عباس يربح وحدة التمثيل ويراهن على تجنب خسارة تمويل السلطة رأى سياسيون واقتصاديون فلسطينيون أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ربح من انجاز توقيع اتفاقية المصالحة بين فتح وحماس وحدة التمثيل الفلسطيني قبيل توجهه إلى الاممالمتحدة في سبتمبر المقبل. إلا أن هؤلاء المحللين، اعتبرو أن عباس بالمقابل، يراهن على التمويل المالي الذي حظيت به السلطة الفلسطينية من الولاياتالمتحدة الاميركية، ومن المستحقات الضريبية التي تحولها اسرائيل للسلطة الفلسطينية بشكل شهري. وقال سمير عوض أستاذ الدراسات الدولية في جامعة بيرزيت إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومن وراء توقيع اتفاقية المصالحة بين فتح وحماس “سحب البساط من تحت رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لطالما شكك في شرعية تمثيل محمود عباس للشعب الفلسطيني”. واضاف عوض “الان ابو مازن يستطيع الذهاب الى الاممالمتحدة في سبتمبر المقبل، والمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية بصوت فلسطيني واحد وموحد”. وشكك مسؤولون اسرائيليون بشرعية تمثيل الرئيس الفلسطيني للشعب الفلسطيني، في ظل حالة الانقسام الداخلي طوال الاربع سنوات الماضية، بين حماس التي سيطرت على غزة وفتح التي قادت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وفي حين يبدي البعض تشاؤما من إمكانية تنفيذ اتفاق المصالحة على الارض، خاصة وأن حركتي فتح وحماس توصلتا سابقا لاتفاق في اليمن وآخر في مكة ظلا حبرا على ورق. إلا أن عوض أشار إلى بعض التفاؤل “في غياب العناصر الخارجية التي كانت تعيق المصالحة بين الجانبين”. وقال “النظام المصري السابق كان يضغط على السلطة الفلسطينية، لتأكيد تمسكه بزمام التسوية مع إسرائيل، والنظام السوري كان يضغط بالمقابل على حماس لرفض اي اتفاقية مصالحة”. وأضاف “هذان العنصران غائبان الان، مع إضافة العنصر الشعبي الذي ضغط على الطرفين للمصالحة، لذلك أعتقد أن الامور ستسير على الارض أيضا”. إلا أن المحلل السياسي عبد المجيد سويلم قال إن هناك فرقا بين التوقيع على الاتفاقية وبين تطبيقها على الارض. وقال سويلم “التطبيق على الارض محفوف بالتهديدات، خاصة وأن ما تم الاتفاق عليه لغاية الان فقط مبادىء عامة، وعند تشكيل الحكومة المؤقتة بالتأكيد ستكون هناك تهديدات”. وألمحت الولاياتالمتحدة الاميركية واسرائيل بامكانية تغيير علاقتها مع السلطة الفلسطينية في حال تم تشكيل حكومة فلسطينية جديدة لا تعترف باسرائيل وتنبذ العنف. واتفق سويلم مع عوض بأن الرئيس الفلسطيني محمود ربح من توقيع هذه الاتفاقية وحدة تمثيله للشعب الفلسطيني. وقال “ما يهم الرئيس ابو مازن هو أن يذهب إلى الاممالمتحدة دون ان تستطيع إسرائيل التشكيك في شرعية المؤسسة الفلسطينية الواحدة الممثلة للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده”. ومن المتوقع ان تتوجه القيادة الفلسطينية في سبتمر المقبل، إلى الاممالمتحدة للمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقال سويلم “الرئيس عباس يريد الذهاب الى الاممالمتحدة بمؤسسة فلسطينية واحدة”. وحول ما يمكن ان يخسره الرئيس عباس من توقيع هذه الاتفاقية، قال سويلم “إذا أصرت حماس على استبعاد رئيس الوزراء الحالي سلام فياض، فإنه هذا اأامر يعتبر خسارة للرئيس عباس، خاصة وأن فياض شخصية مقبولة دوليا تؤمن وصول المساعدات المالية للسلطة”. من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن الخسارة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية جراء اتفاق المصالحة يحكمه بالدرجة الاولى “اتجاه تطور علاقة السلطة مع الاطراف العربية والدولية”. وقال “اذا نجحت اسرائيل والولاياتالمتحدة الاميركية في اقناع المجتمع الدولي باتخاذ عقوبات ضد الحكومة الفلسطينية الجديدة، فان هذا الامر بالتأكيد سيحدث تأثيرا سلبيا