كشف الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك القائد العام السابق للقوات الإمريكية في اوروبا، التي تتضمن تغطية 89 بلدا في أوروبا، وأفريقيا والشرق الأوسط، والذي كان قائدا أعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا بين عامي 1997 و2000، في مؤتمر لمجموعة «الديمقراطية الآن»، انعقد يوم 2 مارس 2007 بالولايات المتحدة، أنه علم في نوفمبر 2001، أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش أعدت خطة لغزو العراق وإسقاط الرئيس العراقي صدام حسين. وقال الحنرال الذي ترشح عن الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية ان هذه الخطة هي جزء من حملة أوسع نطاقا من المقرر أن تنفذ ما بين 2007 و 2012 وتشمل السيطرة أيضا خمس دول عربية هي سوريا ولبنان وليبيا والصومال والسودان. ويذكر أن الجنرال الأمريكي كان قد حذر في 17 نوفمبر 2003 من نكسة عسكرية في العراق، ونقلت صحيفة «يو اس اي توداي» الامريكية عن كلارك قوله «من الصعب جدا على الولايات المتحدة ان تلقي بالمشكلة على كاهل الساسة الجدد في بغداد، اذا استمر صدام طليقا». واضاف كلارك ان القبض على صدام حسين يجب ان يكون في «رأس الاولويات». وكان الحاكم الامريكي في العراق بول بريمر قد أعلن قبل ذلك ب 48 ساعة على القناة التلفزية «فوكس نيوز» أنه يجب قتل صدام حسين. في كتاب «وصايا الذبيح» للأستاذ وليد حسني، يذكر بالرسالة التي كان الرئيس صدام حسين قد وجهها من سجنه سرا إلى القمة العربية التي عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم. الرسالة المؤرخة في 23 مارس 2006 تتحدث عن خطط صهيونية مسبقة لتفتيت وتجزئة الوطن العربي، ويستند الرئيس إلى وثيقة تعود لعوديد ينون الذي كان مستشارا لمناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل، وهي بعنوان «استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات»، وجاء فيها «إن بقاء إسرائيل مرتبط بالنجاح في تقسيم الأقطار العربية كلها سواء في المشرق أو المغرب العربيين، وإن نجاح خطة التقسيم هذه يحتم تعاون إسرائيل مع دول الجوار غير العربية، كتركيا وإيران في آسيا، وأثيوبيا وأوغندا وغيرهما في أفريقيا، إضافة للركن الثاني لنجاح الخطة، وهو دعم الأقليات الإثنية أو الطائفية أو الدينية في الوطن العربي، وتشجيعها على الانفصال بكافة الطرق». ويضيف المؤلف: «واستنادا لهذه القراءة الخاصة لصدام حسين وما تعرض له العراق من احتلال، فإنه تمسك بربط ما يجري في العراق بما يجري في فلسطين، وبما سيجري لدول عربية أخرى مستقبلا». ويضيف «وفي هذا الإطار، يوضح صدام حسين رؤيته قائلا: إن ما قسما هاما من المشاكل التي تواجه عددا من الأقطار العربية التي تختلف مع واشنطن الآن، ما هو إلا إعداد لعمل مستقبلي ضدها. ويشير إلى الموقف الأمريكي من سوريا، فبالرغم من علاقة التعاون الوثيق التي نشأت بين دمشقوواشنطن خصوصا منذ الحرب على العراق سنة 1991، التي اشتركت فيها دمشق عسكريا، فإن واشنطن أبقت خطة السيطرة على سوريا واحتوائها حية ولكن مؤجلة للزمن المحدد لها. البداية يسجل الملاحظون أن حركة الاحتجاجات المطالبة بالاصلاحات السياسية والاقنصادية بدأت بشكل سلمي في سوريا يوم 4 فبراير 2011. وكتبت وسائل إعلام غربية حينها أنه بعد ثلاثة أشهر من الإنتفاضات التي اجتاحت المنطقة العربية، لم تشهد سوريا احتجاجات تستحق الذكر. