السفياني نائبا ثانيا لرئيس مجموعة الجماعات الترابية طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع    الجزائر.. محامي صنصال يعلن مثوله أمام وكيل الجمهورية اليوم الإثنين    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر        العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    جماعة أكادير تكرم موظفيها المحالين على التقاعد    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة        لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    الأمن الإقليمي بسلا… توقيف شخصين للاشتباه في تورطهما في حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    ياسمين بيضي.. باحثة مغربية على طريق التميز في العلوم الطبية الحيوية    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    نقابة: مشروع قانون الإضراب تضييق خطير على الحريات وتقييد للحقوق النقابية    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    جمعية تنتقد استمرار هدر الزمن التشريعي والسياسي اتجاه مختلف قضايا المرأة بالمغرب        استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    المحكمة تقرر تأخير محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد وتأمر باستدعاء الشاهد خمار الحديوي (صور)    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    "الكونفدرالية" تتهم الحكومة ب"التملص" من التزاماتها بعد تأخر جولة شتنبر للحوار الاجتماعي    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    مخاض ‬في ‬قطاع ‬الصحة..‬    الاشتراكي الموحد يرحب بقرار اعتقال نتنياهو ويصفه ب"المنصف لدماء الشهداء"    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..        الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى في الدول التي تدخل التربية على المساواة في صلب ثقافتها كانت مجبرة على نهج الكوطا لتمكين النساء وهناك من الدول من أدرجها في دساتيرها لحسم كل جدل
نشر في العلم يوم 15 - 05 - 2009

هند الأيوبي الإدريسي أستاذة بكلية الحقوق السويسي.. نائبة العميد المكلفة بالبحث العلمي والتعاون ل«العلم» تشهد بلادنا على بعد أيام إجراء استحقاقات لتأهيل إدارة الشأن المحلي بمنظور ورؤية تواكب التحولات والتطور الذي يعرفه المغرب، وتأتي هذه الاستحقاقات معززة بترسانة حقوقية وقانونية يعززها سند قانوني قوي مجسد في مدونة الانتخابات والتعديلات التي طالتها، وكذا في نصوص الميثاق الجماعي... وتتميز هذه الاستحقاقات أيضا بحضور ومشاركة للمرأة بنسبة ترفع تمثيليتها إلى أزيد من 12%... كل هذا يبدو محفزا لسلوك طريق التغيير وإحداث نقلة نوعية في الديمقراطية المحلية، لكن على أرض الواقع، وخصوصا واقع الحياة السياسية يصعب ضبط المؤشرات أو وضع تقرير أو توقع ولو تقريبي لفترة ما بعد 12 يونيو.. للحديث عن المشاركة النسائية في الاستحقاقات المقبلة، وخريطة التواجد النسائي في الحياة السياسية تستضيف «العلم» في صفحة ضيف وقضية، هند الأيوبي الإدريسي أستاذة بكلية الحقوق السويسي ونائبة العميد المكلفة بالبحث العلمي والتعاون.
**************
س) كثر الحديث عن الحضور القوي للمرأة في الحياة العامة، ومكانتها في الحياة السياسية ومراكز صنع القرار... كيف تؤطرين هذا الحضور وهل يعكس فعلا كفاءة وطموح المرأة المغربية؟
> ج) حضور المرأة في الحياة العامة هو حقيقة لا يختلف عليها اثنان؛ إذ حتى في القطاعات التي كانت إلى وقت قريب حكرا على الرجال؛ أصبحت المرأة حاضرة فيها، مثل المناصب العليا لرجال السلطة؛ اليوم عندنا نساء قائدات، عاملات ومسؤولات على أعلى مستوى؛ لكنه حضور يبقى نسبيا لا يعكس لا واقع المرأة، ولا طموحها، ولا كفاءتها ولا أهمية الأدوار التي تلعبها في التنمية. ولما أقول حضورا نسبيا أعني حضورها في المناصب ذات التأثير والأهمية في سلطة اتخاذ القرار وصنع القرار؛ مثلا المرأة حاضرة بقوة وغزارة في أسلاك الوظيفة العمومية بنسبة أزيد من 30%، لكن في السلالم الدنيا فقط ما بين السلم 4 و6 وعدد ضئيل جدا من النساء هو الذي يتواجد في السلالم العليا من السلم 11 إلى ما فوق، وهذه السلالم أو بالأحرى المناصب هي التي تستطيع فيها المرأة، أن تكون مؤثرة وحضورها فاعل في اتخاذ وصنع القرار، كأن تكون رئيسة مصلحة أو رئيسة قطاع أو أي مناصب تستطيع فيها أن تشارك في التسيير والتوجيه والتأطير والتفكير وحتى في الحياة العامة... ودائما في إطار الوظيفة العمومية، كم هو عدد النساء المسؤولات في مراكز القرار في الإدارات المركزية، مثلا مديرة
مركزية!؟ نجد أن العدد لا يتعدى 11% وهو رقم هزيل، فحتى أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات كانت أحسن مواقع تحتلها المرأة هي رئيسة قسم أو رئيسة مصلحة، حتى الآن لا نتوفر على امرأة مفتشة عامة في الإدارات المركزية، وفي منصب كاتبة عامة، لا يتعدى الرقم أربعة أو خمسة، لذلك فعندما نتحدث عن حضور المرأة في الحياة العامة، ومركز اتخاذ وصنع القرار، هو حضور هزيل بالموازاة مع تواجدها الحقيقي على مستوى الأرقام والكفاءات، ولا أتكلم عن الطموح لأن المرأة في غالب الأحيان هي التي تحبط طموحها.
