اللجنة الوطنية للموسيقى تمنح جائزة الفارابي للفنان والباحث مجيد بقاس بعد عازف العود المغربي الكبير سعيد الشرايبي والفنانة سميرة القادري وزبيدة الإدريسي وبلعيد العكاف، يتسلم الفنان مجيد بقاس مساء اليوم الأربعاء على الساعة السادسة والنصف بمسرح محمد الخامس بالرباط جائزة الفارابي للموسيقى، التي تمنحها اللجنة الوطنية للموسيقى. والجائزة ليست في حقيقة الأمر سوى اعتراف بموهبة هذا الفنان الكبير، اعتراف بإصراره على التحليق بتراثنا المغربي في أبعاده الامازيغية الإفريقية إلى الكون، اعتراف بإشعاعه خارج حدود المغرب كأحد وجوه موسيقى البلوز الإفريقي بحركاته الكناوية، أحد أمهر عازفي الآلات الوترية من الهجهوج الكناوي إلى الغيتار والعود، من هذا المنطلق يمكن اعتبار الجائزة بمثابة إضافة قيمة لمسار هذا الملحن المبدع، ومبتكر صنف موسيقي يحمل بصمة الخصوصية أطلق عليه البلوز الكناوي الإفريقي ويتميز بنهله من الموسيقى الكناوية والروحية على العموم ومزجها بموسيقى الجاز والبلوز في أصوله الإفريقية. وعن علاقته بالفن الكناوي الذي لازمه منذ الصغر نظرا لنشأته في وسط كناوي، يقول مجيد بقاس بهذا الخصوص «موسيقى كناوة هي التي اختارتني، فأنا ابن سلا، ترعرعت في وسط كناوي، وتتلمذت على يدي المعلم باحمان، رحمه الله، وكنت أحضر ليالي كناوة منذ صغري، لذلك وجدت نفسي في موسيقى كناوة بشكل تلقائي. ويتميز التراث الكناوي بالإيقاع الثلاثي والمقامات الخماسية وطابعها الإفريقي الذي له صبغة خاصة، وهذا ما يجعلنا في موسيقى كناوة نقف على تنوع كبير، مثلا الموسيقى الأندلسية نعرف جذورها العربية الأندلسية أما الموسيقى الكناوية فجذورها إفريقية. إضافة إلى ذلك درست الموسيقى الكلاسيكية، والجاز، وحاولت توظيف الموروث الثقافي الموسيقي في مجمل ألبوماتي». وتتكون مجموعة مجيد بقاس من أصدقاء له أوروبيين ومغاربة، وهم لويس كلافيس، عازف المزمار الفرنسي، وسعيد العلمي، وعلي كيتا، عازف البالافون من مالي، ومينونو غاراي، عازف الإيقاع الأرجنتيني، و برادجووتر، والمبدع الانتقائي، الذي لا يقبل التصنيف، والذي حصل مع الفنان مجيد بقاس سنة 2004 على جائزة «دانجو الذهبية» لموسيقى العالم، التي تمنحها الجمعية الفرنسية للفنون والثقافة بباريس، لابتكار بقاس أسلوب «بلوز كناوة الإفريقي». إضافة إلى رامون لوبيز، قارع الطبل الفرنسي النشيط، الحائز على وسام «فارس الفن والأدب» تقديرا لأهمية فنه وإشعاعه في فرنسا، وموسيقيين متخصصين في فن كناوة من سلا، يشتغلون مع بقاس منذ سنوات. ويحرص الفنان والباحث في موسيقى كناوة مجيد بقاس على أن يسود جو الصداقة داخل هذه المجموعة ويؤمن في قدرة الفن والموسيقى على خلق حوار بين الشعوب ويقول أن الفنانين حققوا ما عجز عن تحقيقه السياسيون، إذ استطاعوا أن يجعلوا ن الموسيقى لغة واحدة لا تعترف بالحدود. وعن تجربته الغنية في خلق تلاقح بين موسيقى الجاز والتراث الكناوي يقول: «من الجيد استعمال الجاز إلى جانب الموسيقى التراثية. طبعا هناك خطورة في بعض الأحيان، لكن فقط يجب معرفة كيفية الاشتغال حتى لايضيع التراث ولا يذوب وسط الإيقاعات الغربية. بالنسبة لي في غالب الأحيان أتعامل مع موسيقيي الجاز الذين يشتغلون على الموسيقى الروحية، وجذورها هي الأخرى إفريقية، الأمر وهو ما يعطي في غالب الأحيان انسجاما واضحا في العمل.» كما تجدر الإشارة إلى أن الفنان مجيد بقاس هو في نفس الوقت مدير مهرجان شالة للجاز وانطلاقا من إيمانه بقدرة الفن على خلق حوار بين الثقافات وما بين الشعوب، وهذه نقطة أساسية في مهرجان الجاز، الذي استطاع أن يجلب إليه اهتمام الموسيقيين العالميين الذين أصبحوا يشهدون على أنه محطة هامة في تبادل المعرفة الموسيقية، كما أصبحت هذه التظاهرة على يديه «موعدا سنويا يقبل عليه الجمهور بشكل كبير، هذا ناهيك عن استقدام العديد من الفنانين المغاربة، للمشاركة في دورات المهرجان، هذه الأسماء التي انطلقت إلى الشهرة ومازالت تواصل مسيرتها وحققت بعض الإنجازات، نذكر من بينها رشيد زروال عازف الناي، الذي سجل ألبوما مع مجموعة «كلوباط ماسترزس» بألمانيا، وقام بعدة جولات، وصالح الشرقي مع عازف القيثارة الإسباني بيدرو صولير، ومع بينياد شياري مغني الباسك، وعلي علوي، الذي سجل مع الفنانين الاسبان ألبوما في برشلونة أعقبته جولة شملت مجموع التراب الاسباني. وشارك بقاس في تظاهرات عالمية مرموقة منها “غرونوبل جاز” و”وميكس” و “مهرجان الصويرة”. وعن اختيار اللجنة الوطنية للموسيقى اسم مجيد بقاس للظفر بهذه الجائزة القيمة يجمل رئيسها ، الفنان حسن ميكري، أسباب هذا التتويج في كون مجيد بقاس، مبدع “بلوز كناوة الإفريقي”، ساهم في الإشعاع العالمي لهذا التعبير الموسيقي الجديد المستوحى من “الجذبة” الكناوية، والتي أضفى عليها لمسات نتيجة بحثه في فني الجاز والبلوز الأفريقي. ويضيف ميكري بهذا الخصوص، أن بقاس يستحق بذلك أن يكون ممثلا للثقافة الكناوية المستوحاة من التراث الموسيقى الأصيل، العربي والأمازيغي والأفريقي والصوفي، خاصة أنه استطاع أن يحافظ على خصوصية هذا النوع مع اشتغاله على أشكال موسيقية قريبة منها. هذا ومن المرتقب هذا المساء أن تحيي حفل تسلم مجيد بقاس الجائزة بالمسرح الوطني محمد الخامس “مجموعة العكاف الموسيقية”.