ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير مطول نشرته على حلقتين يومي السبت والأحد 15 و16 مايو 2010 إن مسؤولين أمريكيين اقروا فى وقت سابق من العام الحالى بأن الجيش الامريكى ارسل مجموعة من ضباط وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) السابقين وأفراد قوات عمليات خاصة متقاعدين إلى باكستانوأفغانستان لجمع معلومات، استخدم بعضها لرصد وقتل المشتبه فى كونهم خصوم للولايات المتحدة، وأن العديد صوروا تلك العمليات على انها شريرة تم ايقافها بسرعة بمجرد بدء تحقيق. وأشارت الصحيفة إلى أن البعض وصف ذلك بالعملية الاحتيالية التي انتهت على عجل مع بدء التحقيق. وقالت الصحيفة إن مقابلات مع أكثر من عشرة مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين ورجال أعمال، ووثائق حكومية تظهر بأن التقارير المفصلة لتلك الشبكات بشأن مواضيع مثل أعمال قيادة حركة طالبان في باكستان، وتحركات المقاتلين في جنوبأفغانستان، باتت يومية ومصدرا هاما للاستخبارات. وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الامريكى ممنوع إلى حد كبير حسب التعليمات الرسمية والمعلنة، من العمل داخل باكستان وانه بموجب قواعد وزارة الدفاع الامريكية لا يسمح للجيش باستئجار مقاولين للتجسس. غير أن مسؤولين في البنتاغون قالوا إن العملية باتت مع مرور الوقت تشمل أنشطة تجسس تقليدية، مشيرين إلى أنه يتم حاليا التحقيق مع، مايكل فورلونغ، المسؤول عن تشكيل شبكة التجسس. وكشفت الصحيفة أن عملاء فورلونغ ما زالوا رغم ذلك يقدمون المعلومات مستخدمين الطرق نفسها في جمع المعلومات الاستخباراتية. وأشارت إلى أن العملاء ما زالوا يتقاضون رواتب وفقا لعقد تبلغ قيمته 22 مليون دولار، تديره شركة صناعة الأسلحة الأمريكية «لوكهيد مارتين»، ويشرف عليه مكتب البنتاغون المسؤول عن العمليات الخاصة. وذكر الناطق باسم البنتاغون جيف موريل إن البرنامج «لا يزال قيد التحقيق من قبل مكاتب متعددة داخل البنتاغون». وأضاف: «أوكد أننا ملتزمون تحديد ما إذا تم انتهاك أي قوانين أو سياسات»، فيما رفض ناطقون باسم بترايوس وقائد قوات الاحتلال الأمريكي في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال التعليق على ذلك، فيما يستمر فورلنغ في وظيفته كمسؤول مدني كبير في سلاح الجو الأمريكي. وقال مسؤول كبير في البنتاغون إنه قد تقرر اخيرا عدم تجديد العقد الذي ينتهي في نهاية شهر مايو الجاري، غير أن ملاحظين أشاروا إلى أن تلك الأخبار والتعهدات ليست سوى للتضليل وتهدئة العاصفة التي نجمت عن كشف عمليات التجسس المخوصصة. ومن بين الشركات التي تتعامل معها ال «سي آي إيه» في أفغانستانوباكستان والتي تدير شبكة تجسس خاصة يعمل فيها أمريكيون وباكستانيون وأفغان مشروع التعاون الأمني والإعلامي الأمريكي الدولي التي يديرها دان كلاريدغ المسؤول السابق المخضرم في «سي آي إيه» والمتورط في فضيحة إيران-كونترا في ثمانينات القرن الماضي. وأشارت الصحيفة الى ان الكشف عن شبكة التجسس يفضح ايضا وجود توترات بين وزارة الدفاع والاستخبارات المركزية التي تدير من جانبها حربا سرية عبر الحدود مع باكستان، وأن برقية من قائد