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن المعارض السوري والسجين السياسي السابق عبد العزيز الخير أن الأوضاع لا بد ان تتغير إزاء الأجواء السائدة في المنطقة. ولكن الخير اعترف بأن الوضع في سوريا أصعب منه في البلدان الأخرى وان انحسار زخم الاحتجاجات في هذه البلدان كان له تأثيره. وأضاف أن ما يحدث في ليبيا تسبب في «تثبيط المواطنين بعض الشيء» مشيرا إلى المصاعب التي تواجه المعارضين الليبيين. عندما تجمع شبان سوريون في 23 فبراير للتضامن مع الانتفاضة الليبية قامت قوى الأمن بمطاردتهم، واعتقلت 14 متظاهرا أُفرج عنهم بعد ساعات. ولاقت التجمعات المطالبة بالإصلاح ردا أخف. ففي 16 فبراير تجمع أزيد من 500 شخص بصورة عفوية في منطقة الحريقة في دمشق بعدما اعتدى شرطي على مواطن إثر مشادة حول مخالفة مرورية. وتحدى المواطنون قوى الأمن والشرطة بمواصلة التظاهر أكثر من ثلاث ساعات. ولم يتفرقوا إلا بعدما حضر وزير الداخلية سعيد سمور وتعهد بمعاقبة الشرطي المعتدي. وفتح المحتجون السوريون صفحة على موقع فايسبوك باسم «الثورة السورية 2011» يدعون فيها إلى التظاهر ضد الفساد والقمع. وكسبت الصفحة خلال أيام حوالي 47 ألف نصير. وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد صرح في مقابلة صحفية اجرتها معه صحيفة «وول ستريت جورنال» الامريكية نشرتها يوم الاثنين 31 يناير 2011 إنه لا يوجد احتمال في أن تنتشر الاحتجاجات التي شهدتها وتشهدها تونس ومصر إلى بلاده التي يحكمها حزب البعث منذ حوالي خمسين عاما، وأضاف أن الطبقة الحاكمة في دمشق «شديدة الالتصاق بما يؤمن به الشعب السوري،» وانه لا يوجد في سوريا سخط على الدولة، ولذا فلا داعي للحكومة لأن تغير سياساتها. وقال الأسد: «هذا هو الموضوع الجوهري، فعندما يكون هناك اختلاف بين السياسات التي تتبعها الحكومة وبين مصالح الشعب، يتولد فراغ قد يؤدي إلى إختلالات» مضيفا أن أولوية حكومته هي ضمان الاستقرار ومن ثم تحرير الاقتصاد بشكل تدريجي. واضاف: «لذا يأتي الأمن بالمرتبة الأولى، من اجل ضمان الاستقرار وتحصين المجتمع ضد التطرف، ثم يأتي الجانب الاقتصادي في المرتبة الثانية». ودافع الرئيس السوري عن السياسات الداخلية التي تتبعها حكومته بالقول إنها «بدأت في إشراك الشعب في عملية صنع القرار وذلك بالسماح بفتح الجامعات الخاصة وتحرير القطاع المصرفي والسماح للمؤسسات الإعلامية الخاصة بالعمل في البلاد. وأضاف: «ان الوضع أفضل مما كان عليه قبل ست سنوات، ولكنه ليس مثاليا. ما زال أمامنا طريق طويل في مجال الإصلاح». وخارج إطار الاحتجاجات وحول الموضوع النووي قال الأسد ان بلاده لن تمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصريح دخول غير مشروط للمواقع النووية المحتملة معتبرا ذلك خرقا للسيادة السورية. وكانت الوكالة قالت أن اليورانيوم الذي عثر عليه في موقع دمرته إسرائيل عام 2007 ربما يشير إلى نشاط نووي سري. روايات متناقضة بعد أسابيع قليلة من تصريحات الرئيس السوري لصحيفة «وول ستريت جورنال» تبين أن تقديراته كانت خاطئة. فيوم الثلاثاء 15 مارس أنطلقت مظاهرات كبيرة طالبت بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ورفع المتظاهرون شعار: «حرية ... حرية». الحركة الاحتجاجية تركزت في درعا جنوبدمشق. هنا تتباين الروايات حول كيفية تحول المظاهرات إلى مواجهات دامية. تقول المعارضة السورية أن قوات