على الاقتصاد الفلسطيني، وستكون هناك ارباكات مالية”. وأضاف عبد الكريم “ لكن اذا تطورت علاقة السلطة مع العالم العربي الذي رعى المصالحة السياسية، والتزم العالم العربي بزيادة المساعدات المالية المقدمة للسلطة فان هذا الامر سيؤدي الى موقف ايجابي مماثل من الاتحاد الاوروبي”. وبدأت اسرائيل قبل ايام، باستخدام الورقة الاقتصادية والتلويح بها في وجه الفلسطينيين، حين اعلنت تجميد حوالي 105 مليون دولار، مستحقات ضريبية للسلطة الفلسطينية عن شهر نيسان/ابريل الماضي. واعلن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الثلاثاء عن ازمة اقتصادية تعيشها مؤسسات السلطة الفلسطينية بسبب القرار الاسرائيلي، وطالب الدول المانحة الاجنبية والعربية بتوفير المساعدات المالية بشكل عاجل. نتانياهو: اتفاق المصالحة الفلسطينية “ضربة قاسية للسلام” هذا وقال رئيس الوزراء الاسرائيسلي بنيامين نتانياهو أول أمس الاربعاء إن اتفاق المصالحة هو “ضربة قاسية للسلام”. وصرح نتانياهو للصحافيين في لندن حيث من المقرر ان يجري محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون “ما حدث اليوم في القاهرة هو ضربة قاسية للسلام ونصر عظيم للارهاب”. ووقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) خالد مشعل اتفاق مصالحة في العاصمة المصرية الاربعاء لانهاء اربع سنوات من الخلاف. وأشار نتانياهو إلى الادانة التي صدرت عن حركة حماس لمقتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في عملية عسكرية اميركية في باكستان والى اتفاق القاهرة الذي اعتبر انه سيضر بفرص التوصل الى اتفاق سلام في الشرق الاوسط. وقال “قبل ثلاثة ايام مني الارهاب بهزيمة مدوية بالقضاء على بن لادن. واليوم في القاهرة حقق الارهاب انتصارا”. وأضاف “عندما يحتضن ابو مازن (محمود عباس) رئيس السلطة الفلسطينية، حماس، المنظمة التي دانت قبل يومين العملية الاميركية ضد بن لادن واشادت به كثيرا على انه شهيد عظيم يقتدى به، وعندما يحتضن عباس هذه المنظمة الملتزمة بتدمير اسرائيل .. فانها نكسة كبيرة للسلام وتقدم عظيم للارهاب”. واشار الى ان “السبيل الوحيد الذي يمكننا من خلاله تحقيق السلام هو مع جيران يريدون السلام. اما الذين يريدون القضاء علينا، ويمارسون الارهاب ضدنا، فهم ليسوا شركاء سلام”. بدوره، شكك يوفال ديسكين رئيس جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (الشين بيت) المنتهية ولايته، في نجاح اتفاق المصالحة الذي وقعته الفصائل الفلسطينية. وصرح ديسكين امام عدد من المراسلين العسكريين الاسرائيليين “اعتقد ان احتمال حدوث مصالحة حقيقية بين فتح وحماس خلال سنتين او ثلاث يؤدي الى وصل غزة بيهودا والسامرة(الضفة الغربية) هو صفر”. حذر أوروبي تجاه إتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية على صعيد متصل، أكد مصدر أوروبي أن التكتل الأوروبي الموحد بانتظار الإطلاع على تفاصيل توقيع إتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية. وقال المصدر الأوروبي في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “لا نزال بانتظار التفاصيل، ولكننا من حيث المبدأ نعتبر أن المصالحة تشكل عاملاً هاماً على طريق السلام” في المنطقة. وأضاف المصدر “المصالحة هي فرصة جديدة تساعد على السير في طريق السلام، ولكننا نصر على ضرورة تحليل التفاصيل وإنجاز إتصالاتنا مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية”. وعبر المصدر عن قناعة أوروبا الثابتة بضرورة التعامل مع الفلسطينيين حسب أفعالهم وليس تصريحاتهم، وقال “ننتظر حتى نرى آليات تطبيق الإتفاق وأداء الحكومة الفلسطينية، خاصة لجهة تنظيم الإنتخابات الفلسطينية” القادمة. وأعاد المصدر التذكير بموقف أوروبا “الثابت” تجاه ضرورة التوصل إلى حل الدولتين وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر المفاوضات.