محطة للاستخبارات المركزية في العاصمة الافغانية كابل الى البنتاغون ذكرت ان استئجار الجيش لجواسيس تابعين له قد تكون له نتائج «كارثية»، نظرا لاحتمالات التضارب بين العديد من الشبكات التى تعمل لجهات مختلفة. جزء من جبل الجليد العائم مصادر ألمانية أشارت أن ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» ليس سوى جزء صغير من جبل الجليد العائم الذي يشكل العالم السري لأجهزة المخابرات الأمريكية والعديد من الأجهزة المماثلة التابعة لدول أخرى ذات تطلعات دولية، وأن النشاطات السرية لا تتضمن الاغتيالات فقط، بل التخريب الاقتصادي والتعاون مع الجريمة المنظمة سواء العابرة للحدود أو تلك ذات البعد المحلي والحروب النفسية وتجارة المخدرات والمضاربات المالية واستخدام المؤسسات المالية وخاصة الكثير من الابناك والمنظمات غير الحكومية في العمليات السرية إلى غير ذلك. قال لورنسو مرتينس، مدير المنظمة العالمية لمكافحة المخدرات، إن ما يسمى «ببيزنس» المخدرات هو التجارة غير المشروعة الأكثر ريعية في العالم بعد تجارة السلاح، وهو يدر ما لا يقل عن 500 مليار دولار سنويا. وقد اصبحت كتلة «الاموال القذرة» تشكل اكبر «كتلة مميزة» في الاقتصاد الدولي برمته، أي أنها أكبر من الكتل المتشكلة من اموال النفط او الغاز او الذهب او تجارة الاسلحة المشروعة، ناهيك عن الصناعات والتجارات الاخرى كصناعة السيارات او الالكترونيات او الفندقية والسياحة الخ. وحسب بعض تقارير الامم المتحدة بالذات، فإن تبييض غالبية الاموال المتحصلة في تجارة المخدرات، والتي تبلغ مئات المليارات سنويا، انما يجري في الولاياتالمتحدةالامريكية. في سنة 1996 طرح نقاش علني، من قبل الكاتب والصحفي الأمريكي غاري ويب في الولاياتالمتحدة حول العلاقة بين تمويل وكالة الاستخبارات الأمريكية لعصابات الكونتراس النيكاراغويين في سنوات الثمانينات، وبين وصول نوع رديء من المخدرات إلى شوارع سان فرانسيسكو. كانت هذه المخدرات من إنتاج الكونتراس وذكر الكاتب أن إرسالها تم بحماية وكالة الاستخبارات. وقد تسبب هذا النوع الرديء في إحداث كوارث وسط الزنوج الأمريكيين في سان فرانسيسكو. ولكن وسائل الإعلام تجاهلت هذا النقاش وتجاهلت غاري ويب، الذي واصل تحقيقه إلى سنة 2004. المخابرات الأمريكية أنكرت الأمر، ولكن النتيجة المأساوية للكاتب غاري ويب الذي وجد مقتولا في بيته برصاصة في رأسه تدل على شيء ما غير طبيعي. «جغرافيا استراتيجية» في يناير 2009 نشرت صحيفة لوموند دبلوماتيك تقريرا تحت عنوان «جغرافيا استراتيجية» أشارت فيه إلى أن لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي برئاسة جون كيري برهنت على وجود تحالف بين ال»سي.آي.أيه» والمافيا الكولومبية. وفي كوستاريكا، في يوليو عام 1989، سوف يوجه الاتهام رسميا إلى نورث وسيكورد، مع آخرين من دوائر الحكم الأمريكي، لكونهم مسؤولين عن شبكة تعمل بمبدأ «المخدرات مقابل السلاح»، تم تنظيمها في هذا البلد أثناء الحرب ضد الساندينيين. وتحدثت لوموند عن نشأة الفريق الصدامي في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ودوره في عدة حروب خاصة بأفريقيا. وأشارت إلى أن فرقة الصدام تعززت هذه بشكلٍ نهائي في فييتنام. إذ استعادت وطورت أساليب القوات الفرنسية الخاصة، وذلك عبر تمويل عمليات من أموال تهريب الأفيون من لاوس وبورما (وهناك أيضا باستخدام طائرات «إير أميركا»). وتعود وجوه عناصر كانت فاشلة في عمليات سابقة مثل «جيم ويف» للظهور: شاكلي وكلاينز وسانشيز وموراليس وسيكورد و»إد» ديربورن، ورودريغيز منديغوتيا، برفقة دونالد غريغ مفتش عملاء ال»سي.