المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    البطولة: نهضة بركان يبتعد في الصدارة بفوزه على المغرب الفاسي ويوسع الفارق مع أقرب ملاحقيه إلى تسع نقاط    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الممكنة في الشمال الأفريقي بعد العراق وأفغانستان
واشنطن تستنزف قدرتها على ركوب حركة التطور
نشر في العلم يوم 15 - 03 - 2011

بعد مرور الثلث الأول من شهر مارس أشار عدد من المحللين السياسيين والعسكريين سواء في القارة الأوروبية أو خارجها، إلى أن قدرة الولايات المتحدة على ركوب حركة التحول التي تشهدها المنطقة العربية واستغلالها من أجل تحقيق أهداف معينة، قد أوشكت على الوصول إلى نهايتها بعد أن استهلكت أغلب آلياتها وبعد أن تكشفت أهدافها الحقيقية.
مناورات الولايات المتحدة لتحويل حركات احتجاج سلمية في غالبها إلى عمليات تدمير وعنف وشغب وتمرد سعيا وراء محو كيان الدول وآليات تسيير شؤونها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، وذلك في نطاق تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يستهدف إقامة 54 إلى 56 كيانا جديدا على أطلال 22 قطرا عربيا، ولدت تدريجيا زخما من الوعي الشعبي حتى بالنسبة لهؤلاء الذين سايروا في البداية الحركات العنيفة المطالبة بالتغيير.
شعور البعض من الذين يخططون للسياسة الأمريكية أن سباق ركوبهم قطار حركات التغيير في المنطقة العربية يقترب من نهايته، يقودهم إلى التخبط وإلارتباك أو يدفعهم إلى ركوب المخاطر والمغامرات مثل تلك التي لا يزالون يدفعون ضريبتها الثقيلة في أفغانستان والعراق.
ويشتكي سياسيون حتى في أوروبا وفي عدة مناطق من العالم من أن الولايات المتحدة إستطاعت أن تفرض عليهم وبطرق مختلفة وعبر عدة مسالك سبلا محددة للتعامل مع الأوضاع المتفجرة في المنطقة العربية بحيث أصبحوا عمليا أسرى للخطوط التي حددتها الخارجية الأمريكية. ويشبه البعض الوضع حاليا بما كان عليه الحال مع بداية سنة 2002 حينما حولت الأجهزة الأمريكية النظام العراقي إلى أكير مهدد للسلام في العالم، وهكذا استطاعت غزوه وإحتلاله في أبريل 2003. وبعد ذلك وبإسم الديمقراطية تم تدمير بلد وقتل أكثر من مليون ونصف مدني عراقي فيما يعتبر أحد أكبر الجرائم ضد الإنسانية خلال العصر الحديث.
تسابق على جزء من الغنائم
في نفس الوقت يذكر محللون أن ما تشهده الساحة حاليا من تسابق بين بعض الأطراف الغربية فيما يخص تشجيع التدخل العسكري في بلد ما أو العمل على تدمير كيانه كدولة، هو شعور حكوماتها أنها تلقت صفعات عندما ترددت في مساندة حركات معارضة في أوقات سابقة، بينما قفزت واشنطن إلى ركوب القطار ونجحت بدرجات متفاوتة في توجيه حركات ساعية للإصلاح إلى أدوات لإشاعة عدم الاستقرار وبث بذور الفتنة الطائفية والانشقاق والانفصال وبالتالي حصلت على موطئ قدم متقدمة لصياغة المستقبل. وترى تلك الأطراف أن تجاوبها السريع مع ما يطلبه البيت الأبيض سيضمن عدم إضاعة ما تعتبره نصيبها من الكعكة والحيلولة دون استحواذ الولايات المتحدة عليها كاملة.
كل المنطقة العربية الممتدة من بلاد الرافدين شرقا وحتى شواطئ المحيط الأطلسي تشهد حالة غليان وصراعات لم تنته حتى لدى الدول التي بدلت حكامها، فهناك فيها من يستمر في الدعوة لمواصلة الثورة لإكمال المسيرة، وهؤلاء لا يضعون سقفا للمطالب.
