كان الرواق يعج بالعشرات من الزوار والمريدين، يتوسطهم رجل بدين استطالت لحيته حتى أسفل بطنه.. يرتدي ثيابا مزركشة بألوان زاهية .. تتدلى على صدره سلاسل وأغلالا، وكان يسد ثغرة فمه سيجارا كوبيا ضخما .. كان يقف أمام كل جدار على حدة .. مستفيضا في شرح لوحاته على ما يبدو .. وحينما انتقشعت السحب الآدمية وجدتني أقف مصدوما أمام الجدران العارية إلا من بقع الضوء المنفلت من كاشفاف الضوء المعلقة بسقف الرواق.. ثم انفجرت صالة العرض بتصفيقات من لدن المعجبين والمعجبات تراكموا عليه يرجون توقيعه .. فوقع على البطون والنواصي والسيقان وحتى على الأرداف . اقتربت منه على مسافة شبر أو شبرين .. همس لي : أين تريد توقيعي؟ قلت : أتوق لرؤية لوحاتك ! قال : إنما هناك على الجدران! قلت : أنا لا أرى سوى جدران بيضاء وصماء ! فهمس في أذني : لاشك أنك تعاني من قصر في النظر.. أنصحك بزيارة طبيب العيون ..