آي.أيه، وجون ديمتري نيغروبونتي «المستشار السياسي» لمجمل العملية، والجنرال «جون سينغلوب»، الرئيس السابق لل»سي.آي.أيه.» في كوريا، ولاندسيل، المكلف بالعمليات من قبل البنتاغون، و»أوليفر نورث» من دائرة الاستخبارات في البحرية الأمريكية. وفي العام 1968 تم إرسال وليم كولبي إلى المكان لكي يدير عملية «الحملة المسرعة لإحلال السلام»واسمها الرمزي كان «فونيكس». والهدف منها كان ترهيب السكان المدنيين بغية تعطيل فعالية المقاومة الفييتنامية. هكذا سوف يقتل حوالى 40 ألف مشتبه بهم، في غضون أربع سنوات. لكن هذا الفريق سيحقّق نجاح الباهر في قارة أخرى. ففي مارس عام 1967، برز اسم رودريغيز منديغوتيا من بين عشرين رجلا تقريبا من الوحدات الخاصة الأمريكية نزلوا في بوليفيا لملاحقة إرنستو تشي غيفارا. وعندما أسر ال»تشي»، وهو جريح، في 8 أكتوبر عام 1967، كان هو الذي نقل الأمر بإعدامه. أزمة في المخابرات يوم الخميس 20 مايو اعلن المدير العام للاستخبارات الامريكية دينيس بلير استقالته من منصبه اعتبارا من الجمعة 28 مايو، في اول استقالة في صفوف كبار مسؤولي ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما. وقال بلير الذي ينسق عمل 16 وكالة حكومية، في بيان الى مرؤوسيه «بكل اسف ابلغت الرئيس اليوم اني سأستقيل من منصبي كمدير للاستخبارات اعتبارا من الجمعة 28 مايو». محطة «اي بي سي» ذكرت ان هذه الاستقالة جاءت بعد ان فقد مدير الاستخبارات ثقة البيت الابيض به. مصادر أخرى أفادت أن رحيل بلير جاء بعد فترة اضطراب شديد للاستخبارات الامريكية لا سيما بعد عملية القتل في فورت هود في تكساس في نوفمبر 2009 والهجومين اللذين تم احباطهما على متن طائرة في يوم عيد الميلاد وفي ساحة تايمز سكوير في نيويورك في 1 مايو. وقد تم تسليط الضوء على خلل خطير داخل اجهزة الاستخبارات الامريكية في تقرير نشر يوم الثلاثاء 18 مايو 2010حول محاولة الاعتداء في يوم عيد الميلاد. فقد اعتبرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ان «ثغرات منهجية» اتاحت للمشتبه به في هذه القضية الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب ان يستقل الطائرة ثم ان يحاول استخدام المتفجرات. وانتقد البيت الابيض انذاك بشدة عمل وكالات الاستخبارات مستهجنا النقص في عملية التدقيق في المعلومات وسوء الاتصالات بين مختلف الاجهزة. تساؤلات استقالة أو إقالة دنيس بلير دفعت الكثير من الأوساط الى طرح تساؤلات خاصة عن الدوافع الحقيقية لها وما إذا كانت ستتبعها تغييرات أخرى على رأس الوكالات الأمريكية الأمنية المختلفة. ويشار أنه عندما اختار الرئيس أوباما يوم الأحد 21 ديسمبر 2008 الاميرال المتقاعد دنيس بلير الذي شغل منصب قائد الجيوش