تدمير شرعية الدولة
كتب المحلل عادل الطريفي: هناك جدل شرق أوسطي يزداد يوما بعد يوم في ما يتعلق بالانتفاضات التي تعصف بالمنطقة، ويمكن تلخيص هذا النقاش كالآتي: أولا، هناك من يرى أن ما حدث كاف، وأنه آن الأوان لأولئك المتظاهرين أن يسلموا الحكومة الانتقالية في تونس، أو الجيش في مصر، مقاليد الأمور لكي تتمكن تلك الجهات من القيام بواجبها في إعادة الاستقرار والأمن، والشروع في ترتيبات العملية الانتقالية. أما أصحاب الرأي الثاني، فهؤلاء يجادلون بأن الثورة يجب أن تستمر حتى تحقق الثورة أغراضها، وهذا يعني استمرار المظاهرات في الشارع، وفتح المجال واسعا أمام المطالب دون أي سقف ملزم حتى تتحقق كافة مطالب المتظاهرين في الشارع، ويأخذ المواطنون ما يعتبرونه حقوقهم بأيديهم من الأجهزة التي يقولون أنها كانت تتربص الشر بهم زمن النظام الراحل.
يبقى هناك النموذج الليبي الذي بات في الأيام الأخيرة مسرحا للحرب الأهلية بين أولئك الذين يسمون أنفسهم بالثوار، وأولئك الذين لا يزالون يؤيدون نظام العقيد معمر القذافي. لا أحد يعرف إلى أين ستتجه الأمور في ليبيا، ولكن كلما طال أمد المواجهات المسلحة هناك، وبالتالي عدد القتلى، فإن نموذج اللجوء إلى الشارع يبدو أكثر كلفة مما كان يعد به دعاة الثورة.
غني عن القول إنه لم يعد هناك من يجادل في الوقت الراهن بعودة الأنظمة السابقة، ولكن الجدل حول ما ينبغي القيام به الآن لا يزال مستعرا، الذين يرغبون باستمرار الحالة «الثورية» يخاطرون بمؤسسات الدولة، بل ويضعون شرعية الدولة العربية ومستقبلها على المحك. إذ إن هنالك مخاوف حقيقية من انهيار النظام العربي الذي يعاني من مشكلات جذرية في بنية نظام الحكم حيث هناك واقع من الخلافات العرقية، والجهوية، والإثنية، والطائفية، والمناطقية التي تتهدد وحدة الدولة العربية كما نعرفها، والشواهد على ذلك كثيرة في اليمن، وليبيا، والعراق، ولبنان، والسودان، وغيرها.
هنا نجد أنفسنا أمام منطقين: منطق «الدولة» سواء كانت ديمقراطية أو أوتوقراطية، ومنطق «الشارع». الدولة كانت ولا تزال الحاضن الأول للاستقرار والنظام، وإذا ما تم الانقضاض عليها تحت أي شعار فإن فكرة التعايش المدني بحد ذاتها تتضاءل أمام رغبات الانتقام، والتعويض، ويوتوبيا الدولة «الطاهرة» التي لا تقترف أي ذنب. مشكلة «الشارع» أنه لا وجه له، ولا اسم له، وأن التسليم إليه يعني المراهنة على المجهول، وتبرير الفوضى. بوسع المثقف - أو الكاتب - أن يختار عدم الوقوف إلى جانب هذا النظام، أو ذاك، ولكن اللجوء لمباركة «الشارع» يعني التسليم إلى سلطة «مستبدة» لا تقل من الناحية الأخلاقية خطرا عن نظام يديره حزب شمولي، أو ديكتاتورية الفرد. يضاف إلى ذلك أن المثقفين الذين يسعون لمصادرة أي رأي يختلف مع الشارع بوصفه تبريرا لاستبداد الحكام، يمارسون ذات «الاستبداد»، و»العنف الخطابي» تجاه الذين يحملون آراء سلمية مخالفة.
«الشارع» ليس مصدرا للشرعية، لأنه لا يمثل إلا رغبات الذين يشاركون فيه سواء كانوا «مثاليين» أو لصوصا، ولأن الدولة - كنظام مدني - لا يمكن استبدال الجماهير الصاخبة بها، فعلى أولئك المثقفين الذين يريدون أن يمارسوا الثورة عبر التقرب من «الشارع المادي» على الأرض، أو «الشارع الافتراضي» على الإنترنت، أن يتذكروا أن الدول العربية التي يرفعون شعار إسقاطها جاءت بمباركة غالبية شعوبها.