س) كيف ذلك؟!
> ج) لأن المرأة غالبا عندما توضع أمام معادلة التوفيق بين حياتها الأسرية وحياتها العملية حيث يتمركز التفوق والطموح، تكون هي من يقرر.. وتحل المعادلة دائما بطريقة تحافظ فيها على توازن الأسرة، ويكون ذلك غالبا على حساب طموحها وتفوقها العملي، وهي تكون دائما مجبرة على اتخاذ مثل هذا الحل؛ لماذا..؟ لأن العوامل المساعدة والمسهلة لدورها الأسري غير متوفرة - في الحضانة، في التربية،، وهذا ما يجعل الطموحات والكفاءات النسوية تخضع لنوع من الإقصاء الذاتي، تكون المرأة مجبرة على سلوكه وتقوم به عن طواعية إن صح هذا القول، لأن الأسرة والمدرسة أيضا ساهمتا بطريقة أو أخرى في سلوك هذه الاختيارات والخضوع لإكراهات سوسيوثقافية، وسأعطي كمثال قريب من الواقع ومعاش... مثلا.. نجد عددا كبيرا من التلميذات المتفوقات في المواد العلمية، في مادة الرياضيات، لكن في مرحلة التوجيه في الدراسات العليا نجد أن البنات اللاتي يتوجهن مثلا إلى المدارس التطبيقية، ويمكنهن ولوج المدارس العليا للمهندسين نجد أن الأمر لا يتعدى 5%؛ ونجد في المقابل قطاعات أخرى أصبحت شبه مكتسحة من طرف النساء مثل الطب؛ الصيدلة، طب الأسنان، أي في كل التخصصات
التقليدية، أصبح فيها تواجد النساء يفوق 60%. إذن حتى المرأة تتخوف أو تهاب من الخوض في مسؤوليات تعتقد أنها قد تعيق وظيفتها الأسرية، وهنا نسقط في إكراه الموروث الثقافي والنمطية والتوزيع التقليدي للأدوار بين الرجل والمرأة، وهي أهم العوامل التي تقصي المرأة أو تدفعها لسلوك نهج الإقصاء الذاتي. وكلها للأسف عوامل وإكراهات تضعف أو تعطل وصول المرأة إلى مراكز القرار والمسؤولية وبالتالي الحضور الفاعل والوازن في الحياة العامة، وهذه الإكراهات هي التي تجعل الكثير من الكفاءات النسائية تعاني من تمييز غير مباشر، لأننا في المغرب على مستوى النص القانوني لا نعاني من التمييز.. فالمغرب قام بالعديد من المجهودات على صعيد النصوص القانونية فيما يخص المساواة وتكافؤ الفرص لكن على مستوى التفعيل وتطبيق النصوص هناك خلل وهكذا يصير التمييز ليس على مستوى النصوص ولكن على مستوى الواقع والتطبيق.
