قال محمد السكتاوي، إن منظمة العفو الدولية، أبدت قلقا شديدا حيال ما وصفته ب «الردة الحقوقية الخطيرة» التي بات يشهدها المغرب، وذلك على غرار بلدان عديدة في العالم، مضيفا في حوار أجرته معه بيان اليوم، أنه بدل أن تبادر الحكومة إلى معالجة أسباب السخط والاحتجاجات السلمية المطالبة بالعدالة الاجتماعية، لجأت إلى استعمال أساليب تمس بشكل كبير بحقوق الإنسان، كالاعتقال والتضييق على حرية التعبير من خلال قيود على الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، خاصة في صفوف المدافعين الحقوقيين. وفيما يلي نص الحوار. وردت في مقدمة التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية، حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، عبارة «ردة حقوقية خطيرة «، هل يسري معنى هذه العبارة أيضا على المغرب ؟ المغرب يعيش مزيجا من التطورات الإيجابية والسلبية، فهناك الكثير مما تحقق، لكن هناك تراجعا يسجل على بعض المستويات، خاصة مسألة حرية التعبير والاحتجاج، وعمل الصحفيين المدونين. لا يعقل أن نجد اليوم مثلا، حسب تقدير أمنيستي الدولية، 400 معتقل في أحداث الريف معظمهم، حسب الأبحاث التي قمنا بها، ساهموا في تظاهرات واحتجاجات ذات طابع سلمي، فيما الصحفيون الذين اعتقلوا، فقد تعرضوا لذلك فقط، لكونهن تابعوا هذه الأحداث. لذلك نتوجه بتنبيه للحكومة المغربية، إلى أنه بدل الهجوم على الحقوق الأساسية، يجب الوقوف على الأسباب التي تدفع الناس إلى الاحتجاج، هذه الاحتجاجات شهدتها مدن الحسيمة، جرادة، زاكورة، ومناطق أخرى ومن المتوقع أن تتمدد إلى جهات، أخرى. إذن عوض اتهام المدافعين عن حقوق الإنسان بترويج أخبار غير صحيحة، حيث أن المتابعات تكون بسبب هذه الاتهامات، على الحكومة أن تضع برنامجا يجمع الناس حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لأن الأسئلة المطروحة الآن تتمحور حول العدالة الاقتصادية في الريف، والعدالة البيئية، التي خرجت من أجلها ساكنة بني وكيل، الذين اعتقل عدد منهم بسبب احتجاجهم على وجود مقالع للصخور والتي ينتج عنها انتشار للغبار، يؤذي الساكنة والطبيعة والماشية، بل جميع الكائنات الحية بالمنطقة. وهذا الاعتقال طال أيضا المناضلين المعارضين الذين يعتبرون أن الخيارات المتبعة داخل البلاد ليست خيارات سليمة، ومن هنا نوجه دعوة للحكومة لوضع يدها على الداء الأساسي، بدل مواجهة هذا الواقع بالتهرب عبر اتهام الآخر والتضييق على الحريات الأساسية. ألا يمكن أن تشكل الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان أحد المداخل الأساسية لهذا الوضع الذي تصفونه بالمتردي؟ يجب التأكيد في البداية، أن الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، ليست جديدة، فقد سبق أن تم إعداد هذه الخطة قبل سنوات، لكن حينما نعود لهذه الخطة التي يتم الحديث عن تحيينها، لا يمكن ان نكون عدميين ونقول إنها لا تحمل أي شيء إيجابي، أو نكران أهميتها، ولكن ما يلاحظ على هذه الوثيقة أنها لازالت تتضمن عدة نقط سماها واضعوا الخطة» قضايا خلافية معلقة». وفي هذا الصدد، نحن داخل أمنيستي، نعتبر حقوق الإنسان هي حقوق متكاملة ولا يمكن تجزيئها، فلا أوافق على التصريح الذي تقدم به مصطفى الرميد، الوزير المكلف بحقوق الإنسان ، والذي أعلن فيه أن إلغاء عقوبة الإعدام، يجب تأجيل النظر فيه، في حين الدستور المغربي ينص على الحق في الحياة، كما لا يمكن أن أوافق على تصريحه بشأن حقوق المرأة ، حيث يدعو إلى تأجيل النظر في بعض جوانب هذه الحقوق، وحتى لا نثير هنا مسألة الإرث، نشير فقط إلى الزواج المبكر، حيث الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الدولة تقدم أرقاما تتراوح بين 30 ألف و40 الف حالة زواج لفتيات صغيرات تسجل سنويا وهي في تزايد، والغريب أن هذا الزواج يتم رسميا بأمر من قضاة، حيث يكتفي القاضي بالنظر في الفتاة وإصدار ترخيص بل أمر التزويج ، في حين أن الفتاة لم يتجاوز عمرها 12 أو 13 ربيعا. وأجدد التأكيد أن حقوق الإنسان لامجال فيها للقضايا الخلافية، فإما يجب خوض حقوق الإنسان واعتمادها في كليتها وشموليتها، خاصة وأننا في المغرب أعلنا التزامنا بها دستوريا، كما التزمنا بها من خلال المواثيق والاتفاقات التي صادقنا عليها، وفي حال التجزيء، أحبذ أن تكون هناك شجاعة للإعلان بشكل صريح أنه تم التخلي عنها، أما نهج الانتقائية في مجال حقوق الإنسان فذلك يعني تسييس المجال، فاليوم هناك الرميد ذي توجه معين على رأس الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، وغذا قد يكون هناك وزير من تيار يساري، شيوعي مثلا، يعني سيتم اعتماد نهج مغاير، وهذا يعني أنه يتم التعامل مع حقوق الإنسان بمنظور سياسوي، لذا نؤكد في منظمة أمنسيتي الدولية، أن التعامل مع حقوق الإنسان لا يجب أن يخضع للمنظور السياسي، وأن حقوق الإنسان هي من صميم كرامة الإنسان وبالتالي يجب الحرص على احترامها وضمانها وحمايتها. على ذكر الوزير المكلف بحقوق الإنسان، أشار في عدد من تصريحاته، آخرها تصريحه خلال استضافته من طرف منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء، حيث قدم مبرر خيار نهج التدرج الذي اعتمده المغرب في مجال حقوق الإنسان، خاصة فيما يرتبط بمسألة الميراث وإلغاء عقوبة الإعدام، فما تعليقكم؟ إذا عدنا للتاريخ السياسي للمغرب، وبحثنا في عبارة التدرج، على مدى الخمسين سنة الماضية، سنجد هذه العبارة تتردد على لسان الفاعل السياسي، فحتى يتحرر هذا الفاعل من التزامه يكرر هذه العبارة، وهذا أمر غير مستساغ إذ ينبغي الوضوح وعدم تقديم تبريرات ليست ذي أساس يذكر. *مدير منظمة العفو الدولية – المغرب-