فوانيس شاحبة، مزكومة، ترشح بماء المطر.. يحتل عريها طبقة من الصدأ وقطع من الليل.. معلقة على جدران واطئة.. عارية..سافرة الملامح..إلا من بقايا نيلة وجير وكأنه البرص..تحدث فوضى عفوية ولذيذة على امتداد الدروب والأزقة الخالية، المغتسلة بالماء الطهور (...)
1.هكذا كانوا يستشعرون مقدمه…
من همسه المنفلت..من شخيره المتعب..من صخب خفيه وهما يكنسان الأرض..من رائحة السمك التي ترافقه أينما حل وارتحل.. ومن ظله الأعوج وهو يسابق هيكله الخيزراني.. فترقص قلوبهم فرحا..يخادعون الرتابة على غفلة من أنفسهم..يعلنونها (...)
منذ اختفائه المفاجئ، وأنا أرى نفس الحلم..أراه يقف على مرمى من البصر، فوق صخرة خضراء، تتخذ شكل جمجمة، يصد هجمات طيور بحرية، تحاول سرقة صيده..الموج الذي يحيطه من كل جانب، يتلاطم على الصخرة فيشكل نافورة ضخمة من الزبد..ورغم الضربات الموجعة التي كان (...)
أزاحت الستارة عن سلعتها حينما رمقته قادما من بعيد ..تسامى عن رغباته وهو يدس ورقة نقدية من فائة خمسين درهم في يدها..وهو ينصرف نفثت في وجهه نفس سيجارتها الأخير، ورجمته بالورقة النقدية بعد أن دعكتها بين أصابعها بإحكام...
أسدلت الستارة على فاكهتها (...)
كثر الحديث في أيامنا هذه عن المسحوق الساحق، ذاك الذي لا يضاهيه أحد في الفتك بالأوساخ !
يتغلغل في الأنسجة..
يقتلع..
يشفط..
يبيد..
تصدر الصحف والمجلات..غزى شاشات التلفاز..أخذ بنواصي السيدات..احتل قلوب العذراوات..زاحم الشمبوهات والمبيدات وكل (...)
في الثالثة عصرا وصفوه بالرجعي، المتزمت، وطالبوه بإعادة النظر في سلوكاته ما دام بأرض الأحرار،ثم... هددوه بالسجن سنة نافذة، ونفيه من الأرض إن هو أقدم ثانية على خدش حرية ابنته الوحيدة ...
في الثالثة فجرا كانت ابنة المتزمت ذات السابعة عشرة ربيعا، تستحم (...)
نظر إلى محتوى الصندوق بعينين زجاجيتين .. أعاد الأوراق داخل الظرف الأصفر الكبير.. داعب النجيمة المتلألئة في أعلى صدره الأيسر.. قال له وهو يفرقع اللبان بين أضراسه الذهبية: إملأ هذه الإسثمارة بمقاطعة ( كذا) ..
لم يعد يذكر كم مرة أعيد فيها فتح الصندوق (...)
كانت تجمعه بهم سفينة صيد إسبانية لم تزر اليابسة منذ ثلاثين يوما..
في العشرة أيام الأولى بدى لهم نشازا وغريبا ببشرته الداكنة، التي لفحتها شمس الجنوب، وكذا شعر ذقنه الكثيف، الذي لم تقبله موسى الحلاقة منذ أن وارى التراب جثمان والده ..أضف الى ذلك صيامه (...)
1.هكذا كانوا يستشعرون مقدمه...
من همسه المنفلت..من شخيره المتعب..من صخب خفيه وهما يكنسان الأرض..من رائحة السمك التي ترافقه أينما حل وارتحل.. ومن ظله الأعوج وهو يسابق هيكله الخيزراني.. فترقص قلوبهم فرحا..يخادعون الرتابة على غفلة من أنفسهم..يعلنونها (...)
تسترسل مراسلة القناة الأجنبية مداعبة عدسة الكاميرا بنبراتها الساخرة: نحن الآن نتواجد بمجرة درب التبانة. نحن بالمجموعة الشمسية. إننا نخترق الغلاف الجوي. دعنا نحلق قليلا فوق القارة السمراء. إننا نطير بالتحديد في اتجاه الشمال الغربي من القارة المتوحشة. (...)
...حينما رأيته لأول وهلة حسبته شخصا غريبا يحل بمنزلنا.. كان أسمر اللون ونحيفا، لا هو بالطويل ولا هو بالقصير، وكان وهنا، وشبابه يوشك على الرحيل، وعندما اقتربت منه أكثر، لاحظت تعبا كبيرا يحفر أخاديده على وجهه الأسمر، وحينما غرست عيني بعينيه الحزينتين، (...)
سال لعاب الطفل وهو يتأمل الشاحنة المدججة بالرغيف الطازج وهي تمر من أمامه مثل سهم مارق..انكمش في قميصه الرث، ثم انزوى من جديد في ركنه العطن...
سالت حلمات أثدائها وهي تشتم رائحة جوع يسكنه منذ زمن ليس بالقصير...
ألقمته ثديا من أثدائها ..ولما ارتوى (...)