الامريكية في منطقة المحيط الهادىء حتى العام 2002 اعتبر المراقبون ذلك محاولة جادة من جانب الرئيس الأمريكي لفرض سيطرة أكبر على الأجهزة الأمريكية الأمنية. من المناصب التي تولاها دنيس بلير رئاسة مجموعة دراسات حول استراتيجيات الدفاع، التابعة لمعهد الابحاث الدفاعية، وقد ورد اسمه في قضية صراع على المصالح. وكان معهد الابحاث الدفاعية قد سلم وزارة الدفاع «البنتاغون» تقريرا يوصي بانتاج معدات عسكرية صممتها شركة «اي دي او كوربوريشن» التي كان يعمل بلير لحسابها انذاك، والتي تتولى العديد من المهام المرتبطة بالحرب في العراق وأفغانستان. ويشار في محيط أصحاب القرار في البيت الأبيض أن دنيس بلير يعتبر من أصدقاء الرئيس الأمريكي السابق كلينتون حيث تابع دراسات في الروسية في جامعة اوكسفورد في بريطانيا في الوقت نفسه الذي كان يدرس فيها الطالب الامريكي الاخر بيل كلينتون العلوم السياسية. ومنذ تولي أوباما الرئاسة أعتبر دنيس بلير مساندا لتوجهات وزير الخارجية هيلاري كلينتون. بلير قدم قبل أسابيع من استقالته شهادة أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي نقد فيها على مدى 49 صفحة كل العناصر التي ترتكز عليها «الحتمية الديبلوماسية» لحل قضايا الشرق الأوسط، وانطلق من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ليقول إن جسامتها تفرض أعباء إضافية على الأمن القومي للولايات المتحدة، وإن الضرر الاقتصادي اللاحق بالأسواق المالية، فضلا عن الضرر الأيديولوجي اللاحق بمبدأ حرية التبادل واقتصاد السوق، يمكنه أن يمثل «مع الوقت أكبر تهديد للولايات المتحدة» ويفرض تهديدا سياسيا للديموقراطيات الليبرالية، وتهديدا استراتيجيا للأمن القومي الأمريكي. خوصصة يؤكد المحللون أنه إذا كانت الولاياتالمتحدة بشكل خاص قد شهدت مع نهاية القرن العشرين خوصصة العمليات العسكرية عن طريق ما يسمى شركات الأمن الخاصة أو المرتزقة، فإن القرن الحادي والعشرين يشهد عملية خوصصة علنية للتجسس يتم تدريجيا احاطتها بالشرعية من طرف دول المنشأ. وهذه الشركات الخاصة ستجنب أصحاب القرار في الدول المعنية من تجنب التحقيقات البرلمانية والتحايل على احترام القانون الذي تدعي الكثير من الدول الموصوفة بالدينقراطية التمسك به. يوم 8 مايو 2010 سجلت رجة على الصعيد الدولي عندما حذرت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون باكستان من انها ستواجه عواقب وخيمة جدا اذا تبين ان خيوط عملية مثل محاولة الهجوم في نيويورك، توصل اليها. لكن كلينتون اكدت ان باكستان عززت تعاونها في الحرب على الارهاب، مشددة في الوقت نفسه على ان الولاياتالمتحدة تنتظر مزيدا من التعاون. وذكرت الوزيرة الامريكية في برنامج 60 دقيقة الذي تبثه شبكة التلفزيون الامريكية «سي بي اس» قلنا بشكل واضح جدا انه اذا قادت خيوط هجوم كهذا الى باكستان ستكون هناك عواقب وخيمة جدا. وكان قد قيل أن فيصل شهزاد وهو امريكي من اصل باكستاني وابن ضابط متقاعد في سلاح الجو الباكستاني حاول تفجير سيارة في ساحة تايمز سكوير في نيويورك وتمكنت السلطات الامريكية من توقيفه قبيل اقلاع الطائرة التي استقلها الى دبي. وذكرت صحيفة واشنطن بوست في