسيقى، عضو المجلس العالمي للموسيقى التابع لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، الذي يرأسه الفنان حسن ميكري، توج مؤخرا السوبرانو سميرة القادري ومروض آلة العود إدريس الملومي بجائزة "زرياب المهارات" لسنة 2011.