الأغلبية الصامتة
في دراسة مستعجلة أجرتها معاهد أبحاث ألمانية، تم التركيز على أن ما يسمى بحركة الشارع العربي لا تعكس في أي من الدول التي مرت بها هذه التجربة سوى فئة من المجتمع لا تشكل بالضرورة غالبية مواطنيها.
هناك في كل الانتفاضات التي عرفتها الشوارع العربية نواة صلبة مسيرة تدرك مطالبها وتحدد تكتيكاتها على أساس الظروف التي تواجهها، ولكن الغالبية التي تتبع هذه النواة تمتلك شعارات عامة ولكنها عند استجوابها من طرف محللين محايدين، تكتفي بالدفاع وتبني مطالب منطقية كالعدالة الاقتصادية والاجتماعية والحرية والديمقراطية والقضاء على الفساد والقمع. ولذلك فإنه عندما ترفع شعارات اسقاط النظام أو تعديل الدساتير يصعب على الكثيرين تقدير الأبعاد والبدائل.
وتضيف دراسات ألمانية وأخرى روسية أن مشكلة تقدير حجم ونسبة قوة حركة الشارع المنتفض بالمقارنة مع مواطني الدولة المعنية، صعبة جدا خاصة لأن لا أحد يستطيع أن يتحدث عن مطالب وتوجهات الأغلبية الصامتة. ويقول باحث جامعي في برلين حرص على عدم الكشف عن هويته: الجزء الأكبر من الأغلبية الصامتة يتصرف بجبن فهو لا يريد الخروج إلى الشارع لتحديد مواقفه، وهو إن فعل يكون ذلك فبأعداد أقل من الطرف الآخر وعلى فترات متباعدة، ولكنه عندما يخرج إلى الشارع لا تجد في صفوفه طلاب المدارس أو المراهقين. ويضيف الباحث الألماني أن مشكلة الأغلبية الصامتة أن «بجبنها» تسمح لمعارضيها أن يصفونها بجماعة «البلطجية» وأنصار «النظام البائد»، ويضيف أن وسائل الإعلام الموجهة وغيرها تروج لهذه الإتهامات.
ويستغرب الباحث كيف عممت كلمة «بلطجية» على المنطقة العربية رغم اختلاف لهجاتها، كما يلاحظ أنه في دول لا تستخدم اللغة الإنجليزية إلا كلغة ثانية أو ثالثة وخاصة بالنسبة للمثقفين، كانت ترفع دائما شعارات باللغة الإنكليزية وبدون أخطاء وهو أمر يعزز فكرة التأثير الخارجي ومحاولة التدخل بكل الطرق حتى العسكرية منها.
الوطن
ويضيف أن الأطراف الخارجية التي تتدخل لتوجيه حركة الشارع ترتكب خطأ قاتلا لأنها لا تدرك عمق الفكر الوطني، فعندما يكون خيار المواطن العربي بين حكام لا يتبعون الأسلوب الموصوف غربيا بالديمقراطي، أو التدخل الغربي، فان غالبية العرب العظمى ستنحاز لما يوصف بالاستبداد أو الحكم الفردي لاسباب معقدة ومنغرسة في عمق تاريخهم ولها علاقة بتجارب مؤلمة مع هذا الاستعمار مخضبة بدماء ملايين الضحايا وعمليات تمزيق وحدة الأمة ومنح أرض فلسطين لليهود.
ويقول المحلل الألماني أن مخطط الإدارة الأمريكية لركوب حركات التحول العربية كان جليا في خطاب أوباما في القاهرة خلال شهر يونيو ،2009 فقد كانت اخر مرة أتى اوباما على ذكر عقيدة للشرق الاوسط الجديد عندما دعا الى «انطلاقة جديدة» بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي. وقال انذاك «ان أي نظام حكومة لا يمكن بل يجب الا يفرض على بلد من قبل بلد اخر» مجددا امنيته في رؤية «حكومات تعكس الارادة الشعبية».