الأمن والمخابرات السورية واجهت المحتجين بالرصاص الحي فتحول الشعار إلى «إسقاط النظام». الحكومة السورية تقول من جانبها أن جماعات مسلحة اندست بين المتظاهرين وأطلقت النار على قوات الأمن وخربت الممتلكات العامة والخاصة، وقامت لاحقا بنصب كمائن للجيش والشرطة، وأن تدخل القوات النظامية جاء لضرب الجماعات المسلحة الموجهة من الخارج أو من طرف ما سمته القوى المتطرفة. من هنا عاد العالم ليشهد محاولات قوى عديدة لركوب حركة التطور، وتمهيد الطريق للتدخل السياسي والاقتصادي والعسكري. ركوب حركات التطور على مدى التاريخ كانت الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في كل الدول والمجتمعات محكومة بحتمية الانتقال من مرحلة إلى أخرى وذلك طبقا لنظريات التطور والتحول التي تحكم الجنس البشري. كتاب التاريخ كانوا في أغلب الأحيان هم من يحكمون على نجاعة أو فشل هذه التحولات في تحقيق أهداف الذين يقودون عملية التطور والانتقال والتغيير، أو من حيث تمكنها من خلق مجتمعات أفضل أولا بالنسبة لمواطنيها ثم بعد ذلك لجوارها الإقليمي. كذلك على مدى التاريخ وخاصة منذ أن تشعبت وتعقدت تركيبات المجتمعات والدول وقامت الإمبراطوريات وتزايدت الصراعات بينها، تولدت عملية تداخل التأثير على حركة التطور من خارج محيطها. هذا التدخل الخارجي كانت له جوانبه السلبية أحيانا والإيجابية أحيانا أخرى. التأثير السلبي حسب حكم التاريخ كان أخطر خاصة عندما تعلق الأمر بتدخل القوى الأجنبية ذات الأطماع الاستعمارية والتوسعية لتوجيه عملية التطور الطبيعية في مجتمع ما أو دولة في الاتجاه الذي يخدم هذه القوى الطامعة. خلال القرنين الماضيين شهد العالم تدخل العديد من القوى الإستعمارية في مسيرة التطور أو التحول خاصة تلك التي كانت تتعثر في عدد من دول العالم، وبإسم التحديث وسداد الديون ونشر الثقافة وإنهاء عصور الظلمات أو حماية التجارة والأجانب الذين يحلون أو يعملون في دول العالم التي وصفت بالمتخلفة، تدخلت الدول الاستعمارية لفرض استعمارها أو حمايتها، محللة سلوكها بأنها تريد الخير للشعوب ولتقدم الإنسانية، وضمان الاستقرار والأمن العالميين. إعلام بمكيالين جاء في دراسة لمعهد «غلوبال ريسيرش» نشرت في بداية شهر أبريل أن وسائل الاعلام الدولية التي تتحكم في الجزء الأعظم منها التكتلات الاقتصادية العسكرية المهيمنة والموجهة لسياسات الولايات المتحدة وحلفائها، تتعامل بمكيالين مع الأحداث في المنطقة العربية، فهي لا تبرز سوى الأخبار التي تتعلق أو التي تنشرها القوى المعارضة للأنظمة، وتتجاهل الأخبار الأخرى ولو كانت ذات مصداقية كبيرة. كما أنها تلطف وتزين ما يتم الكشف عنه عن تورط أجهزة الولايات المتحدة وحلفائها في تأجيج الصراعات داخل دول عربية وإسلامية. زيادة على ذلك تقدم وسائل الإعلام هذه بعض العمليات الإرهابية التي تنفذ في دول معينة على أنها من فعل الأنظمة، خاصة إذا فشلت قوى الهيمنة الدولية في زعزعة استقرارها بأساليب أخرى. يوم 27 أبريل أشارت وكالة فرانس بريس إلى اتساع دائرة الاتهامات الموجهة من سوريا وحلفائها في لبنان إلى سياسيين لبنانيين بالتورط في تمويل الاحتجاجات وتأجيجها في سوريا. فمنذ الأيام الأولى لهذه الأحداث، وجهت وسائل اعلام سورية واخرى تابعة لقوى سياسية في لبنان وابرزها حزب الله، اصابع الاتهام إلى خصوم في لبنان وعلى رأسهم تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، بدعم