قال أحد المستشرقين و هو يبحث في المجتمعات العربية، قال ما يلي العربي يثور على أتفه الأشياء . و حينما نتأمل في هذه المقولة نجد أنفسنا في مغرب " التفاهات " فهذه الأيام اتجه الرأي العام إلى حالة فتاتين بسوق إنزكان في محيط أكادير تم اعتقالهما بسبب لباسهما (المخل بالحياء ) كما يدعي الذين نصبوا أنفسهم أمراء الدين أو حراس الإسلام الظلامي في هذه البلاد . و لقد تحول المجتمع اتجاه هذه الظاهرة ، التي أججها الأمن باحتجاز الفتاتين خارج الشرعية الوطنية و الدولية . تحول المجتمع اتجاه هذه الظاهرة تاركا ورائه القضايا التي تحاك ضد مصير للأمة و التي عليه أن يثور ضدها و التي من منها و من بينها ارتفاع الأسعار ، التخطيط للزيادة في ثمن البوطان و الدقيق و السكر ، سن قوانين انتخابية تسمح بعودة ناهبي المال العام و المفسدين ، التخطيط لإفراغ التعليم من محتواه العلمي و من هويته الوطنية عبر البحث عن تجارب فاسدة كفساد المواد المهربة التي تم ضبطها بحلول رمضان ، الحماية الحكومية للفساد و المفسدين و لمهربي العملة الوطنية نحو الأبناك الخارجية ، تفويت الاقتصاد الوطني بكل ركائزه للأجانب ، فتح الباب لأصحاب الأموال من أجل تسلم ما تبقى من القطاعات الاستراتيجية ، فضائح التعليم من خلال تسريب الامتحانات الإشهادية و من خلال تسريبات عن فضائح البرنامج الاستعجالي التي تتهم شخصيات وازنة في وزارة التعليم بالتلاعب في الصفقات و في الاعتمادات الخاصة بالتكوين و بالتنقلات ، خلق أزمة بالقطاع الصحي لتشجيع القطاع الخاص الذي لا يهمه إلا نهب جيوب المواطنين إلخ ... هذه القضايا هي التي في حاجة إلى ثورة و ليس ثورة من أجل لباس يباع في الأسواق و معروض في الشوارع و في لوحات الإشهار و في محلات الذين يدعون الإسلام و هم يجهلون مقاصده و أركانه . فلباس الفتاة في بلادنا عرف عدة أشكال و أنماط منذ الاستقلال و ما سبق أن تكلم أحد عن هذا اللباس . لأن الناس كانوا لا يهتمون بما تلبسه السيدة و لكن بما تحمله من أفكار و من قدرات و من وطنية و من إخلاص لجيلها . أما الآن استطاع النظام بكل أركانه التشريعية و القضائية و التنفيذية و الدينية و أحزابه الإدارية و جمعياته تحويل اهتمام الشعب المغربي إلى التفاهة إن أراد أن يثور و حتى لا يثور ضد السياسة المخزنية /التفقيرية الإقصائية و ضد التطبيع مع الصهيونية و ضد التطبيع مع الفساد الذي تحميه الحكومة و ضد و الرشوة المتفشية و ضد القنوات الوطنية التي تسمح لشركات الإشهار الإمبريالية / الصهيونية بتمرير وصلات إشهارية تحط من كرامة المرأة و بلباس أكثر شفافية بغير هدوم كما قال عادل إمام و لن يكون لباس فتيات إنزكان مثل ما تقدمه قنواتنا المحترمة التي لا تبت إلا برامج "التكليخة" و الإباحية عبر مسلسلات تدوم فيه القبلة العاطفية عدة توان ؟ إننا أصبحنا في مغرب التفاهات السياسية و الثقافية و الاجتماعية و ليس في مغرب يمضي نحو بناء الفكر العلمي و نحو بناء الدولة الديمقراطية ، دولة العدالة الاجتماعية دولة ربط المسؤولية بالمحاسبة ، دولة الحق و القانون . البدالي صافي الدين القلعة