ويسجل أنه في دول مثل تونس ومصر وبعد تغيير أنظمة الحكم، وبعد أن طالبت حركة الشارع بالرحيل الفوري للساسة السابقين تعديل الأنظمة والدساتير وعززتها في ذلك الولايات المتحدة التي أشتهر رئيسها أوباما ووزيرة خارجيته كلينتون ونائبة بايدن بتكرار جمل الآن وفورا، واليوم قبل الغد، تحولت، الدعوات المستعجلة للتعديل إلى مطالب بالتروي. وأضاف إنهم بكل بساطة يخشون الأغلبية الصامتة، ويريدون وقتا كافيا لترهيبها وإبعادها عن المشاركة في العمل السياسي.
تناقض
يوم الخميس 10 مارس أعلن البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يتهمه خصومه في مصر بأنه مهد الطريق للولايات المتحدة لتدمير العراق والذي تتهمه قوى عراقية مناهضة للاحتلال وليست من حزب البعث بأنه نفذ تعليمات البيت الأبيض ليبرر الغزو. أعلن البرادعي انه سيصوت برفض التعديلات الدستورية في الاستفتاء الذي سيجرى في مصر في 19 من مارس واضاف انه يجب وضع دستور جديد للبلاد.
وهاجم البرادعي كما تفعل وسائل إعلامية أمريكية وأخرى مثل الجزيرة بطريقة غبر مباشرة القوات المسلحة وقال ‘»اننا نسير في الاتجاه المعاكس. وادعو المجلس العسكري الى تأجيل الاستفتاء او إلغائه». وأضاف ان خطة القوات المسلحة لاجراء انتخابات برلمانية خلال شهرين قبل وضع دستور جديد ستبعد الكثير من المصريين عن العملية الانتخابية.
وانضم البرادعي إلى من انتقدوا خطة الجيش لنقل السلطة الى الحكم المدني باجراء الانتخابات البرلمانية خلال ستة اشهر من توليه ادارة البلاد تعقبها انتخابات الرئاسة. وقال ان هذا ينطوي على تسرع ولا يتيح للاحزاب وقتا كافيا لتنظيم صفوفها ويمنح ميزة للحزب الوطني الديمقراطي وجماعة الاخوان المسلمين.
وقال البرادعي «اذا مضينا قدما بهذه التعديلات فهذا يعني اجراء الانتخابات البرلمانية خلال شهرين وأن 80 في المئة من المصريين أو الاغلبية الصامتة لن يتاح لهم فرصة للمشاركة في عملية برلمانية حقة».
وأضاف قوله «ولن يكون سوى برلمان لفلول الحزب الوطني الديمقراطي والاخوان المسلمين».
في اليمن تجربة مشابهة الرئيس صالح اقترح على الذين يطالبون بإسقاط النظام اللجوء إلى صناديق الاقتراع وتحت إشراف دولي لمعرفة خيارات الشعب ولكن معارضيه رفضوا وأكدوا أنهم سيسقطونه بالشارع.
شعور البعض من الذين يخططون للسياسة الأمريكية أن سباق ركوبهم قطار حركات التغيير في المنطقة العربية يقترب من نهايته، يقودهم إلى التخبط وإلارتباك أو يدفعهم إلى ركوب المخاطر والمغامرات مثل تلك التي لا يزالون يدفعون ضريبتها الثقيلة في أفغانستان والعراق.
مع منتصف شهر مارس 2011، تتركز جهود الولايات المتحدة لركوب حركات التغيير أو التصحيح العربية على ليبيا في حين تأني في المرتبة الثانية اليمن والبحرين، فيما يسود الترقب في البيت الأبيض ما سيحدث في دول الخليج العربي وفي مقدمتها السعودية.
مصلحة الأمة
كتب إبراهيم علوش، الصحفي والأكاديمي الفلسطيني: سيد كل المعايير هو مصلحة الأمة، وهنا يجب أن نقيس بالتحديد ما يلي: هل التدخل الدولي في ليبيا، بكافة أشكاله، وإخضاع القذافي، بغض النظر عن الموقف منه، لمطاردة المحكمة الجنائية الدولية، هو لمصلحة الأمة أم لا ؟.
مع كامل الاحترام لوجهة نظر من أعمت بصيرتهم شعارات «الديموقراطية» و»حقوق الإنسان» في ليبيا الغنية بالنفط والغاز، ليبيا التي تحمل أسواقها آفاقاً واعدة لمنتجات الشركات متعدية الحدود، وليبيا مدخل أفريقيا، كما كانت تعتبر منذ أيام الرومان، وليبيا التي «صدف» أنها تقع بين بلدين يصعب على الإمبريالية أن تتنبأ بمسارهما وخياراتهما المستقبلية هما تونس ومصر، فإن الأساس يبقى إدانة الانفصال ومحاربة التدخل الدولي بكل الوسائل الممكنة.