المعارضين. ففي أواخر مارس، اوردت قناة «المنار» التلفزيونية التابعة لحزب الله خبرا مفاده أن «القوات السورية صادرت مقابل شاطئ اللاذقية سبعة زوارق محملة بالأسلحة والنقود والمخدرات قادمة من مدينة طرابلس» في شمال لبنان. وبعد اقل من اسبوعين، بث التلفزيون السوري ما قال انها «اعترافات خلية ارهابية» مؤلفة من ثلاثة اشخاص قالوا انهم تلقوا اموالا واسلحة من النائب اللبناني جمال الجراح المنتمي إلى تيار المستقبل، بهدف التحريض على التظاهر والدعوة إلى إسقاط النظام في سوريا. وطالب السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم السلطات اللبنانية بالتحقيق في القضية. وفي الاطار نفسه، عرض الوزير اللبناني السابق وئام وهاب عبر شاشات التلفزة صورا لشيكات بمئات الاف الدولارات بأسماء الجراح والوزير السابق محمد بيضون المتحالف مع 14 آذار وجمال خدام نجل نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام المقيم في المنفى في باريس، والذي يتهمه حلفاء سوريا بالتواصل مع شخصيات لبنانية وأجهزة إسرائيلية ضد النظام السوري. ويرى البعض ان لا وجود لدخان من دون نار في موضوع الاتهامات. ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت كريم مقدسي «أعتقد ان هناك أمرا ما يحدث وهناك تهريب للسلاح والمال من لبنان إلى سوريا مع دور لأطراف أخرى». الخط الأمريكي يوم الاثنين 18 أبريل 2001 ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن واشنطن مولت سرا مجوعات من المعارضة السورية وقناة تلفزيونية تبث برامج تنتقد نظام الرئيس بشار الأسد. وأفادت الصحيفة نقلا عن برقيات دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس ان «قناة بردى» التلفزيونية التي تتخذ مقرا لها في لندن وباشرت بث برامجها في ابريل 2009 كثفت تغطيتها لنقل وقائع موجة الاحتجاجات في سوريا على أساس التصورات والتوجيهات الأمريكية. وبحسب الصحيفة، فان قناة «بردى» قريبة من حركة العدالة والبناء، وهي شبكة من المعارضين السوريين في المنفى. وأوردت الصحيفة أن وزارة الخارجية الأمريكية قدمت لهذه الحركة ستة ملايين دولار منذ 2006. سيناريوهات ركوب واشنطن لحركة التطور في المنطقة العربية والتي طبقت خلال الأشهر الماضية بحصيلة إنجاز متفاوتة في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، تتكرر في سوريا. يوم الاربعاء 27 أبريل اعتبر السناتور الأمريكي النافذ جون ماكين في مقابلة مع فرانس برس في باريس أن الرئيس السوري «فقد شرعيته» وأن «عليه التنحي». وأقر المرشح الجمهوري السابق إلى البيت الأبيض الذي أيد بحماس التدخل الغربي العسكري في ليبيا، «لا أرى كيف يمكن ان يكون لنا تأثير عسكري في سوريا». واضاف «في ليبيا لدينا على الأقل قوة عسكرية تقاتل القذافي. لكن ليس لدينا ذلك في سوريا. ليس لدينا مجموعة، أو حتى نواة يمكن أن نساعدها جوا أو برا. هنا يجب التذكير أنه قبل التدخل العسكري لحلف الأطلسي في ليبيا قال مسئولون أمريكيون كلاما مشابها حول صعوبة التدخل العسكري. يوم الخميس 28 أبريل طالب ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي البارزين الرئيس باراك اوباما بالاعلان ان الرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته وعليه التنحي. وقال عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام والمستقل جو ليبرمان في