حينها ان فريقا من مكتب التحقيقات الفدرالي حل بباكستان، موضحة ان المحققين يركزون على معرفة ما اذا كانت اموال اجنبية مولت العملية. من جهته تعهد وزير الداخلية الباكستاني عبد الرحمن مالك بالتحقيق في احتمال وجود صلة بين المتهم بتنفيذ محاولة تفجير سيارة في نيويورك في الاول من مايو وبين المسلحين المتمركزين في المناطق القبلية شمال غرب باكستان، وذلك بناء على طلب من واشنطن. في حين اكد المتحدث الرئيسي باسم طالبان الباكستانية ان لا علاقة لحركته بفيصل شهزاد. اغتيالات قبل ذلك بأشهر وخلال شهر اكتوبر 2009 فجر رئيس أركان الجيش الباكستاني السابق الجنرال ميرزا أسلم بيك مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف أن شركة «بلاك ووتر» والتي أزكمت فضائحها الأنوف في العراق المحتل، والتي تستخدمها المخابرات المركزية الأمريكية في عمليات الاغتيال متورطة في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ورئيسة وزراء باكستان السابقة بنازير بوتو. اذا كانت بعض الأوساط الأمريكية قد استخفت بتصريحات الجنرال ميرزا، فإن مراقبين دوليين خاصة في أوروبا أشاروا إلى أن هذا الأمر غير مستبعد وخصوصا بعد ثبوت هيمنة «بلاك ووتر» على مايسمى «فرق الاغتيالات الخاصة» التي تضمن برنامجها عمليات قتل واغتيال في العراق وأفغانستان ودول أخرى، وكذلك تفجيرات في بغداد ومدن أخرى. لم يكن ميرزا الوحيد الذي حدد مسؤولية أغتيال الحريري، فقد كشف الضابط السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي وين مادسن، بأن وكالة الاستخبارات الأمريكية استغلت برنامجا للعمليات السرية حول العالم، أعد بعد 11 سبتمبر، بغرض ملاحقة الإرهابيين، لتصفية شخصيات سياسية كبيرة كان من بينها رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. وقال وين مادسن، إن برنامج «مصفوفة الهجوم العالمي الشامل»، أتاح للاستخبارات الأمريكية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، والنائب الأول لرئيس الجمهورية في السودان، الدكتور جون قرنق، ومسؤول جهاز الأمن في القوات اللبنانية، إيلي حبيقة، وشخصيات سياسية أخرى في إفريقيا وآسيا، خصوصا في باكستان. وإذا كان الحديث عن البرنامج ليس جديدا حيث تناوله الصحفي الأمريكي الشهير بوب ودورد في سلسلة مقالات نشرت في الواشنطن بوست عام 2002، والتي أثارت ضجة كبيرة حينها، إلا أن الجديد هو الكشف عن أسماء شخصيات شرق أوسطية قدمها «وين مادسن» على أن خطة اغتيالها جزء من البرنامج. ويذكر وين مادسن في تقريره أن مشروع «مصفوفة الهجوم العالمي الشامل» الذي أسسه مدير الاستخبارات المركزية جورج تينت عقب أحداث سبتمبر 2001، تم استخدامه في تصفية المعارضين للسياسة الأمريكية ومشاريع بوش - تشيني الاقتصادية في مجال البترول والغاز. وشبه مادسن مشروع «ماتريكس» ب»دراما جيمس بوند العميل 007» وخاصة حلقة الترخيص بالقتل وبالتالي تحول إلى برنامج مخصص لقتل الإرهابيين بصرف النظر عن مكان عيشهم وتصفية قادة وشخصيات يتمردون عن السياسة الأمريكية والمصالح الاقتصادية للإدارة الأمريكية ولا يشكلون أي تهديد على الولاياتالمتحدة». تحقيق مع بلاك ووتر يوم 13 مايو 2005 