س) بالمناسبة على ذكر النص القانوني، أنت كأستاذة باحثة ومهتمة، هل ترين مثلا أن الفصل 8 من الدستور يكرس فعلا المساواة بين الرجال والنساء!؟
> ج) أولا ينبغي أخذ المساواة في السياق العام ككل، فما دمنا نتكلم عن الدستور، فهو يكرس المساواة أمام القضاء، المساواة في الشغل، في التعليم، لكن عند الوصول إلى الحياة السياسية، نص الفصل 8 على المساواة بين الرجل والمرأة، أما لماذا كرست المساواة هنا بهذا الشكل؟ لأن المغرب لم يسبق أن طرحت فيه إشكالية المساواة في الحياة السياسية، عكس بعض الدول، حتى تلك المتقدمة لم تدخل فيها المرأة الحياة السياسية ولم يعترف لها بالحق في التصويت والمشاركة كناخبة ومنتخبة حتى السنوات الأخيرة، عكس المغرب، فمنذ أول تجربة انتخابية، المرأة كان لها الحق في المشاركة. ثم لو خضنا في منحى المساواة في الحقوق السياسية، أعتقد أن لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ والتي تسهر على تطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهذه الاتفاقية تحث كل الدول على الإدماج في دساتيرها مقتضيات لتكريس مبدأ المساواة، وهذه الاتفاقية يسري بها العمل في الكثير من الدول بما فيها الدول العربية وهذه الاتفاقية اعتبرها شخصيا حتى الآن أحسن مرجعية لتكريس مبدإ المساواة.
ثم أيضا ما سبق وقيل حول المساواة كما وردت في الفصل 8 من الدستور هي أيضا تبقى محل نقاش خصوصا وأنها مع ما سبق ذكره لم يأت الأمر من فراغ وكل نص قانوني لا يمكن مناقشته إلا في سياقه العام.
كما أن كل نص قانوني غالبا ما يكون جاء استجابة إما لضغوطات معينة، أو ممارسات اجتماعية، أو سبقها أو وضع لتكريسها، إذ لا يمكن الحكم على نص قانوني أو تقييمه بعيدا عن ظروف وإكراهات وأسباب وضعه من طرف المشرع لهدف ما أو لمواجهة مرحلة ما.
س) منذ عهد الاستقلال ومن خلال كل الاستحقاقات التي عرفها المغرب كان حضور المرأة ومشاركتها في إدارة الشأن المحلي منعدما.. وبعد عقود سجلت مشاركة هزيلة بأرقام مخجلة... الكوطا اليوم رفعت هذه المشاركة إلى 12% بعد أن طالبت الحركات النسائية بالثلث في انتظار المناصفة... هل يبقى كل حضور أو تطور رهين بالاحتكام لآلية الكوطا أم نأمل في تغيير جذري طبيعي يوصل المرأة إلى المشاركة الحقيقية..؟
> ج) صعب جدا تغيير الأشياء من جذورها، ولا حتى الاحتكام إلى التغيير الطبيعي، في حقيقة الأمر التغيير الجذري، هو مطمح الجميع، لكن على أرض الواقع هذا التغيير هو بعيد المنال حتى بالنسبة للدول التي تجعل التربية على المساواة في صلب ثقافتها، فهذه الدول أيضا كانت مجبرة على نهج نظام الكوطا للرفع من التمثيلية السياسية للمرأة.. ففرنسا مثلا ذهبت إلى أبعد من ذلك وأدخلتها في دستورها لحسم الأمر من الناحية الدستورية.
إذن لابد من المرور عبر هذه الآلية، ولو كان الأمر فيه أخذ ورد من طرف من ينادون بالمساواة ويرون أن المرأة مثلها مثل الرجل، ينبغي أن تعتمد على إمكاناتها وكفاءتها للوصول إلى هذا الهدف، نعم نحن لا نقول العكس... لكن بأية آلية يمكن للمرأة تحقيق ذلك في ظل موروث ثقافي يجثم على النفوس ويقصم الظهر... في أوساط نسائنا لازال ثالوث التخلف مؤنث الهوية (الفقر، الأمية، البطالة) وهذه أهم إكراهات ومؤشرات التخلف التي تضع المغرب في أسفل ترتيب في التنمية دوليا... ومثل هذه المرأة التي تعاني التهميش والخصاص بكل أنواعه كيف نطلب منها المشاركة بالتصويت والترشيح وهي لا تعرف حتى أبسط أبجديات حقوقها؟ حتى ممارسة حقها في التصويت صعب المنال في غياب تدابير وإجراءات وتسهيلات تساعدها وتمكنها من ممارسة هذا الحق؛ كيف نطالب امرأة مثلا بالتصويت وهي لا تعرف أي شيء عن بطاقة الناخب، هل هي مسجلة في اللوائح الانتخابية أصلا... وحتى إن حصل ذلك؛ بأية وسائل وإمكانيات يمكنها أن تصل إلى مكتب التصويت؛ قد يقول البعض إن هذا لا يقع إلا في المغرب المهمش والنائي، ولكن للأسف يقع حتى في المدن والحواضر الكبرى.
