أفادت الدراسات الاستقصائية للأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية، لصندوق النقد الدولي، تحت عنوان "آفاق الاقتصاد الإقليمي مستجدات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان"، أنه من المتوقع ازدياد النمو على المستوى الإقليمي من 3.7 في المائة في عام 2016 إلى 4 في المائة في عام 2017، وإلى 4.4 في المائة سنة 2018، عازية النتائج الإيجابية لهذا الارتداد إلى تراجع الصدمات بدءا من عام 2016. وأفاد ذات المصدر أن المغرب عرف تحسنا في الآفاق، والذي يعكس استمرار المكاسب من الإصلاحات المهمة، التي أدت إلى خفض العجز المالي وتحسين مناخ الأعمال، علاوة على تعافي النمو على المستوى العالمي، والذي يتوقع أن يعزز الطلب من أسواق التصدير الرئيسية في المنطقة. وأكدت الدراسة أن الاتجاهات المالية العامة بدول العالم العربي بما فيها المغرب مشجعة، حيث انخفض متوسط عجز المالية العامة من ذروة بلغت 9.25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2013 إلى حوالي 7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2016، ويعكس هذا التحسن، في جانب كبير منه، انخفاض دعم الوقود. وأوضح تقرير صندوق النقد الدولي، أن الحفاظ على وتيرة الضبط المالي سيظل يشكل تحديا، "ففي عام 2016، كانت الإيرادات أضعف مما كان متوقعا مقارنة بعدد أكتوبر 2016 من تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي"، والسبب، ضعف تحصيل الضرائب، فضلا عن تراجع النمو. وبينت الدراسة أنه رغم الوفورات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط وتقليص الدعم، غير أنها سمحت بزيادة الإنفاق على البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية، وهو ما سيزيد من صعوبة الحفاظ على هذا الإنفاق الآن مع توقعات ارتفاع أسعار النفط. وأبرز صندوق النقد الدولي، أن إحدى الأولويات الرئيسية للبلدان المستوردة للنفط هي تحقيق إيرادات أعلى من خلال توسيع القاعدة الضريبية الحالية، حيث سيتطلب ذلك اتخاذ تدابير لترشيد تعدد معدلات الضريبة على القيمة المضافة بالمغرب، ناهيك عن تبسيط هيكل معدلات الضريبة وإلغاء الإعفاءات، وهو ما سيقتضي بذل جهود متجددة لتعزيز الإدارة الضريبية. واعتبر التقرير أن معدلات النمو تتسم في كافة البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان بالتدني لدرجة تحول دون خفض البطالة أو تحسين الدخل على نطاق واسع ومرن. والتي سوف تحول القيود على المالية العامة دون قيام السلطات بإعطاء دفعة للنمو من خلال الإنفاق العام وحده. ولذلك، هناك حاجة ملحة حسب الصندوق لإجراء إصلاحات هيكلية، تعزز نشاط القطاع الخاص وزيادة الإنتاج، وأوضح المصدر ذاته، أنه بالفعل قد حدث تقدم في هذا الاتجاه، بما في ذلك الارتقاء بحماية المستثمرين والقواعد التنظيمية. ودعا صندوق النقد الدولي المغرب إلى سن المزيد من التدابير لتعزيز المنافسة، فضلا عن معالجة تطابق المهارات بين الباحثين عن العمل وأرباب العمل، و"بشكل أعم، تتطلب معدلات البطالة المرتفعة باستمرار إحراز مزيد من التقدم في إصلاح سوق العمل، بما في ذلك الجهود الرامية إلى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل" تقول الدراسة. وحذر في الأخير التقرير السنوي المغرب من مغبة تدهور الأوضاع الأمنية أو التوترات الاجتماعية بالبلاد، ناهيك عن بطء تنفيذ الإصلاحات، الأمر الذي من الممكن أن يبعد عملية تنفيذ السياسات عن مسارها وإضعاف النشاط الاقتصادي.