نفت الخارجية الأمريكية بشدة في بيان لها ما وصفته ب»المزاعم الكاذبة» بشأن اغتيال الحريري. وقال بيان الخارجية الأمريكية: كما كان متوقعا، ظهرت ادعاءات كاذبة منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، عن تورط أمريكي فيه. وزعمت إحدى النظريات أن السيد الحريري اغتيل لأنه عارض بناء قاعدة جوية أمريكية في لبنان. لكن السياسة الأمريكية تحظر الاغتيالات بوضوح منذ سنة 1976، كما أنه لا توجد أي خطط لإقامة مثل هذه القاعدة الجوية. وأضاف البيان: في 11 مارس، زعم واين مادسن، الذي يطلق على نفسه لقب صحفي تحقيقات، أن اغتيال الحريري جاء «بتفويض» من الولاياتالمتحدة لأن السيد حريري «عرف عنه أنه يعارض بشدة بناء قاعدة جوية أمريكية كبرى في شمال لبنان». وما فتئت السياسة الأمريكية تحظر بوضوح تام الاغتيالات منذ سنة 1976، عندما وقّع الرئيس فورد على الأمر التنفيذي رقم 11905. وتابع البيان: أُعيد تأكيد حظر الاغتيالات من قبل الرئيس كارتر والرئيس ريغان، وأكد ريغان حظره في الأمر الرئاسي التنفيذي رقم 12333 الذي لا يزال ساري المفعول. نتيجة لكثرة الأعمال الاجرامية لشركات المرتزقة وخاصة بلاك ووتر حاولت ادارة اوباما اظهار حسن نيتها والعمل على طي صفحات الرئيس بوش بالتحقيق فيما نسب للشركة من اتهامات، فكانت المفاجأة فى اغسطس 2009 كما جاء على لسان أحد موظفى الشركة ممن استمعت إليهم محكمة فيدرالية في ولاية فرجينيا الأمريكية، حيث قال بكل وضوح أن صاحب الشركة ورئيسها ايريك برنس يعتبر نفسه «مسيحيا صليبيا» ولا يخفى أن رئيس الشركة كان له صلة قوية بمجموعة المحافظين الجدد بزعامة بوش وتشينى التى حكمت الولاياتالمتحدةالامريكية طوال الثمانى سنوات السابقة بل كان الممول الأكبر لحملتهم الانتخابية وهو يعتبر نفسه أحد مقاتلى الحرب الصليبية الجديدة. شركة بلاك ووتر أحد أذرع تلك الحرب وهى جيش خفى يتكون من مرتزقة لاتحاسب على تصرفاتهم الادارة الامريكية ومن ثم يقومون بتنفيذ كل الخطط والمؤامرات التى لايستطيع جيش نظامى ارتكابها علانية، فلا يستبعد فى ظل حالة العنف التى تقوم بها بعض الجماعات أن تقوم بلاك ووتر باستغلال تلك الحالة من العنف والقيام بارتكاب عمليات عنف ضد شخصيات واهداف سياسية تحدث أثر كبير فى سيادة واستقرار الدول مما يعود بالضعف على الدولة ويسهل ابتزازها من الولاياتالمتحدةالامريكية تحت ستار مقاومة الارهاب. عشرات ألاف المرتزقة صحيفة الخليج الإماراتية نشرت في الحادي عشر من أغسطس 2009 شهادتين كعينة على فظائع هذه الشركة التي تذكر بتنكيل الاحتلال بالمعتقلين العراقيين في سجن «أبو غريب» في عهد إدارة جورج بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد. وأكدت أن المزاعم عن إنهاء عمل الشركة بعيدة كل البعد عن الحقيقة فلم تلغ حتى الآن أعمال هذه الشركة بل غيرت اسمها وسمح لها بالعمل تحت إسم «خدمات زي». وللتأكيد على عدم خروج الشركات الأمنية من العراق كشف تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية، نشر في يونيو 2009 عن وجود 132610 متعاقدين. كما أكد الكاتب الأمريكي جيرمي سكاهل أن شركة «بلاك ووتر» مازالت تعمل في العراق، وقال في مقال