نحن لا ننكر أن الحكومة قامت بمجهودات كبرى، لا مجال لمقارنتها - مع ما كان عليه الوضع في مراحل سابقة - لتسهيل هذه العملية، لكن الخصاص دائما موجود سيما في أوساط النساء... فالعديد من المواطنين ونحن على بعد شهر من الاستحقاقات لا يعرفون ولا يفهمون الرموز الانتخابية، هناك من المرشحين أنفسهم ممن لم يستوعبوا بعد الكثير من العمليات التقنية وطريقة احتساب الأصوات والتعامل مع البواقي...
إذن أمام هذه الإكراهات السوسيوثقافية والتمثلات الاجتماعية التي تعيق التغيير الطبيعي في واقع النساء، كان ضروريا طرح نظام الكوطا، أي الأخذ بتخصيص عدد من المقاعد في الهيئات التشريعية، للنساء كتمييز إيجابي يهدف إلى إشراك المرأة في المناصب السياسية ومواقع اتخاذ القرار، وهو إجراء مرحلي مؤقت إلى أن يعتاد المجتمع على إعطاء المرأة فرصة لإثبات قدراتها وممارسة حقها في المشاركة السياسية.
س) إشكالية الاستحقاقات في المغرب حاليا، هي العزوف الذي أكدته الأرقام الهزيلة للمشاركة والإقبال على صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة 2007 لكن يقترن بهذا العزوف عزوف آخر مُرَكَّب وهو العزوف عن التصويت على المرأة... كيف تفسرين ذلك؟
> ج) القضية هنا تحكمها تصورات وتمثلات اجتماعية لا يمكن تجاوزها بين عشية وضحاها، صحيح أننا في المغرب ننعم بمساواة في الحياة السياسية على مستوى النصوص القانونية؛ لكن في الواقع وعلى المحك نعاني من كل أشكال التمييز ضد المرأة بوجود نصوص قانونية تكرس مبدأ المساواة... مفارقة غريبة وتركيبة نشاز... لنأخذ مثلا المساواة والحياة السياسية داخل الأحزاب ونبدأ من المخاض الأخير داخل هذه الأخيرة من أجل الوصول إلى نسبة 12% من المشاركة النسائية أو من التمثيلية النسائية... الأحزاب هي من كان ضد الثلث وحتى لما طرحت وزارة الداخلية قضية ميثاق شرف تلتزم به الأحزاب، هناك من كان ضد هذا الاقتراح، في حين أن ميثاق الشرف التزام تأخذه على عاتقها الأحزاب السياسية في العديد من الدول الكبرى لكي تبرهن الأحزاب على نوع من الحكامة والضمانة. لكن عندنا حتى داخل الأحزاب هناك ممارسات غير ديمقراطية إزاء المرأة تلاحظ من خلال غياب الشفافية في منح التزكيات، في تمويل الحملات الانتخابية للنساء في الترشيحات النسائية داخل الأحزاب التي تخضع للمحسوبية والزبونية... حتى من حيث التواجد النسائي داخل الأحزاب المرأة حاضرة بقوة... لكن أين هو
مكانها داخل القيادات، أين هو ترتيبها في مناصب الزعامة... إذن الأحزاب السياسية مطالبة بإعادة النظر في علاقتها وقناعتها بالمرأة، في تعاملها مع مطالب وتمكين النساء داخل هيئاتها... أن تقتنع الأحزاب أولا بضرورة تمكين المرأة، وأن تمارس الشفافية في علاقتها بالمرأة، أي بذل مجهودات على مستوى الأحزاب السياسية نفسها في خلق مصالحة مع القضية النسائية ومع المرأة على مستوى الترشيحات، على مستوى تكافؤ الفرص، وإذا لم تحسم الأحزاب في كل هذه القضايا وفي علاقتها السوية بالمرأة فلن ننتظر من الشعب، ومن الناخب أن يكون أكثر كرما منها ويصوت على امرأة... الحزب نفسه منحها تزكية أو ترشيحا صوريا يقال عنه تجاوزا ترشيحا نضاليا.