بيان مشترك «ندعو الرئيس اوباما إلى أن يقول بشكل لا لبس فيه انه حان الوقت للأسد أن يغادر السلطة». كما دعوا اوباما الى «اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية ملموسة لعزل النظام السوري والضغط عليه» واستهداف الرئيس السوري وكبار مساعديه، محذرين من أن الوضع وصل إلى «مرحلة حاسمة». التدخل العسكري يوم الثلاثاء 26 أبريل 2011 التقى وزيرا الدفاع ورئيسا الأركان في الولايات المتحدة وبريطانيا بمقر وزارة الدفاع الأمريكية لبحث تكثيف الضغط على الزعيم الليبي معمر القذافي والوضع في سوريا حيث تدرس واشنطنولندن فرض عقوبات على دمشق، بينما تروج مصادر غربية وإسرائيلية مختلفة لإمكانية القيام بتدخل عسكري غربي ضد سوريا لتدمير قدرات الجيش السوري. في نطاق عمليات التمويه قلل وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس ونظيره البريطاني ليام فوكس يوم الثلاثاء 26 أبريل من احتمال حدوث تدخل عسكري في سوريا وقال فوكس «هناك حدود عملية للقوة العسكرية الغربية». وأوضح فوكس أنه ليس في وسع الجيشين الأمريكي والبريطاني المستنفدان بالفعل في حروب تمتد من أفغانستان عبر العراق إلى ليبيا الكثير. مصادر رصد ألمانية ذكرت أن الإدارة الأمريكية تراهن على تمرد وحدات هامة من الجيش السوري على قياداته ليتيسر لها التدخل عسكريا، وقد شرعت عدة مراكز في تأليب وحدات من الجيش على الفرقة المدرعة الرابعة التي تعتبر رأس حربة الجيش خاصة منذ حرب 1973 والحرس الرئاسي. ويشار إلى أنه على عكس الحالة في ليبيا فإن لدى سوريا جيشا مدربا بشكل جيد استطاع خلال حرب رمضان 1973 وقبل التدخل العسكري الأمريكي المستتر والكثيف، الوصول إلى مشارف الجليل الأعلى بعد استعادته لكل هضبة الجولان، وزيادة على ذلك تمتلك دمشق مئات الصواريخ أرض جو، وأرض أرض وأكثر من 500 طائرة حربية مقاتلة ومقنبلة، ويعتقد كذلك أن لديها أسلحة كيماوية مشابهة لما لدى إسرائيل وإن كان الطرفان ينفيان ذلك. صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية وبتاريخ 27 أبريل 2011 دخلت على الخط. فكتبت «سيكون من غير الدقيق إذا أن نقول أن الصراع في سوريا يجري بين العلويين والسنيين، بين قلة تمثل نحو 12 في المئة من 21 مليون من مواطني سوريا، وبين الأكثرية السنية المضطهدة الفقيرة. علاوة على السنيين الذين يستمتعون بالقرب من نظام الحكم يوجد كثير بين القبائل العلوية يطمحون إلى إبعاد الأسد ونظام حكمه. ففي شهر مارس على سبيل المثال، وقبل نشوب الاضطرابات الكبيرة، نشر رؤساء أربع عائلات علوية كبيرة منشورا تخلوا فيه عن نظام الأسد وعن جميع العلاقات التي فرضت علينا بالقوة في عهد الرئيس حافظ وابنه بشار». «السؤال هل تتطور هذه الاختلافات لتصبح تمردا داخليا داخل نظام الحكم؟ حتى الآن أظهر الجيش ولاء مطلقا لنظام الحكم». «هناك حملة لتبادل رسائل ومكالمات هاتفية مع قادة في الجيش ترمي إلى التأثير فيهم، والأمل أن يستقر رأي الرتب العليا في الجيش على أنها لم تعد محتاجة إلى عائلة الأسد للاستمرار في إدارة القوات المسلحة. في هذه الحالة قد يصبح الأسد وطاقمه مثل حزب البعث أيضا كبش فداء الجيش». «ومع عدم وجود «جيش بديل» ستضطر المعارضة إلى إدارة شؤونها مع قادة الجيش وربما تكتفي بالانجاز الذي لا يستهان به وهو طرد عائلة الأسد». منفذ مجلس الأمن في غضون ذلك لم تنجح واشنطنولندن وباريس في الحصول من مجلس الأمن