له نشرته مجلة «ذي نيشن» بتاريخ 14 أغسطس 2009 إنه وعلى الرغم من الإعلان في وقت سابق من سنة 2009 عن الغاء تخصيص عمل «شركة بلاك ووتر» فإن وزارة الخارجية الأمريكية تواصل السماح لمرتزقة هذه الشركة بالبقاء في العراق بكامل أسلحتهم. الكذبة الكبيرة خلال المؤتمر الدولي «محور السلام» الذي نظمته شبكة فولتير يومي 17 و 18 نوفمبر 2005 في بروكسيل صرح دافيد شايلر العميل السابق في المخابرات البريطانية: «تركت مصالح الاستخبارات البريطانية حين قررت وحدة مكافحة الإرهاب «أم 16» تمويل شركاء بن لادن». وأضاف «حاولت أن أدق الناقوس، ولكنهم وضعوني في السجن». وأكد أن أغلب العمليات المنسوبة إلى تنظيم القاعدة هي في الحقيقة من تنظيم مصالح المخابرات الأنجلوسكسونية، بالخصوص البريطانية، بهدف دفع مصالحها في بلادهم. وشرح أيضا أن الوجود المهم لبعض ما يسمى بالتنظيمات الإسلامية المتطرفة في المملكة المتحدة سمح لمصالح الاستخبارات بمحاصرتها وتطويعها و التحكم فيها. يستخلص من عدة تقارير أوروبية ومعلومات نشرتها الصحف الألمانية ومنها دير شبيغل ولوموند دبلوماتيك الفرنسية، أن شركات التجسس الخاصة تكثف نشاطها وتوغلها في المنطقة العربية والقارة الأفريقية ودول عدة في جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية. ولا تقتصر نشاطات تلك الشركات على التجسس وجمع المعلومات بل التعاون عبر عملاء وشركات ومنظمات غير حكومية وتنظيمات سياسية لتنفيذ عمليات في الدول المستهدفة. وتشير تقارير إلى أن هذه المؤسسات الخاصة للتجسس وبالتعاون مع شركات الأمن الخاصة أي المرتزقة تتدخل بشكل واسع في دول أفريقية كالسودان وتشاد وانغولا والموزمبيق وتنزانيا والكونغو والنيجر ونيجيريا وغيرها من أجل التحكم في تهريب أو تجارة الماس والأحجار النفيسة والمعادن الإستراتيجية. وأن من ضمن عمليات التدخل تسليح العصابات الإجرامية ونشر ثقافة الكراهية بين الاديان والاثنيات وإشعال النزاعات المحلية وتغذية المواجهات الطائفية والدينية التي تترك آلاف الضحايا وتخلق أرضية ملائمة لتفتيت الدول ولعمل الشركات المتعددة الجنسية التي تنهب الثروات وتحصل عليها بأبخس الاسعار. وقد كشفت تقارير صادرة عن مصالح موثوقة في أوروبا أن مؤسسات مخوصصة للتجسس وتجنيد المرتزقة شحنت أسلحة بعشرات ملايين الدولارات إلى حركات انفصالية في إقليم دارفور بالسودان، كما قامت بعمليات لتصعيد الخلافات بين الخرطوم ونجامينا وشاركت في عمليات خطف وتهريب أطفال من السودان وتشاد إلى دول غربية لأغراض مختلفة من بينها تجارة الأعضاء البشرية. وبينت معلومات جمعتها مصادر رصد ألمانية أن شركات الأمن والجوسسة الخاصة تعاونت مع الموساد الإسرائيلي في عمليات قتل وتفجير وهجمات مسلحة وقعت في السودان وتشاد والنيجر ودول أفريقية وعربية أخرى. خطة الهجوم الشامل في ديسمبر 2002 نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تفاصيل خطة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي تم تقديمها للرئيس بوش بعد فترة قصيرة من وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001. وكانت الخطة من إعداد جورج تينيت الذي كان يتولى منصب مدير