■ صاحب اللائحة الوطنية الخاصة بالنساء أو ما يصطلح على تسميته ب"الكوطا"، نقاش دستوري وسياسي ولازال مند سنة 2002 و 2007 ، قبل أن تعتمد هذه الآلية لحل إشكالية الوجود النسائي في المجالس المنتخبة، وتطبيع حضورها بالمؤسسات التشريعية، كيف تقيمون هذا الإجراء في سياق التطلع نحو تعزيز مشاركة المرأة في العمل السياسي، من خلال التمثيلية البرلمانية؟ ■■ نال رفع أعداد النساء في المناصب العامة اهتماما متزايدا خلال العقد الأخير فهو مؤشر للهدف الثالث من الأهداف الإنمائية للألفية " تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة " ويلاحظ أن نسب النساء في المجالس النيابية تزايدت بمعدل سريع خلال العقد الماضي: حيث ارتفعت من 11, 6%في عام 1995 إلى 18,4% في مايو 2008 . وتقارب %19 سنة 2010 إن التوجه العالمي نحو التمكين السياسي للنساء، واعتبار إشراك النساء مؤشرا من مؤشرات الحكامة والديمقراطية، تحول إلى هدف في السياسات الوطنية في مختلف دول العالم ، بسبب الضغوط التي تتعرض لها. ويعتبر مطلب إقرار إجراء الكوطا مطلبا مركزيا لدى مختلف مكونات الحركة النسائية منذ فترة التسعينيات. ويقصد بالكوطا في هذا المجال تخصيص نسبة معينة أو حصة للنساء من أجل الوصول إلى مراكز المسؤولية، استجابة لما دعت إليه اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة من إعمال مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة في المادة الثالتة والرابعة والسابعة والثامنة. وتفاعلت العديد من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بكل إيجابية مع هذا المطلب، وأذكر هنا تجربة حزب العدالة والتنمية بالمغرب والتجربة الأردنية. ومن أكثر الانتقادات الموجهة إلى نظام الكوطا الانتقاد الذي يعتبر التمييز الإيجابي إجراءا يمس الجانب النظري المتعلق بمفاهيم المساواة والمواطنة وسيادة الأمة. ورغم كل ذلك، فقد لقي هذا الإجراء قبولا وتطبيقا في عدد من الدول العربية والأوربية، وأسهم في رفع نسبة تمثيلية النساء في المؤسسات المنتخبة. كما عمدت مجموعة من الدول إلى إقرار نظام الحصة كآلية لتحسين مستوى التمثيلية النسائية بطريقة تدريجية تراعي الوضع الاجتماعي القائم؛ وهي معاملة تفضيلية مرحلية في انتظار توفير شروط النهوض بالمرأة لكي تستطيع خوض غمار المنافسة السياسية والانتخابية. وتظهر التجارب الدولية في هذا الشأن أن تدبير الحصة أصبح يعرف تقبلا وانتشارا في مختلف دول العالم على عكس نظام المناصفة الذي يقتصر على بعض التجارب والقوانين الداخلية لبعض الأحزاب الغربية، ويرجع ذلك إلى مرونة نظام الحصة ومراعاته للواقع الاجتماعي والثقافي للدول التي يطبق فيها. ومن أهم الإشكالات المرتبطة بالكوطا الدمقرطة ، والوضوح في معايير الاختيارلكيلا تتحول إلى مجال للاستغلال من طرف المفسدين . ■ ما هي قراءتكم في اللوائح الوطنية النسائية المرشحة في الاستحقاقات الحالية ؟ ■■ أثارت اللوائح الوطنية نقاشا كبيرا بدءا من ورودها في القانون التنظيمي لمجلس النواب ، وتفاعل مختلف الفعاليات النسائية معها بين مطالب برفع العدد إلى تسعين وتخصيصه للنساء فقط وبين مدافع عن حق الشباب في اللائحة . لاشك أن مغرب مابعد الدستور2011 هو مغرب يحتاج إلى كفاءات عالية ومخلصة لخدمة هذا الوطن، ممايعني القطع مع الزبونية والولاءات والقرابات في اختيار اللوائح الوطنية، وجعلها عوض ذلك مدخلا لمشاركة نسائية وازنة ومشرفة، في مستوى تطلعات المرأة المغربية. وليست مجرد أرقام ونسب تحتسب . ■ هل تستجيب اللائحة الوطنية الخاصة بالنساء للتطلعات المأمولة من هذا الإجراء باعتباره وسيلة مهمة لترسيخ تمثيلية المرأة وتشجيع مشاركتها؟ ■■ يعتبر ولوج النساء لمراكز القرار وإسهامهن في صنعه مظهرا من أهم مظاهر المشاركة الفعلية للمرأة في العمل السياسي ومؤشرا من أصدق مؤشرات الحياة السياسية السليمة. ولمشاركة النساء في صنع القرار إيجابيات كثيرة تتجاوز النساء إلى المجتمع ككل، ويمكن إيجازأهم هذه الإيجابيات في ما يلي : الجانب الأول: المشاركة السياسية للمرأة تعبير عن ارتفاع نسبة الوعي داخل المجتمع فالمشاركة السياسية للمرأة أحد المؤشرات الدالة على تطور نسبة الوعي في أي بلد من البلدان؛ فكلما كانت نسبة هذه المشاركة مرتفعة كلما ازداد وعي المواطنين بحقوقهم وواجباتهم. الجانب الثاني : المشاركة السياسية للمرأة مدخل أساس للإصلاح السياسي، فالمشاركة السياسية القوية للمرأة في الحياة العامة والسياسية أصبحت اليوم معيارا دوليا للبرهنة على اندماج الدول في المنظومة الديمقراطية وما تقتضيه من تفعيل دولة الحق والقانون. إذ لا يمكن تصور قيام نظام ديمقراطي وحكامة جيدة دون المشاركة الفعلية والقوية للنساء في تدبير الشأن العام وفي الحياة السياسية . إذا كان ما سبق رهان من رهانات المشاركة النسائية ، فإن التخوف بشأن اللوائح الوطنية مرتبط بتحويلها إلى المدخل الوحيد للمشاركة النسائية ،وإغفال جوانب أخرى لا تقل أهمية مثل التقطيع الانتخابي وتجاور الدوائر المحدودة المقاعد ، إلى دوائر واسعة تضمن المشاركة النسائية الوازنة ، وكذا انخراط الإعلام الوطني في معركة البناء الثقافي والاجتماعي لصالح المشاركة النسائية الوازنة .