الدولي أو الجامعة العربية على مدخل للتدخل في سوريا كما سبق أن حدث بالنسبة لليبيا. فيوم الأربعاء 27 أبريل فشلت الدول ال15 في مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى توافق حول بيان مشترك يدين النظام في سوريا. ورفضت روسيا والصين ولبنان بشدة البيان وحذر السفير الروسي المساعد في الأممالمتحدة الكسندر بانكين من «تدخل خارجي» قد يتسبب ب»حرب أهلية». ودعا إلى «تحقيق فعلي» في أعمال العنف و»إحالة المذنبين إلى القضاء» في سوريا. وقال السفير السوري بشار جعفري «نحن نأسف لما يجري، لكن عليكم الأخذ في الاعتبار أن هذه المشاكل والاحتجاجات تحمل في بعض اوجهها نوايا مقنعة». وفي محاولة لتجاوز معضلة الخلاف في مجلس الأمن إقترح وزير الخارجية الهولندي أوري روزنتال يوم الثلاثاء أن يعلق الاتحاد الأوروبي المساعدات لدمشق وان يفرض حظرا للسلاح وعقوبات على زعمائها. هل تسير تركيا على خط مخالف ؟ في ظل كل هذا الوضع المتشابك سواء فيما يخص الإصلاحات أو الأطماع الخارجية والخطط الاستعمارية والصهيونية، لابد من تسجيل مواقف تحد من زخم نقدم القوى التي تسعى لخوض مغامرة التدخل العسكري على الجبهة الشمالية المواجهة لإسرائيل. يوم الخميس 28 أبريل حل بدمشق في زيارة رسمية وفد تركي، يمثل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وذلك بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي التركي بحث خلاله الملف السوري بحضور السفير التركي في دمشق عمر أونهون، الذي وضع القيادة الأمنية السياسية لتركيا في أجواء الوضع القائم في سوريا منذ اندلاع الاضطرابات ونتائج لقاءاته المسئولين السوريين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء عادل سفر، الذي نقل عنه السفير التركي قوله أنه سيتم إعداد سلسلة من الإصلاحات وعرضها على الأحزاب السياسية والحكومات المحلية للموافقة عليها في الأيام المقبلة. الوفد التركي ضم مدير الاستخبارات التركي حاقان فيدان إلى جانب وكيل معهد التخطيط الحكومي. يذكر أن مصادر غربية كانت قد أفادت خلال الأشهر الثلاث الأولى من سنة 2011 أن حاقان فيدان، نقل شخصيا إلى القاهرة وصتعاء وطرابلس تقارير مفصلة عن مخططات أجنبية لضرب القدرات الاقتصادية والعسكرية والمالية لهذه الاقطار عن طريق استغلال الحركات المحلية المطالبة بالإصلاح ودفعها نحو الفوضى والتدمير والتخريب والإرهاب. بعد لقاء الوفد التركي مع الرئيس الأسد، أكد وزير الاعلام السوري عدنان محمود ان السلطات السورية مصممة على «متابعة عملية الاصلاح الشامل»، مؤكدا على تلازم هذا المسار مع إعادة «استتباب الأمن والاستقرار والطمأنينة» للمواطنين. كما نفت دمشق التقارير التي تحدثت عن استقالات في حزب البعث الذي يضم زهاء 2.3 مليون عضو، وكذبت التقارير التي تحدثت عن سقوط مئات القتلى في صفوف المدنيين مؤكدة ان عدد القتلى من الجيش وقوى الأمن والشرطة قد بلغ منذ بدء الأحداث حتى الآن 78 فردا مقابل 70 مدنيا. وقالت مصادر دبلوماسية تركية أن الوفد تضمن مسئولين أمنيين سيضعون خبرتهم بتصرف السوريين في مجال «حفظ الأمن والتعامل مع التظاهرات بما يضمن أمن الجمهور ويمكن في الوقت نفسه الشعب السوري من التعبير». في نفس الوقت الذي كان فيه الوفد التركي يجري مباحثات في العاصمة السورية وحسب وكالة «رويترز» دعت جماعات معارضة عدة لا سيما من جماعة «الإخوان المسلمين» السورية في بيان لها