والمطالب باتخاذ موقف هو من لا موقف له من التدخل الدولي، الذي نعرف سجله القذر بشأن كل القضايا العربية في التاريخ المعاصر.
أما من يتصيد، محاولاً أن يظهر الموقف من التدخل الدولي والتقسيم دفاعاً عن هذا الحاكم أو ذاك، أو هذا النظام أو ذاك، فإن الناس باتوا يعرفون كيف يميزون بين الدفاع عن حاكم والدفاع عن بلد.
إن حق الخروج على الحاكم ليس معلقاً في الفضاء، بل أنه مشروط بالضرورة بمقياس أهم منه وهو مصلحة الأمة، ومدى استفادة قوى الهيمنة الخارجية حتى من رفع شعار تغيير النظام، سياسيا وإعلاميا، قبل الدخول في تمرد مسلح يطالب علناً بتدخل دولي أو بغطاء أو حظر جوي دولي على بلده، وإلى ما هناك».
الإستعمار
ويحذر سياسيون أوروبيون ومصادر رصد بما فيها ألمانية وبريطانية أنه في حالة تدخل أمريكي أو غربي في ليبيا فإن جزء كبيرا أن لم يكن الأكبر من هؤلاء الذين حملوا السلاح ضد نظام القذافي سيبدلون موقفهم ومن المرجح أنهم سينضمون لقتال القوات القادمة من الخارج، لأنها بالنسبة إليهم قوات غازية وقادمة بالاستعمار في صورة جديدة كما حدث للعراق وأفغانستان قبلها.
وتبقى تبعات التدخلات العسكرية السابقة والاحداث التي رافقتها والنتائج المبهمة التي افضت اليها محفورة في الذاكرة الجماعية للعرب وفي تصرفات وتحركات الحكومات في المنطقة.
التخبط وإلارتباك هو أفضل وصف لعملية ضرب الاخماس بالاسداس التي تتقلب فيها الإدارة الأمريكية وأنصارها فيما يخص التدخل العسكري في ليبيا.
يوم الثلاثاء 8 مارس اعلن قائد قوات مشاة البحرية الامريكية الجنرال جيمس اموس ان القدرات الجوية للقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي «متواضعة» ولا تشكل بحد ذاتها عائقا حقيقيا امام فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. وأضاف الجنرال اموس خلال جلسة استماع امام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الامريكي ردا على سؤال حول القدرات الجوية لقوات القذافي ان هذه القدرات «متواضعة»، موضحا ان التهديد الابرز الذي تشكله هذه القوات في رأيه هو على الارجح المروحيات الهجومية.
واوضح السناتور جون ماكين، العضو الجمهوري الاكثر تحمسا في اللجنة لفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، ان منظومة الدفاع الليبية المضادة للطيران هي منظومة قديمة تعود الى الحقبة السوفياتية و»القدرات الجوية (الليبية) متركزة في اربع قواعد جوية حول طرابلس» وبالتالي فان مجال تحركها محدود حول العاصمة. يوم الأربعاء 9 مارس قال الجنرال ريموند أوديرنو القائد العام لقوات القيادة الامريكية المشتركة
ان الجيش الامريكي سيكون قادرا على فرض منطقة «حظر جوي» على ليبيا في غضون يومين اذا ما قرر المجتمع الدولي ان هناك حاجة لمثل هذه الخطوة.
وكان وزير الدفاع الأمريكي غيتس قد ذكر قبل ذلك أن فرض حظر جوي على ليبيا يتطلب تدمير الدفاعات الجوية والمطارات العسكرية الليبية ومحطات الرادار وكل ما يمكن أن يهدد الطيارين الأمريكيين.
الهوس
يوم الخميس 10 مارس 2011 اعلن مدير المخابرات الوطنية الامريكية جيمس كلابر خلال جلسة امام مجلس الشيوخ ان الدفاعات الجوية الليبية «كبيرة» مع اجهزة الرادارات والصواريخ المضادة للطائرات ولا تتفوق عليها سوى مصر في الشرق الاوسط. وذكر كلابر ان طرابلس تملك قرابة 31 موقعا مضادا للطائرات ورادارات مخصصة للمراقبة وحماية الساحل الليبي حيث يتركز 80 الى 85 في المائة من سكان البلاد.
