"الهدف ( من المخطط الاستعجالي 2009-2012 )......هو جعل المدارس أكثر جاذبية من أجل استعادة ثقة الناس في المدارس المغربية ومساعدتها على القيام بدورها" وزير التربية الوطنية أحمد أخشيشن لقد سبق لي أن أشرت في أكثر من مقال وفي أكثر من مناسبة إلى التفريط الممنهج للمعالم التاريخية لمدينة دمنات والى تشويه معمارها الهندسي ، واليوم يبدو لي أن الدور قد أتى على المؤسسات التعليمية . مثلما هو الشأن بالنسبة لبناية ثانوية حمان الفطواكي الاعدادية التي تم تشويه هندستها بعد ان امتدت اليها يد الإنكماش والتقزيم واستجزأت شطرا مهما منها لخلق الثانوية الإعدادية مولاي إسماعيل الجديدة/القديمة . لقد تم السطو على جزء من عقار هذه الثانوية الإعدادية وهي التي تعتبر من أقدم واهم مؤسسات التعليم الثانوي بدمنات والإقليم حيث يعود بناؤها إلى فترة الستينيات من القرن المنصرم. بعد ان عرفت ميلاد اقسامها الأولى بمدرسة حي الصناع قبل أن تبنى كثانوية قائمة الذات بالمكان المسمى :"افرض نايت اشفر " تحت مسمى ثانوية دمنات المختلطة(مدرسة ميمونة حاليا) وبعدها تم تحويلها إلى " الرياض نلقايد " حيث بنيت وسميت تيمنا بالمقاوم الكبير ابن منطقة تيديلي فطواكة المقاوم حمان الفطواكي . وفي زيارة خاطفة لثانوية مولاي إسماعيل التي خرجت بولادة قيصرية من رحم حمان الفطواكي و التي يديرها أحد اصدقائي وحيث يعمل أخي حارسا عاما للخارجية ، صدمني واقع هذه المؤسسة التي تفتقر لأبسط المرافق الضرورية التي تحفظ للتلاميذ و الأساتذة على حد سواء كرامتهم وإنسانيتهم ، فالمؤسسة المقتطعة حديثا ظلما و عدوانا من جسم حمان الفطواكي تغيب فيها أبسط المرافق الضرورية وعلى رأسها المخابر العلمية وقاعات للتعليم المختص والملاعب الرياضية المستودعات ( مشتركة مع المؤسسة الأم) وتصوروا معها حالة تلك الملاعب بوجود هذا العدد الهائل من التلاميذ من المؤسستين في حصة واحدة . أما المكتبة المدرسية وقاعة المطالعة فإنها تدخل و لاشك في باب :" أش خاصك العريان..." كما يعاني العاملون بهذه المؤسسة من انعدام قاعة خاصة بهم يستريحون فيها من عناء التنقل بين أماكن إقامتهم ومقر عملهم و في فترتي الاستراحة الصباحية والمسائية ، وكلنا يعلم مدى أهمية قاعة الأساتذة في خلق جو التنسيق بين أساتذة نفس المادة والعمل المشترك بين أساتذة المواد المختلفة،وفي خلق أجواء المودة بينهم. والمدير و الأساتذة والحارس العام يتقاسمون فضاء متعدد الاستعمالات فهو مستودع الجديدة والمستعملة وهو مكتب للمدير وللحارس العام وقاعة للأساتذة وقاعة للاجتماعات ...... تلكم بعض مظاهر التهميش والحيف الذي تعاني منها المؤسسة وهو ما اعتبره شخصيا تعبير صارخ وعنوان بارز للاحتقار و الحكرة التي يعاني منها التعليم بهذا المدينة أو المدشر او القرية او الدوار أو سميه ما شئت من المسميات المهم هذا التجمع السكاني المسمى دمنات ، فهل يمكن أن نتساءل عن تكافؤ الفرص بين التلاميذ في هذه الظروف الدراسية ؟، أم نتساءل عن المردودية بين المدرسين في ظروف العمل الناجمة عن هذا الوضعية المزرية ؟ أين ذهبت الميزانية الكاملة التي كانت مخصصة لبناء الثانوية الإعدادية مولاي إسماعيل خصوصا وأنها حديثة التأسيس؟ وما هو نصيب حمان الفطواكي ومولاي يوسف ومولاي إسماعيل والمركزية وحي الصناع وتغرمين و...