بالقول: «لا تدعوا النظام يحاصر إخوانكم. اهتفوا بصوت واحد للحرية والكرامة. لا تدعوا الطاغية يستعبدكم. الله أكبر». تصالح يشير ملاحظون أنه في إطار أي سيناريو لتطور الأحداث في سوريا يرجح أن تنشغل دمشق بمشاكلها الداخلية لأشهر كثيرة مما يقلل احتمالات اضطلاعها بأي مبادرة مهمة مثل استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل بشأن مرتفعات الجولان المحتلة، أو ترجيح كفة على أخرى في الصراع الداخلي في لبنان بين القوى المناصرة لحركة المقاومة وتلك المعادية لها. غير أن الأمر الذي لم تتوقعه الدوائر التي تلعب وراء الستار لركوب حركة التطور في سوريا هو توجه الفصائل الفلسطينية وخاصة فتح وحماس إلى المصالحة وإنحسار دور القوى الاقليمية والدولية التي حالت دون عودة الوحدة إلى الصف الفلسطيني. ما كان صادما للبعض أن المصالحة تمت على أساس ورقة العمل المصرية المطروحة منذ أشهر وقبل استقالة الرئيس حسني مبارك. ذكر سمير عوض استاذ الدراسات الدولية في جامعة بيرزيت «اعتقد ان الثورات في الوطن العربي اسهمت الى حد كبير في انضاج الظروف للتوقيع على المصالحة» التي كانت متعثرة، «تلك الاحداث اوضحت للفلسطينيين ان الشعوب العربية منشغلة باوضاعها الداخلية، وهذا يعطي انطباعا للفلسطينيين بأن عليهم أن يهتموا بوضعهم المحلي وتحقيق وحدتهم». وذكر محلل غربي طلب عدم نشر هويته أن الفلسطينيين أدركوا مدى النفاق الذي كانت تمارسه بعض القوى الاقليمية تحت غطاء الدفاع عن الحقوق الفلسطينية في حين أنها كانت تبحث عن إضافة نقاط إلى رصيدها في نطاق الصراع على تقاسم النفوذ والمصالح في المنطقة العربية مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف هذا المحلل أنه لا يجب التصفيق مبكرا للمصالحة لأن هناك قوى داخلية فلسطينية وخارجية تبقي على جهودها لنسف المصالحة خاصة أن استمرار الانقسام الفلسطيني يفيد إسرائيل والولايات المتحدة قبل أي طرف آخر». واعتبر المحلل السياسي هاني المصري الذي شارك في لقاءات لمستقلين فلسطينيين مع القيادة المصرية وقيادات من فتح وحماس، إن «التغيير في الوطن العربي هو سبب رئيسي للتوقيع على اتفاقية المصالحة». وقال جورج جقمان, الذي يدير مركزا لدراسة الديمقراطية في رام الله «توقيع الجانبين على المصالحة جاء نتيجة استمرار الجهود لتحقيقها، خاصة على الصعيد الداخلي». واعتبر جقمان ان «هناك معنى سياسيا لموافقة حماس على التوقيع، يتمثل بأن حماس قررت السير في مشروع الرئيس محمود عباس في البحث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في شهر سبتمبر المقبل». وأضاف جقمان «يجب ان لا ننسى ان التوقيع لغاية الأن على الورق، بمعنى أن الانتخابات وكافة القضايا، ستبقى معلقة لمدة عام». «اللعبة» لم تنته تقول مصادر رصد ألمانية أن المصالحة الفلسطينية صدمت خاصة نظامي واشنطن وتل أبيب اللذان من المنتظر أن يكثفا محاولاتهما نسفها إضافة إلى معاقبة الأطراف التي رتبت لها. من جانبها شرعت إسرائيل الرسمية في حملة دولية لحرمان المصالحة الفلسطينية من حق الرعاية الدولية وتسويقها على أنها خطر داهم على إسرائيل. وبعد إنذار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس جاء دور تهديدات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. وقد عقد نتنياهو يوم الخميس 28 أبريل اجتماعا طارئا ل»السباعية» الإسرائيلية المسئولة عن شؤون الأمن