واضاف ان لدى القوات الليبية «عدد كبير جدا من قاذفات الصواريخ المحمولة»، موضحا ان الاستخبارات الامريكية «قلقة جدا» من احتمال سقوطها «في ايدي اشخاص لا يفترض ان تكون بايديهم».
البعض حذر من أن ما قد يعتبر تضاربا وتخبطا أمريكيا ليس أكثر من مناورة للتضليل والتمهيد لحرب مباشرة في ليبيا.
وزاد جيمس كلابر «معمر القذافي «يتشبث بموقعه» وان قواته المسلحة بشكل أفضل ستنتصر في معركة طويلة الامد مع المعارضة المسلحة.
من جانبه قال رئيس وكالة المخابرات الدفاعية الامريكية اللفتنانت جنرال رونالد بيرجيس امام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ يوم الخميس 10 مارس أن فرض منطقة «حظر جوي» على ليبيا او أي دولة بما يشمل القوة العسكرية سيكون تعريفا اصيلا لعمل من أعمال الحرب، فهمي كما درست في مدارسي أن هذا سيعد عملا من أعمال الحرب».
رفض حرب جديدة
أمام ما يوصف بالتخبط والتضارب الأمريكي يسجل ان حلف الناتو لم يستطع توحيد مواقفه لركوب مغامرة أمريكية جديدة بعد التخبط الذي تواجهه قواته في أفغانستان.
فيوم الخميس 10 مارس بدأ حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي في بروكسل بحث سبل وقف ازمة قد تكون عواقبها كارثية في ليبيا، الدولة المنتجة للنفط بدون التسبب بزعزعة أكبر للاستقرار.
وقال دبلوماسي اوروبي ان «الاراء منقسمة» في الاتحاد الاوروبي الذي يضم 21 دولة تنتمي الى حلف شمال الاطلسي، بخصوص منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا التي ينص عليها مشروع قرار قدمته فرنسا وبريطانيا الى مجلس الامن الدولي.
وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي قال «يجب ان نكون حذرين جدا في قراراتنا اذا اردنا عدم الوصول الى نتيجة مخالفة لتلك الني نهدف اليها» وهي «السلام» و»الحرية» في شمال افريقيا. واضاف «لا نريد ان ننجر الى حرب في شمال افريقيا»، مؤكدا انه «يشكك» في خيار فرض حظر جوي. وفي برلين شكك كاتب الدولة الالماني للشؤون الخارجية فيرنو هوير في الاعتراف بالمجلس الوطني الليبي كسلطة شرعية وحيدة.
كما تعارض تركيا بقوة أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا.
من جهة اخرى يدرك الحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي ان العالم العربي يرتاب من الدوافع الفعلية التي تبرر تدخل دول غربية في شؤونه.
ولخص مسؤول امريكي هذا القلق بالقول ان الحلف الاطلسي لن يتمكن من البت في سبل وموعد التدخل الا اذا تم احترام ثلاثة مبادىء، وهذه المبادىء هي وجود مؤشرات تجعل من التدخل ضروريا وان يستند التدخل الى قاعدة قانونية واضحة اي ان يتم التصويت على قرار في هذا الصدد في مجلس الامن الدولي، وان توافق دول المنطقة على ذلك وتتعاون.
ويقول ملاحظون أن الولايات المتحدة ورغم انها ترغب في ان يتخلى القذافي عن السلطة نخشى من تعقيدات في وقت تركز كل اهتمامها على العراق وأفغانستان حيث تخيفها التطورات على الساحة من مواجهة هزيمة كالتي لحقتها في الفيتنام سنة 1975.
أوروبا والفخ
ويسجل أن روبرت غيتس حض علنا قبل أسبوعين فرنسا وايطاليا على قيادة عملية الحظر الجوي على ليبيا على ان يتم أي تحرك في إطار الحلف الأطلسي الذي ترفض فرنسا ان يرعى تدخلا ذا طابع عسكري في دولة في شمال أفريقيا. وهو موقف تشاطرها إياه تركيا الدولة العضو في الحلف الأطلسي أيضا والمتحفظة جدا إزاء ذلك.