لما هدهم التعب والجوع والعطش..ولما كانت شمس تموز قاب قوسين من رؤوسهم العارية..ولما كان البحر يمتد أميالا لا متناهية من تحت مركبهم الضال..فقد قر قرار البحارة السبعة على سلب وميض من الأمل، من الملح والمحال ..
فقال كبيرهم: إني ذاهب لشراء محرك (...)
ينطلق الطفل الصغير ليبتاع "العطوس"لوالده كعاته..يصادف في طريقه شيخا ضريرا يتسول..يتذكر درس الإحسان الذي لقنتهم إياه مدرستهم منذ أيام..يدس النقود في يد الضرير،ثم...يقفل عائدا إلي أسرته، متوقعا منها الثناء.. يتلقى صفعات قوية من لدن أمه وإخوته..ثم أخرى (...)
كان الرواق يعج بالعشرات من الزوار والمريدين، يتوسطهم رجل بدين استطالت لحيته حتى أسفل بطنه.. يرتدي ثيابا مزركشة بألوان زاهية .. تتدلى على صدره سلاسل وأغلالا، وكان يسد ثغرة فمه سيجارا كوبيا ضخما ..
كان يقف أمام كل جدار على حدة .. مستفيضا في شرح (...)
كان الرواق يعج بالعشرات من الزوار والمريدين، يتوسطهم رجل بدين استطالت لحيته حتى أسفل بطنه.. يرتدي ثيابا مزركشة بألوان زاهية .. تتدلى على صدره سلاسل وأغلالا، وكان يسد ثغرة فمه سيجارا كوبيا ضخما..
كان يقف أمام كل جدار على حدة.. مستفيضا في شرح لوحاته (...)
دخل شاهرا سيفه وكان الشرر يتطاير من مقلتيه.. أطاح برأس الدمية الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم اتبعها بعدسات الكاميرات.. والكاشفات الضوئية.. تربع الذعر قلوب الأبطال والبطلات وعصابات الكومبارس فانتشروا لا يلوون على شيء...
بح صوت المخرج وهو يردد : (...)
جرها إلى الوسط، فمالت إلى اليمين.. أعادها مرة أخرى إلى مكانها، فتدحرجت إلى اليسار..(ربطة عنق بمثابة لسان كلب يلعق الثرى ) و( بقساوة حبل المشنقة ) هكذا كان يسخر منه زملاؤه في العمل .. فيما أقسم لهم أنها مصنوعة من أفخر أنواع الحرير ...
هي بمثابة هدية (...)
شيع الذباب العربة الفارهة حتى باب العيادة...
قال لطبيبه وهو يهش بكلتا يديه على الذباب الذي يغطي معظم جسده : كانت ذبابة واحدة تلاحقني أينما حللت أو ارتحلت ... لكن أنظر الآن!!!
قال الطبيب : هذه أغرب حالة أصادفها في حياتي !
قال رجل الذباب: أسعفني يا (...)
بث حزنه وشكواه على ورقة صغيرة .. مذيلة باسمه وعنوان سكنه .. ثم ختم الرسالة بعبارة ( لمن يهمه أمري) ...
طوى الورقة طيا، ثم دسها في عنق زجاجة صغيرة.. وبعد أن أحكم إغلاقها رمى بها إلى البحر..
أقفل عائدا إلى البيت، ولقد لفته السكينة.. فنام قرير العين (...)
ذيل الحكاية:
شخصية وازنة ومهيبة تتوارى وراء مكتبها الأنيق.. تومئ إلي بالجلوس دون أن ترفع عينيها عن الورق المتناثر على مكتبها.. ينتصب بين أصابعها المرصعة بالخواتم الذهبية سيجارا كوبيا.. يتراقص دخانه على إيقاع دقات قلبي المتأهبة للانتحار على حافة (...)
البعد الأول :
أو ترون ذاك الرجل ؟ فهو على أهبة الاستعداد لمغادرة بوابة محطة الحافلات، أو تعرفونه ؟..لا أظن ذلك ! فلا أحد يعرفه. فلا هو بالرجل الثري، ولا هو بالنجم الشهير .. هو نكرة .. هو رجل عادي وبسيط جدا .. فكيف لكم معرفته ! سؤال سخيف ما في ذلك (...)
كان يحمل وردا وماء كعادته .. باقة من طيف الخريف تفرخ براعم صفراء .. وقنينة ماء معدني فقد صفاءه قليلا نظرا لطول الرحلة .. زرع الباقة على يمين المريض .. أمطر الماء عن يساره .. ابتسم المريض كعادته .. ابتسم الزائر كسابق عهده .. تصافحا ..تعانقا .. تهامسا (...)
اللقاء الأول:
في ليلة بيضاء.. في ليلة غابت فيها الغيوم عن جو السماء وحضر القمر .. في ليلة صرخت طفلتي الصغيرة داهشة ، في أول لقاء لها بالقمر : أنظر بابا كم هو جميل هذا الشيء المضيء المعلق في السماء!!!
قلت لها : إنه القمر ...
فرددت ورائي : القمر.. (...)