إجماع على تردي الوضع الثقافي الوطني في ظل وزارة لا تحمل أي مشروع نزل مئات الفنانين والكتاب والمثقفين إلى الشارع واحتشدوا أمام مقر وزارة الثقافة صباح أمس بالرباط، في وقفة احتجاجية استجابة لنداء ثلاث منظمات ثقافية دعت للاحتجاج على ما وصفته بالوضع المتردي الذي يعرفه الحقل الثقافي المغربي منذ تولى مسؤولية تدبيره الوزير الحالي بنسالم حميش. وكانت المنظمات الثقافية الثلاث: اتحاد كتاب المغرب، الائتلاف المغربي للثقافة والفنون وبيت الشعر، قد أطلقت هذه الدينامية الاحتجاجية منذ الدورة 16 للمعرض الدولي للكتاب والنشر في السنة الماضية، وتوجتها بمقاطعة الدورة 17 للسنة الجارية، بعد أن استنفدت كل سبل الحوار والترافع لدى الجهات المسؤولة على تدبير الشأن الثقافي المغربي دون أن يسفر ذلك على نتائج تذكر حسب ما صرح لبيان اليوم حسن النفالي، الرئيس المنتدب للائتلاف المغربي للثقافة والفنون، الذي أكد أن هذه الوقفة الاحتجاجية تأتي في سياق مسلسل نضالي أطلقته المنظمات الثلاث منذ السنة الماضية، وبعد هذه الدورة وقع الإجهاز على مكتسبات الفنانين مما جعلهم يخوضون مجموعة من الأشكال الاحتجاجية وحاولنا حينها فتح حوار مع الوزير لكننا لم نتمكن من ذلك، وأضاف النفالي أن ذروة غضب الفنانين والمثقفين احتدت خلال الدورة 17 للمعرض الدولي للكتاب والنشر حيث تبين أن الوزير مصر على نفس النهج ولا يريد الاستماع إلى مطالب الفاعلين الأساسيين في الحقل الثقافي، بل الأكثر من ذلك يقول حسن النفالي «إن الوزير نعتنا بنعوت عديدة لا تليق بمستوى المثقفين، ومن أبرز هذه النعوت وصفنا بالبلداء». وذكر النفالي أن وزير الثقافة بنسالم حميش عمل على تبخيس قيمة المثقفين والفنانين والمبدعين حينما عمد إلى النقص من مبلغ المنحة المخصصة للجمعيات الثقافية الوازنة. من جانب آخر أعلن الرئيس المنتدب للائتلاف المغربي للثقافة والفنون، أن المنظمات الثقافية الثلاث ترفض الحوار مع وزير الثقافة الحالي وتطالب بالحوار مع الوزير الأول أو بمخاطب جديد يمثل الحكومة يمكن أن يستمع لمطالب الفنانين والمثقفين والمبدعين. وكان مجموع الفنانين والمثقفين والمبدعين الذي شاركوا في هذه الوقفة الاحتجاجية قد رفعوا مجموعة من الشعارات تطالب برحيل وزير الثقافة بنسالم حميش، كما رفعوا مجموعة من اليافطات التي تختزل مجموع مطالب الحركة الثقافية والفنية بالمغرب من قبيل تفعيل المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للثقافة ومطالب أخرى تخص رد الاعتبار للمثقفين والفنانين الذي شعروا بإهانة الوزير عندما وصفهم ب»البلداء». من جانبه، قال عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب في كلمة له باسم المنظمات الثلاثة «لا حوار مع وزير لا يحترم شركاءه ولا يحترم الثقافة والمثقفين ولا يتوفر على أي بعد استراتيجي لإخراج الواقع الثقافي من التردي الذي وصل إليه على عهده». وأضاف العلام أن مجموعة من المكاسب التي تم تحقيقها منذ مجيء حكومة التناوب التوافقي يتم الإجهاز عليها اليوم، في ظل وزير لا يحمل أي مشروع ثقافي، وناشد عبد الرحيم العلام جلالة الملك والوزير الأول والحزب الذي ينتمي إليه وزير الثقافة من أجل وقف ما وصفه بالحيف والاستهتار واللامسؤولية التي تطال المشهد الثقافي والمثقفين بشكل يومي. وأكد محمد الدرهم رئيس الائتلاف المغربي للثقافة والفنون أن هذه الوقفة الاحتجاجية ليست وليدة الظرفية التي يعرفها الوطن العربي اليوم، بل جاءت نتيجة لمجموعة من التراكمات التي يعرفها الحقل الثقافي والفني بالمغرب منذ مدة، وأن المطالب التي ترفعها المنظمات الثلاث ومعها جميع الفاعلين في الساحة الثقافية هي مطالب مشروعة ومعقولة، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن أي تنمية دون ثقافة، وأكد محمد الدرهم على أن الدينامية الاحتجاجية التي انطلقت منذ مدة لن تتوقف دون تحقيق المطالب العادلة والمشروعة التي يرفعها جميع المثقفين والفنانين والمبدعين المغاربة. وقد شارك في هذه الوقفة الاحتجاجية التي مرت في جو سلمي وحضاري، إلى جانب المنظمات الثقافية الداعية لها، عدد من الجمعيات الثقافية والفاعلين في الحقل الثقافي والفني كالنقابة المغربية لمحترفي المسرح، والنقابة المغربية للمهن الموسيقية، وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وقطاع الثقافة التابع للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، وخرجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، ونقابة الفنون الشعبية، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، والجمعية المغربية للفنون التشكيلية، والجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، ونادي القصة بالمغرب، بالإضافة إلى حركة الطفولة الشعبية وجمعية الشعلة وجمعية الناشرين، وعدد من نشطاء الحركة الحقوقية والحركة الأمازيغية، وأسماء وازنة من حقول الكتابة والفن والإبداع.