وما يزيد من التحفظ والحذر لدى بعض الدول الغربية هو ان المواجهة بين جيش القذافي والمعارضين تبقى بدون حسم حيث ان استخدام الطيران والقصف المدفعي من قبل الموالين للنظام لم يؤد حتى الان إلى سقوط عدد كبير من الضحايا يثير السخط الدولي.
وقال الامين العام لحلف شمال الاطلسي أندرس فو راسموسن بعد اجتماع بروكسل «بحثنا خيارات أولية بشأن منطقة حظر جوي محتملة في حالة تلقي حلف الاطلسي تفويضا واضحا من الامم المتحدة، وقد اتفق الوزراء على الحاجة لمزيد من التخطيط».
وأضاف عدد من الوزراء قالوا صراحة اننا نرغب في ان نجعل أنفسنا في وضع يسمح بمساعدة الجامعة العربية والاتحاد الافريقي او الامم المتحدة في هذا المسعى». «ان هناك مخاطر من أن تنقسم ليبيا وتصبح دولة فاشلة قد تكون ملاذا للمتطرفين أو الارهابيين». «لذلك فان هذه مسألة مثيرة للقلق بشكل واضح. نحث بقوة حكومة ليبيا على وقف العنف وان تسمح بانتقال سلمي الى الديمقراطية».
رفض أفريقي
بعد ساعات من اجتماع الحلف رفض الاتحاد الأفريقي اي شكل من أشكال التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، وذلك في ختام قمة مصغرة خصصت لبحث الأوضاع في هذا البلد وفي ساحل العاج المضطرب أيضا. وقال مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي رمضان العمامرة ان «المجلس يجدد التزامه التام باحترام وحدة ليبيا وسلامة أراضيها وكذلك أيضا رفضه أي شكل من أشكال التدخل العسكري الأجنبي» في هذا البلد. وأضاف العمامرة أن مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي والذي يضم 15 بلدا من دول الاتحاد «قرر تشكيل لجنة رفيعة المستوى» من خمسة رؤساء أفارقة إضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ لمتابعة تطور الأوضاع في ليبيا.
على الصعيد العربي وفي نطاق الجامعة العربية يسجل انقسام حيث تعارض عواصم عديدة أي تدخل أجنبي في ليبيا مهما كان شكله وذلك رغم موقف مجلس التعاون الخليجي، ويقول المعارضون للتدخل أن لكل دولة ميكانيزماتها الطبيعية الخاصة المتوفرة في كل كيان وهي قادرة على متابعة حركة التغيير بمفردها وبدون تدخل خارجي.
واعتبر ريتشارد فونتين الخبير في «مركز الأمن الأمريكي الجديد» وهو مركز أبحاث مقره في واشنطن، أن فرض منطقة حظر جوي قد يتحول في الواقع إلى معضلة دبلوماسية مثلما حصل أثناء الحروب في البلقان.
وأضاف «من المرجح ان تعارض روسيا والصين إقامة منطقة حظر جوي بتنظيم الولايات المتحدة أو الحلف الأطلسي».
وفرض منطقة حظر سيتطلب عددا كبيرا من الطائرات لمدة غير محددة وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف الى تدخل عسكري مباشر مثلما حدث في البوسنة في العام 1995 او في كوسوفو في 1999.
ولفت فونتين الى انه بالرغم من ان الأهمية الإستراتيجية لهذه المنطقة الغنية بالنفط كبيرة جدا بالنسبة لواشنطن فقد يؤدي اي تدخل من طرفها الى تأجيج مشاعر العداء للولايات المتحدة لدى الشعوب العربية.
وأوضح «انه توازن دقيق. فمن جهة لا نريد الشروع باي تحرك يأتي بنتيجة عكسية لكن من جهة أخرى تقضي مصلحتنا بأن تتكلل هذه الثورة بالنجاح ليس فقط بالنسبة لليبيا بل وأيضا بالنسبة لمفعول كرة الثلج التي قد تحدثه بطريقة أو بأخرى».
وبالفعل ويوم 10 مارس وبمناسبة إعلان الكرملين فرض حظر على بيع الأسلحة إلى ليبيا، وهو إجراء يندرج في إطار العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على طرابلس والتي ترددت روسيا كثيرا في تأييدها، جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رفض بلاده لأي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، وحذر القوى العالمية من التدخل في شؤون ليبيا وغيرها من الدول الأفريقية وقال أن مثل هذا التدخل «غير مقبول».
