احتفلت منظمة العفو الدولية قبل أيام بعيد ميلادها الخمسين، وتتواصل، عبر مختلف فروع وهياكل المنظمة، أنشطة وفعاليات ومناقشات حول كل هذا المسار الممتد على نصف قرن من النضال الحقوقي، الذي ساهم فيه نشطاء المنظمة وأعضاؤها الذين يبلغ عددهم حتى الآن نحو ثلاثة ملايين موزعين على 150 دولة عبر العالم. أمنيستي، التي تعد اليوم أكبر منظمة حقوقية دولية غير حكومية، رافقت مسار النضالات التي خاضها الشعب المغربي وقواه التقدمية منذ عقود، وكان مناضلوها في مختلف جهات الكون يجسدون واحدة من أهم نوافذ التضامن العالمي مع المعتقلين السياسيين المغاربة طيلة سنوات الرصاص، كما أن العديد من المغاربة راكموا خبرات في مجال العمل الحقوقي ضمن هياكل هذه المنظمة التي يوجد مقرها في لندن، وبات عدد منهم اليوم من الخبراء المشهود لهم بالدراية والحرفية في هذا المجال، فضلا على أن الفرع المغربي لمنظمة العفو الدولية يعتبر من أنشط فروع وهياكل المنظمة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبالإضافة إلى ما يتمتع به من تقدير ومصداقية داخل المغرب، فهو أيضا محط إعجاب داخل الحركة العالمية لحقوق الإنسان، وهذا النجاح نفسه يعتبر عنوانا لاستثناء مغربي في المنطقة، لابد من تقويته ودعم هذا التراكم الإيجابي في العلاقة وفي التفاعل. لا تكتفي أمنيستي بتأطير المعارك والحملات دفاعا عن حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، إنما يشهد لها أيضا بالتميز والحرفية في الأبحاث والرصد والتقارير، علاوة على أنها، تقدم، في المغرب مثلا، خبرات تكوينية وتدريبية في مجال التربية على حقوق الإنسان لفائدة المدرسين وأيضا لموظفي قطاعي الصحة والعدل وأيضا لفائدة قوات الأمن والصحفيين، حتى أنها باتت مرجعا على صعيد تعميم ثقاة حقوق الإنسان وتقوية التمكين لفائدة كل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، ولفائدة الجمعيات المحلية، وفرعها المحلي اليوم يرتبط بالعديد من اتفاقيات الشراكة مع وزارات وإدارات ومؤسسات رسمية ومدنية، وهي التجربة التي صارت تقدم في العديد من البلدان العربية والمغاربية والإفريقية للاستفادة من إيجابياتها. أمنيستي التي تستحضر في عامها الخمسين روح مؤسسها المحامي البريطاني بيتر بيننسون الذي قام في 1961 بواسطة مقال صحفي بالانتصار لطالبين برتغاليين تعرضا للاضطهاد والسجن بسبب مطالبتهما حكومتهما بمزيد من الحريات، تركز هذه السنة على أهداف ستة هي: حرية التعبير، إلغاء عقوبة الإعدام، الحقوق الإنجابية للنساء في نيكاراغوا، إحقاق العدالة الدولية في الكونغو، محاسبة الشركات الضخمة في دلتا النيجر وإنهاء الظلم والقمع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وهي تواصل هذه الأيام سلسلة أنشطتها الاحتفائية باليوبيل الذهبي في نحو 60 بلدا، وذلك من خلال حملة عالمية ضد القمع وانعدام العدالة، ويساهم نشطاء المنظمة في المغرب، بدورهم، في هذه الفعاليات في تفاعل مع الحركة الحقوقية المغربية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الديمقراطية التي كانت، عبر تاريخها النضالي، تجد في أمنيستي السند والحاضن لتطلعات المناضلين من أجل الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان. عيد ميلاد سعيد ومسيرة دائما متجددة ومبدعة...