والسياسة للبحث في عواقب قرار المصالحة الفلسطينية. وحضر الاجتماع إلى جانب الوزراء السبعة عدد من قادة الجيش والاستخبارات لتقديم تصوراتهم حول الموقف. وكان قد سبق الاجتماع توجيه اتهامات للاستخبارات بأنها لم تقدم معلومات حول الاتفاق وأنها فوجئت كما الآخرون. وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن الخط العام للحكومة الإسرائيلية تقرر فور إعلان الاتفاق وذلك عبر الإنذار الذي وجهه نتنياهو للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأشار المراسل السياسي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى مختلف السيناريوهات التي قرئت في المصالحة الفلسطينية. فاليمين يرى أن نتنياهو وجه إنذارا لأبو مازن، لكن الاتفاق مع حماس يوفر في الوقت نفسه فرصة. وتكمن الفرصة في القول إنه ليس في الجانب الفلسطيني شريك. وحينها تطالب إسرائيل بإيقاف أمريكا والاتحاد الأوروبي للدعم المالي الذي يقدمانه للسلطة والكف عن تأييد إقامة دولة فلسطينية. ومع ذلك هناك في السباعية الإسرائيلية خشية من أن لا يصل الأوروبيون إلى هذا الحد في موقفهم وأن يوافقوا على المصالحة الفلسطينية من دون اشتراط الاعتراف بإسرائيل. ويذهب بعضهم إلى ما يسميه السيناريو العربي الذي يتجه نحو وحدة قوية تقوم على فكرة سيطرة أبو مازن على السلطة وبسطها في غزة. ثم تسويق ذلك على أنه خطوة ديموقراطية وجزء من عملية الإصلاح الجارية في المنطقة العربية. ويعتبر ذلك إنجازا يطالب العالم بالاستناد إليه في اعترافه بالدولة الفلسطينية. وفي موقف مؤيد لإسرائيل أكدت مصادر رسمية في العاصمة الأمريكية أن اتفاق المصالحة الفلسطيني قد يعرض للخطر مساعدات أمريكية بمئات الملايين من الدولارات. وحذر مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون في واشنطن من أن التمويل الأمريكي لا يمكن أن يتدفق على حكومة تضم جماعة لا تزال مدرجة على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وقالت مجموعة من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين يوم الخميس 28 أبريل عقب اجتماع في تل ابيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «اختارت السلطة الفلسطينية التحالف مع العنف والتطرف على القيم الديمقراطية التي تمثلها إسرائيل». وقالت الينا روس ليتينين الرئيسة الجمهورية للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب «ينبغي ويجب ألا تستخدم أموال دافع الضرائب الامريكي لدعم من يهددون أمن الولايات المتحدة ومصالحنا وحليفتنا المهمة اسرائيل». وتمنح الولايات المتحدة السلطة الفلسطينية نحو 400 مليون دولار في المتوسط سنويا. والتقدير الشائع في إسرائيل هو أن الاتفاق الفلسطيني لن يصمد طويلا وستنجح عدة أطراف في نسفه. وفي اجتماع عقده الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله يوم الخميس مع وفد من أنصار السلام الإسرائيليين أكد أنه في رده على إنذار نتنياهو أن يختار بين السلام مع تل أبيب وحماس، هو أن على رئيس الوزراء الاسرائيلي أن يختار بين السلام والاستيطان. وأضاف إن حماس جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني في حين أن نتنياهو شريك للسلام. وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية التي ستنشأ ستتصرف وفق السياسة التي يخطها هو وأن ممثلي منظمة التحرير هم من سيواصلون إدارة المفاوضات مع إسرائيل.