وتسجل مصادر رصد أن موسكو والصين كثفتا من وجودهما البحري العسكري في المتوسط والمنطقة المحيطة، زيادة على أن بكين وموسكو وضعتا قواتهما الإستراتيجية في حالة استنفار من الدرجة الثانية وهو نفس ما فعله الاتحاد السوفيتي خلال الفترة التي تلت التوتر مع الولايات المتحدة أثر محاولة جون وارنوك هاكلي جونيور اغتيال الرئيس الأمريكي رونالد ريغان بتاريخ 30 مارس 1981.
البحث عن سند عربي
إذا كانت الولايات المتحدة تناور بشأن التدخل العسكري المباشر في ليبيا، فإنها لا تزال تحاول جر دول المنطقة العربية الأفريقية إلى مغامرة عسكرية إلى جانبها. وفي هذا الإطار ستقوم وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون بزيارة إلى القاهرة.
الهدف الأساسي من زيارة كلينتون ليس التحادث مع معارضي القذافي لأن الاتصالات مستمرة بين الطرفين منذ منتصف فبراير الماضي، بل زيادة الضغط على القاهرة من أجل أن تتدخل بشكل فعال لمساندة المعارضة المسلحة، وكذلك على أمل أن توافق مصر على المشاركة بطيرانها الحربي في حظر جوي فوق الأراضي الليبية. في محاولة للفهم وتحليل معطيات فيضانات عاصفة حملات التحريض والتغليط، من الواجب الإشارة إلى أنه يوم الجمعة 4 مارس، أشادت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بقناة الجزيرة بشقيها العربي والإنجليزي، وذلك في طور تبريرها للمطالبة بمزيد من التمويل لوزارتها من منطلق أن الولايات المتحدة تخسر «حرب المعلومات» في العالم.
وأشادت كلينتون بالنجاح الباهر لقناة الجزيرة، التي تحظى بشعبية كبيرة في الشرق الأوسط، قائلة إنها أصبحت الرائد في تغيير عقول الشعوب ومواقفها.
قبلها بأيام قليلة صرح الاميرال مايك مولن رئيس اركان الجيوش الأمريكية المشتركة، خلال حديث أجرته معه قناة الجزيرة الفضائية القطرية، أنه جاء إلى المنطقة بهدف «طمأنة» الحلفاء و»فهم ما يجري» والتأكيد على أن التوترات «يجب أن تعالج بالطرق السلمية».
وأثنى الأميرال الأمريكي على دور الجزيرة التي تخصص تغطية واسعة للتظاهرات في العالم العربي.
أبواق الدعاية
قبل سنوات من حرب احتلال العراق وبعد سنوات من إخراج القوات العراقية من الكويت، قدمت معاهد أبحاث أمريكية عدة تقارير إلى البيت الأبيض عن ضرورة توجيه زخم الغضب العربي الإسلامي من السياسة الأمريكية خاصة تجاه الفلسطينيين والعراق وأفغانستان إلى أطراف أخرى.
الفكرة التي انتصرت ضمن مجموعة هذه الدراسات كانت تقوم على أساس منطق «العيب فينا وليس في الولايات المتحدة». وبكلمات أوضح مالت آلة الدعاية الأمريكية الضخمة سواء عبر وسائلها المباشرة أو عبر أطراف ثالثة إلى تحويل سيل الغضب من الولايات المتحدة إلى السياسة العربية والحكام. لم يكن من الصعب العثور على نقاط ضعف وأخطاء كثيرة، وهكذا تدريجيا ومع نهاية العقد الأخير من القرن العشرين وبدء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وجد المشاهد والقارئ العربي والمسلم أن اللوم والعيب والخطأ بل والخيانة لمآسي فلسطين والعراق ثم أفغانستان وغيرهما كثير، يتحمله الداخل السياسي وليس الولايات المتحدة ونظامها العالمي الجديد. كانت الجزيرة من ضمن من حول غالبية الزخم العربي المناهض لإسرائيل والولايات المتحدة نحو الداخل، وأصبح من السهل بكل بساطة على أي مشاهد أن يدرك أن الخصم القديم أي الولايات المتحدة قد اختفى وحل محله خصم جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.