واصل رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران سلسلة خرجاته المثيرة للجدل، آخرها كلمته المباشرة التي بثها ليلة اليوم الإثنين، من خلال صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، هاجم من خلالها خصومه السياسيين واستفز الموظفين بدفاعه عن رفع سن التقاعد ليبلغ 65 سنة عوض 63 سنة. ولفهم خلفية هذه الخرجة الإعلامية، والهدف منها في هذه المرحلة المتسمة بتوثر العلاقات بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، أوضح رشيد لزرق، الخبير الدستوري المتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية، في تصريح ل”برلمان.كوم” أن بن كيران يريد أن يوصل من خلال خرجته إلى أن “البيجيدي” يتنازل في الحدود القصوى، لكي لا يصبح وجوده محلّ جدل، ويضغط على العثماني لكي لا يتسرع في تقديم هذه التنازلات؛ “فالجهات الضاغطة لا تقبل أحيانا بغير ما تريد حتى في صورة تململ القواعد”، مضيفا أن وحدة التنظيم في حاجة لضغط بن كيران لكي يحتوي ضغوطات القواعد حتى يجد العثماني مبرّرات إزاء أطراف أخرى، في إطار “تقاسم الأدوار”، حتى لا يخسر الحزب عددا من منخرطيه. وأوضح لزرق أن قواعد العدالة والتنمية يميلون بطبيعة تكوينهم إلى حركة التوحيد والإصلاح، وهم غير قادرين على الالتزام والقبول ببعض المواقف السياسية التي يلتزم بها “البيجيدي”، وهو ما يؤشر على أنّ حجم الاحتقان سيتّسع في المرحلة القادمة، خاصة وأن المسار يفرض على العثماني طي صفحة التجاذبات السياسية، وترك بن كيران يلعب دور التنفيس داخل التنظيم للمحافظة على وحدته؛ لأنه سيخسرعددا من كتلته الناخبة بعد إلباس العثماني جبة البراغماتية السياسية وعدم تقمص دور المزايد. وأشار ذات المحلل السياسي إلى أن مواقف بن كيران ما هي إلا محاولة لتقزيم حجم التباين داخل صفوف الحزب “الإسلامي”؛ سيما وأن صقوره غير قادرين على الالتزام والقبول ببعض المواقف السياسية التي يلتزم بها التنظيم، معتبرا أن التصعيد الذي يلجأ إليه بن كيران هو عودة للعب دور الضحية وإظهار أن العثماني تنازل بما يكفي، بالإضافة إلى كون هذا التصعيد يخدم مصلحة “البيجيدي” ويضمن التفاف القواعد خلفه. وفسر لرزق خرجات بن كيران بالحاجة إلى تنفيس القواعد البيجيدية المستاءة من تنازلات رئيس الحكومة وتيار الاستوازارلفائدة باقي مكونات الأغلبية ولو على حساب مصلحة حزب العدالة والتنمية، مضيفا أن ذلك يدخل أيضا في إطار تقاسم الأدوار بينه وبين العثماني، الذي تفرض عليه البراغماتية السياسية التنازل من أجل إحداث متغيرات مع المعارضة، خاصة الأصالة والمعاصرة، لإدراكه أن خلافات السياسيين لا تعني كثيرا الفئات الاجتماعية من عموم الناس.