توقع تقرير حديث لصندوق النقد الدولي بشأن مستجدات آفاق الاقتصاد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، استمرار التعافي «المتواضع» في المنطقة عام 2015، وذلك على الرغم من هبوط أسعار النفط واحتدام الصراعات الإقليمية واستمرار حالة عدم اليقين بشأن التحولات التي أعقبت الربيع العربي. وتوقع الصندوق في تقريره، الذي صدر مؤخرا، ارتفاع معدل النمو في الدول المستوردة للنفط في المنطقة، ومن بينها المغرب ومصر ولبنان والسودان وتونس إلى أزيد من 4 في المائة عام 2015، مقابل 3 في المائة عام 2014، مع توقع ارتفاع الصادرات بسبب التعافي التدريجي في منطقة اليورو (الشريك التجاري الرئيسي لعدد من دول المنطقة). وتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق المغرب ثاني نسبة نمو في العالم العربي خلال السنة الجارية، والتي ستصل إلى 4,4 في المائة، وسترتفع هذه النسبة إلى 5 في المائة في العام المقبل. وحسب التقرير نفسه، فإن تحقيق المغرب لهذا النمو يرجع بشكل أساسي إلى توقعات بأن يكون الموسم الفلاحي الحالي جيدا، ناهيك عن انخفاض سعر البترول على الصعيد العالمي. وجاء المغرب، وفق تصنيف صندوق النقد الدولي، في المرتبة الثانية بعد قطر، والتي من المتوقع أن تحقق نموا يصل إلى 7 في المائة. وتوقع التقرير أن تتراجع نسبة البطالة في المغرب، إذ ستنتقل من 9,9 في المائة، خلال العام الحالي، إلى 8.9 في المائة العام المقبل، كما سيحقق الميزان التجاري تحسنا نتيجة لارتفاع نسبة الصادرات المغربية من السيارات. وأشار صندوق النقد الدولي إلى تنفيذ العديد من دول المنطقة وعلى رأسها المغرب، إصلاحات هيكلية صعبة، والتي من المتوقع أن تساعد على تقليل العوائق في توفير إمدادات الطاقة ومواصلة دعم الاستثمارات والصادرات، ومواجهة ضغوط ارتفاع سعرالصرف الحقيقي. ويُرجح التقرير أن يسهم انخفاض سعر النفط في دعم الثقة من خلال المساهمة في تخفيف مواطن ضعف المالية العامة والحسابات الخارجية.. ويتوقع الصندوق تراجع معدل التضخم بصورة حادة عام 2015، بمقدار 2.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 7 في المائة، وهو ما يرجع بدرجة كبيرة إلى انخفاض أسعار الغذاء، بينما توقع استمرار الضغوط التضخمية في بعض الحالات نتيجة لإلغاء دعم الطاقة وتمويل عجز المالية العامة. وخفض الصندوق توقعات الدين العام في 2015 بنقطتين مئوتين من إجمالي الناتج المحلي، مقابل تقديرات أكتوير ليصل إلى 75 في المائة من اجمالي الناتج المحلي. وقال إن إصلاحات الدعم ساعدت على وقف زيادة العجز في الميزانية العامة، والذي انخفض بمقدار 1.5 نقطة مئوية ليصل إلى أقل من 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2014. وساهمت إصلاحات الدعم في زيادة التحويلات إلى البرامج الاجتماعية لدعم غير القادرين والانفاق على التعليم والرعاية الصحية. غير أن الصندوق حذر من أن مستوى تغطية الاحتياطيات – ما يكفي حوالي ثلاثة أشهر من الواردات- لايزال متدنيا في أكبر اقتصادات المنطقة، وتوقع الصندوق أن تواصل الحكومات ضبط مراكز المالية العامة في 2015 مع التركيز على تدبير الإيرادات. كما توقع التقرير تراجع معدلات عجز المالية العامة بمقدار نقطة مئوية أخرى من إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى 7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، وأن تركز سياسات تدابير الإيرادات الضريبية، بما في ذلك إلغاء الإعفاءات وتحسين الإدارة الضريبية وتبني إصلاح ضريبة الدخل. ومن ناحية أخرى، توقع التقرير استمرار النمو المطرد في الدول المصدرة للنفط بما في ذلك دول الخليج بمعدل 2.4 في المائة عام 2015، مصحوبا بمعدل تضخم منخفض، وذلك على الرغم من التراجع الحاد في أسعار النفط. وأرجع التقرير هذا النمو إلى التعافي في إيران ونمو الأنشطة المتعلقة بالنفط في المملكة العربية السعودية.. ويقول التقرير: فبينما تواجه هذه الدول خسائر كبيرة في إيراداتها النفطية، حيث هبطت أسعار النفط من يوليوز 2014 وأبريل 2015 بنسبة 50 في المائة، فمن المتوقع أن تستخدم الاحتياطيات المالية المتراكمة وموارد التمويل المتاحة للتخفيف من وطأة انخفاض الإيرادات على النمو وإبطاء إنفاقها من المالية العامة بالتدريج، حتى تتمكن من إعادة بناء الاحتياطيات الوقائية التي تساهم في التكيف مع تقلب أسعار النفط. غير أن التقرير حذر من أن زيادة معدل النمو الاقتصادي في المنطقة لاتزال أقل مما يسمح بتخفيض معدلات البطالة المرتفعة على مستوى المنطقة، وخاصة بين الشباب، مؤكدا أن تحسين آفاق الاقتصاد على نحو قابل للاستمرار واحتوائي، يتوقف على إجراء إصلاحات هيكلية متعددة.