الوكالة، وقد حملت الخطة اسم «إطار الهجوم في سائر أنحاء العالم». حددت الخطة 80 بلدا على أساس أنها بلدان يتوجب على الولاياتالمتحدة أن تستهدفها بحملة سرية تهدف مكافحة الإرهاب وأشارت التحليلات إلى أن تطبيق هذه الخطة سيترتب عليه إعطاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سلطات واسعة حقيقية تعتبر الأكبر في تاريخها. وتجدر الإشارة إلى أن تينيت قد طالب في الخطة الرئيس الأمريكي بمنح الوكالة المزيد من الصلاحيات والسلطات الاستثنائية في القيام بعمليات الهجوم لجهة تدمير تنظيم القاعدة في سائر أنحاء العالم. وبرر تينيت طلبه بأن الوكالة لا بد أن تتمتع بالحرية في العمل والانطلاق دون قيود أو شروط تحد من قدرتها في العمليات السرية التي تستهدف القضاء على خطر الإرهاب. الاخفاقات والفضائح التي أحاطت بتلك العمليات والشكوك العديدة التي طوقت اسطورة تهديدات تنظيم القاعدة سرع عملية خوصصة الحرب والتجسس، وفي نفس الوقت أعطى دورا أكبر للكثير من المنظمات غير الحكومية التي انشئت بمساعدة أو بمساندة أو بتمويل مباشر من الإدارة الأمريكية عبر شبكة واسعة من المؤسسات التي تؤكد استقلاليتها عن واشنطن. وضعت الإدارة الأمريكية مع النهاية الرسمية للحرب الباردة نظرية جديدة للانقلابات السياسية «اللينة» باستعمال تقنيات غير عنيفة. حاولت واشنطن منذ عشرات السنين ملهمة من النضالات السياسية التي خاضها غاندي في الهند، الإطاحة بالحكومات التي لا تحبها وذلك مستعملة التدابير التي تضمن مساندة الرأي العام المحلي والدولي لها. جزء من هذه التدابير كان شن حملة تشويه شاملة خاصة عبر الإعلام للنظام أو للشخص المستهدف بالتصفية. وفي قلب هذه النظرية الجديدة، كان للمنظمات غير الحكومية الموالية دور قاطع خاصة إذا كانت تحظى بشعبية إعلامية. كما يذكر الصحفي جاكوب لفيش. هكذا أصبحت العديد من المنظمات غير الحكومية أو الجمعيات المستقلة نظريا وذات السمعة الإنسانية، مدمجة في الاستراتيجية المجملة لواشنطن من أجل دعم تفوقها الشامل وذلك عبر دعمها ماديا. وبعد وصول جورج دابليو بوش إلى السلطة في يناير 2001، أدمجت المنظمات غير الحكومية الموالية شيئا فشيئا داخل جهاز التدخل الأمريكي، تحت عناوين متعددة مثل «المساعدة الدولية باسم المصلحة الوطنية»: ترقية الحرية، الأمن، تشجيع الإصلاحات الديمقراطية إلى غير ذلك من الشعارات. يقول المحلل الأمريكي أندرو مارشال بأن ما حدث في العراق من تدمير وتفعيل لفرق الموت هو بالأساس فعل تعود «جرثومته» للمخابرات البريطانية وبالمشاركة مع المخابرات الأمريكية وتقوم الشراكة بين الطرفين على أساس اعتبارات الجمع بين الخبرة والإمكانيات طالما أن المخابرات البريطانية تملك الخبرة الواسعة والمخابرات الأمريكية تملك الإمكانيات الواسعة. وتشير التكهنات والتحليلات إلى أن خطة عمل «مجموعة العمليات الاستباقية» ما تزال موضع نظر وتركيز لجهة المزيد من التدقيق لمحاولة تعميم تطبيقاتها في مناطق الشرق الأوسط الأخرى، وحاليا تركز الجهود على تنسيق جهود هذه المجموعة مع الموساد الإسرائيلي والقوات الخاصة الإسرائيلية بما يؤدي إلى توسيع نطاق عمل خطة مجموعة العمليات الاستباقية.