و...و....و...من برامج تأهيل المؤسسات التعليمية الذي رصدت له أموال طائلة في إطار البرنامج الإستعجالي؟ ام ان نصيب المؤسسات التعليمية بدمنات من ذلك كله هو .... لقد شهدت دمنات في السنوات الأخيرة توسعا عمرانيا كبيرا مقابل غياب المرافق الضرورية خاصة المؤسسات التربوية التي تعتبر من الأولويات، إذ لم يجد المسؤولون امامهم لمجابهة هذه المشاكل سوى حلول ترقيعية بوسائل جاهزة وغير مكلفة ولم يجدوا حلا للطلب المتزايد على المقاعد الدراسية في الاحيان السكنية الجديدة سوى في الإجهاز على تلك الحديقة الغناء للمدرسة المركزية التي كانت فيما مضى فضاء لتلقين التلاميذ أبجديات الحفاظ على البيئة وتم تحويلها إلى ثانوية مولاي يوسف (رحم الله الأستاذ رحيم المدعو الفلاحي إذا وفته المنية وأطال الله في عمره إذا لازال على قيد الحياة ) ولم يجدوا من حل لورطة عدم اكتمال بناء الثانوية الاعدادية مولاي اسماعيل بحي ورتزديك غير اقتطاع جزء من جسم حمان الفطواكي . تصورا 3 إعداديات في مربع واحد يفصل بينهما سور موسى التاريخي أو ما تبقى منه ومن الستينية ) قصر( الرياض ،لان معاول المقاولين وجرا فاتهم بالإضافة إلى عوامل الزمن قد أتت عليه في غفلة أو تواطؤ من المسؤولين ومنهم يا حسرة منتخبونا المؤتمنون على حقوق البلاد والعباد . بربكم هل هذه المؤسسات بوضعيتها الحالية والأعباء المطروحة عليها قادرة على النهوض بالمهام الموكولة اليها أو التي ستوكل اليها مستقبلا ؟؟ أين نحن من المؤسسة التعليمية العمومية المحلية التي تتوفر على الشخصية المعنوية والاستقلالية الإدارية والمالية؟؟؟ أين نحن من الجودة ومن مشروع المؤسسة ومن المردودية ومن الإنتاجية ومن... ومن .. ومن ..ومن ..؟؟؟ التي يتبجح بها المسؤولون صباح مساء ، كلام فارغ ، ولعل زيارة خاطفة للمؤسسات التعليمية بدمنات والوضع الهش الذي هي عليه قد تجيبنا عن هذا السؤال وعن خلفيات هذا التجزيء الذي يعالج أزمة بأخرى . إن هذا الوضع لابد وان يطرح للنقاش بشكل أوسع ، نقاش تساهم فيه كل الفعاليات التي لها ارتباط وثيق بالحقل التعليمي، وألا تقتصر احتجاجات بعض نساء ورجال التعليم حول وضعياتهم الإدارية والمالية التي هي ضرورية ما في ذلك من شك ، ولكن لا بد كذلك من فتح نقاش موسع وهادف بين أطر الإدارية والتربوية وهيئة التدريس لأنها هي التي تكتوي بنار غياب ظروف العمل المواتية ومختلف مكونات الجسم التعليمي وممثلي الفعاليات المحلية، وجمعيات الآباء، والمنتخبين المحليين والبرلمانيين ، حول أسباب تهميش هذه المدينة ونواحيها ، حتى يوضع حد لمعاناة أبنائنا مع رحلة التمدرس في مختلف الأطوار التعليمية بعيدا عن مقرات سكناهم لمسافات طويلة جدا في غياب المدارس في الأحياء المعزولة، أو تحويلهم الى مدن بعيدة بسبب افتقار دمنات لثانوية تقنية او شعب تقنية على الأقل، وهو مشكل يؤرق التلاميذ والأولياء على حد السواء أمام عجز السلطات التعليمية عن تجسيد العديد من المشاريع التربوية بهذه المدينة والتي تصطدم كل مرة بأزمة مفتعلة . لابد من التعبئة الجماعية حول المدرسة العمومية بدمنات لأنها هي الملاذ الوحيد لأبناء الطبقات المسحوقة ولا بد لذوي الضمائر الحية أن يضعوا في أجندات نضالاتهم كائنا اسمه المدرسة العمومية. مع تحياتي