كثيراً ما يتبدَّى للجميع مبتهجاً، بشوشاً، هادئاً، مطمئناً يستقبل الزوار والمدعوين للمعارض الفنية بابتسامته النقية التي ورثها من جذوره الطيبة التي تمتد لعمق مسقط رأسه بدوار إغالن إيت عباس- ضواحي تافراوت، والذي رأى به النور منذ عام 1968، يتعلق الأمر بالصديق الودود اسماعيل بورام المشرف على رواق محمد الفاسي في الرباط منذ عام 2001 قادماً إليه من رواق باب لكبير بنفس المدينة كان اشتغل به لمدة تزيد على ثمانية أعوام، وقبل ذلك عمل بمفتشية المباني التاريخية والمواقع بوزارة الثقافة المغربية. شخصيّاً ومنذ سنوات، ترتبط علاقتي بهذا الصديق، ذي البنية القصيرة والخفيفة، بعدَّة مناسبات ثقافية وفنية، آخرها معرضي الفردي “آثار مترحلة” الذي أقمته قبل أشهر بنفس الرواق وكذا توقيع كتابين من إصدارنا العام الماضي، يتعلق الأمر ب:”الإستشراق الفني في المغرب- أيقونوغرافيا مُغايرة” و”الكاريكاتير في المغرب- السخرية على محك الممنوع”، كانت أقامته جمعية الفكر التشكيلي خلال مارس الماضي. منذ أن تعرَّفت عليه، أحسست بطيبوبته وموهبته في تجهيز المعارض الفنية بشكل احترافي يفرغ فيه كل جهده وخبرته دون كلل أو ملل. يشتغل بكدٍّ عصامي نادر ويَعتبر كل المعارض التي يتكلف بتدبيرها داخل القاعة، فردية كانت أم جماعية، جزءاً من مسؤوليته..يحاور الفنانين وينصت إليهم بشغف..يجالسهم و”يجادلهم” أحياناً في أمور تقنية حرصاً منه على جودة تصميم المعرض وتجهيزه في أبهى صورة..كثيراً ما يصعب علي العثور عليه داخل القاعة والفضاءات الخارجية التابعة لها بسبب كثافة وتنوُّع انشغالاته ما يجعلني مضطراً لاستعمال الهاتف لأجده منهمكاً في العمل: إعداد حقيبة الأكسسوارات وتفقد محتوياتها، تحضير الحيطان والتأكد من جاهزيتها، توفير لاصقة البطاقات الخاصة ببيانات اللوحات والقطع الفنية Cartels، وضع الملصقات والوسائط الأيقونية المماثلة في الأماكن المخصصة لها..إلخ. وقبل تثبيت اللوحات، يأخذ المسافات والحسابات الكافية والدقيقة حاملاً في يده الميزان المائي Niveau à bulles لقياس درجة الميل، مثلما يحرص على ضبط الإضاءة التي هي من أهم شروط العرض الفني داخل الأروقة والغاليرهات. وقبل مباشرة هذه المهام الفنية، يقوم بفتح تلافيف الأعمال الفنية بكياسة كبيرة وعدِّها وتسجيلها في كناش خاص يدوِّن به كل المعلومات والبيانات التي قد يعود إليها عند الحاجة والاقتضاء.. اسماعيل بورام صديق الفنانين التشكيليين – كما يلقبه كثيرون- يمتد عمله أيضاً ليشمل هندسة الصوتيات والمرئيات كلما تعلق الأمر باحتضان الرواق المذكور لندوة أو محاضرة أو توقيع كتاب على هامش هذا المعرض أو ذاك. كما أنه خطاط موهوب أضحى ينفذ لوحات الخط العربي بعصامية مستعيناً بمعرفته الذاتية وتكوينه الشخصي، مستعملاً في ذلك الورق المقوَّى والقصب والحبر الصيني ومسحوق الجوز كسنائد ومواد للإبداع، وقد أطلعني غير ما مرة على بعض تشكيلاته الحروفية التي يخبئها داخل المخزن الصغير المحاذي للرواق واكتشفت ولعه وشغفه بسحر وجمالية الخط العربي والزخرفة الإسلامية. أكلته المفضلة الكسكس المغربي ب”سبع خضاري”، والموسيقى التي ترافقه أثناء اشتغاله عادة ما تتوزَّع بين الموسيقى الكَناوية والموسيقى الحسَّانية والطرب الأندلسي.. اسماعيل بورام إنسانٌ لطيفٌ، وفيٌّ، متفائلٌ، ومقتنعٌ بتجربته وأدائه. يعمل بجدٍّ وإخلاص ما يجعلنا ندخر له الكثير من المحبَّة..وهو جدير بذلك..