س) هذه الاستحقاقات عرفت متابعة إعلامية وسياسية مكثفة... خصوصا فيما يتعلق بمشاركة النساء والنسبة المحددة لهذه المشاركة؛ في رأيك إلى ماذا يعزى ذلك؟
> ج) هذه المتابعة تعود إلى الالتزامات التي اتخذها المغرب في هذا الشأن؛ المغرب حتى لما قدم التقريرين الثالث والرابع للجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، عيب عليه في الكثير من التقارير والمنتديات الدولية التراجع في القضية النسائية، عدم تواجد المرأة، التمثيلية الهزيلة للنساء في الديمقراطية المحلية، ضعف التواجد الحقيقي للمرأة في مناصب اتخاذ القرار، وهذا جعل المغرب يلتزم بالعديد من الأشياء والالتزامات، فيما يتعلق بمحطة (بيجين) في مؤتمر بكين،،، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،،، وهي التزامات تَعَهَّدَ المغرب بها عن طواعية،، إذن كان لابد أولا من تصحيح إشكالية الترتيب في أسفل مؤشر التنمية بسبب واقع النساء في بلادنا، فلا يفهم مثلا أن يكون المغرب قد قام بنوع من الثورة الهادئة والتحولات الكبيرة في مجال حقوق الإنسان.. في مجال المساواة،،، مع وجود نسبة تمثيل للمرأة في المشاركة المحلية برقم هزيل ونسبة مخجلة لم تتعد على مدى عقود عتبة الصفر.
لذلك كان لابد من تصحيح هذا الوضع الشاذ أولا، في حضور سند قانوني، ومحفزات قوية لتشجيع مشاركة النساء وتقوية تمثيليتهن في المجالس الجماعية، الحضرية والقروية، ولابد من تحيين كل هذه الأشياء ومواكبة التطورات والتحولات الحاصلة.
س) ما هي توقعاتك كمهتمة وباحثة لمرحلة ما بعد 12 يونيو..؟
> ج) نأمل أن يحصل التغيير المنشود لإنجاح هذا الورش الديمقراطي، الآن نحن في مرحلة التوقع على ضوء الكثير من الأشياء التي لا يمكن الحسم فيها ولا تقرير حقائق في وجودها، مثلا الحالة المقلقة لأرقام العزوف في الانتخابات الأخيرة 2007، تثير بعض التخوف.. من ذلك مثلا عدم الإقبال على التسجيل في اللوائح الانتخابية رغم تمديد الأجل الذي أعطته وزارة الداخلية، العدد كان ضئيلا... وهذان مؤشران للأسف لا يمكن في وجودهما إلا الترقب.
س) حضور المجتمع المدني في الخارطة وخطة العمل في تسيير الشأن المحلي كيف تقرئين ذلك؟!
> ج) في الحكامة المحلية إذا كنا فعلا ننشد ونريد الديمقراطية، فلابد من إشراك المجتمع بكل مكوناته ومنها المجتمع المدني لأنه الأقرب إلى مشاكل المواطن إلى وضع اقتراحات وأخذ مبادرات، وحتى لما نتكلم عن ترتيب المغرب في مؤشر التنمية نجد من المؤشرات الإيجابية هو هذا الحضور المكثف والمؤثر الإيجابي للمجتمع المدني ممثلا في الكثير من الجمعيات التي تعمل وتراقب وتقترح، لكن الإشكال المطروح، ليس إشراك المجتمع المدني، وإنما عدم التداخل بين المجتمع المدني والسياسي، وعدم العمل في الخفاء تحت جبة الحزب السياسي حتى لا نسقط في عدم الوضوح الذي يشوش على العمل الجمعوي ويطمس فعالية الدور الذي نريده من المجتمع المدني كشريك فاعل ووازن في عملية التنمية وتحقيق الديمقراطية المحلية بمفهومها الشامل، وقد أبانت التجربة أن دور المجتمع المدني كان سباقا في الوصول إلى بعض المناطق عمليا وجغرافيا حتى قبل الدولة وحقق نقلة في اللامركزية أكثر من الدولة في التأطير والتحسيس وكشف الكثير من الحقائق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.