أجمع مشاركون في ندوة نظمت يوم الجمعة 7 يناير 2011 بالرباط حول ''الدعاية السياسية والإعلام''، على أن الإعلام الإسباني، الذي ينتمي إلى دولة ديمقراطية في قارة أوروبا، لا يلتزم بالمهنية ويتعامل بانتقائية مع القضايا المرتبطة بالمغرب''. وأكد الإعلامي محمد العربي المساري ووزير الاتصال السابق، أن الإعلام الإسباني يعطي لنفسه الحق في الانتقائية في كل ما يهم المغرب، وكذا ممارسة التحيز من خلال تبنيه أطروحة الانفصاليين. وأبرز المساري، أن تغطية وسائل الاعلام الإسباني للقضايا المغربية تدل على أنها ''قتلت الايديولوجيا المهنية''، وتخوض حملات متواصلة ضد المغرب، مشيرا إلى أن ذلك يعكس اقتناعات عامة تتقاطع مع الثقافة السائدة في الإقصاء التي تعود إلى 500 سنة خلت. واستدل المساري على ذلك، بمجموعة من الأرقام الصادرة عن مؤسسات بحث إسبانية أجرت استطلاعات رأي حول صورة المغرب لدى المجتمع الاسباني، معتبرا أن كل ما يكتب ويذاع عن المغرب بسلبية يدل على أن تصرفات الإعلام الاسباني تصدر وفق أجندة محددة. من جهته، حاول عبد الله ساعف أستاذ العلوم السياسية أن يؤسس لما يمكن أن يعمل على تغيير الصورة لدى الآخر وصياغة موقف مفيد يمكن من الاشتغال على الأوضاع القائمة في العلاقة مع اسبانيا. وأكد ساعف، أن ذلك يتضح من خلال عدة كتابات وأبحاث واستطلاعات للرأي، داعيا إلى الإجابة عن سؤال ''كيف ينظرون إلينا''، مع استحضار معطيات هامة تتعلق على الخصوص بأنه في حالة الصراع كل الأشياء تصبح مرتبطة بالآلة السياسية ومراكز النفوذ. وأشار ساعف، إلى أن ذلك يطرح سؤال ''العلاقة بين الإعلام والمجتمع المدني والقرار السياسي''، معتبرا بالمقابل أنه لا ينبغي أن نفاجأ بحدة تعبئة صانعي ومنفذي المواقف المبدئية، مشددا على ضرورة ''أن لا تقرأ بشكل مجرد''. كما شدد، على ضرورة الاشتغال على التفسير الثقافي الذي يسمى بالمغرب ''المرجعية التاريخية بامتداداتها ودلالاتها''، حيث لم يعد الاكتفاء بالتسجيل هو الحل، بل المطلوب البحث أيضا في قضايا الجوار التي لها نتائجها المؤثرة. ودعا ساعف في هذا السياق، إلى البحث عن سبب كون بلد ديمقراطي يتوحد في تحديد عدو له دون أن يثار أي نقاش، معتبرا أن ذلك لا يتلاءم مع التجربة الديمقراطية لهذا البلد، في إشارة إلى إسبانيا. واعتبر أنه من الضروري تبني توجه الحوارات والتفكيك والقيام بعمل متواصل غير متقطع حيث تأخذ النتائج وقتها، مشيرا إلى أن الفرضية الديمقراطية تتحمل ذلك من خلال الحوار والعمل الطويل النفس. وفي كلمة لعبد المنعم دلمي رئيس ''الاتحاد الدولي للصحافة الفرنكوفونية''، دعا إلى القيام بدراسات تحدد رؤية المواطن الاسباني للمغرب وأسباب تبنيه لنظرته الحالية، وكذا إعداد استراتيجية حول صورة المغرب لدى الآخر والتي تختلف من دولة إلى أخرى. وأبرز دلمي، أن الصورة التي لدى الإسبان عن المغرب غير مؤسسة على معطيات موضوعية، مضيفا أن ''الحزب الشعبي'' الذي له مواقف غير متوازنة ضد المغرب سيتبع نفس سياسة الحزب الاشتراكي الحاكم عندما يكون في الحكومة، لأن مصالح الدولة الاقتصادية تفرض نفسها. واعتبر أن الأهم بالنسبة للمغرب، هو الرأي العام الاسباني باعتبار أن الاعلام في عمومه لا يتجه نحو ما يعارض الرأي العام، مشددا على ضرورة القيام بعمل ينبني على استراتيجية من أجل تغيير الصورة النمطية عن المغاربة سواء في إسبانيا أو غيرها. وفي مداخلة للجهة المنظمة، أبرز يونس مجاهد رئيس ''النقابة الوطنية للصحافة المغربية''، أنه يحصل استهتار مهني لا مثيل له لكل قواعد المهنة ومواثيق الشرف في الإعلام الإسباني حينما يتعلق الأمر بقضايا المغرب. وأكد مجاهد، أن هناك توجيها من قبل قوى بإسبانيا لعدد من وسائل الاعلام الإسبانية والمرتبطة بتيارات سياسية أو مجموعات، وهناك ''عقيدة استراتيجية'' تستعمل في كل ما يتعلق بالمغرب. واعتبر أن الإعلام الإسباني يوظف كل ما هو سلبي عن المغرب بانتقائية، مع اختيار مصطلحات وصيغ عصرية (حقوق الانسان، الإبادة، والتطهير العرقي...) مشيرا إلى أن الإعلام الإسباني لا يعتمد على مصادر موثوقة، أو تنتفي، في تعاطيه مع قضايا المغرب. وشدد مجاهد،على ضرورة دراسة المجتمع الاسباني والقوى المؤثرة به، والبحث في مدى استقلالية وسائل الاعلام الاسبانية عن مراكز النفوذ وعن الاستثمارات، وهل هناك غلبة لليمين على وسائل الاعلام الاسبانية. وفي ما يتعلق بالحوار مع المكونات الممثلة للإعلام الإسباني، أبرز مجاهد أنه تم فتح حوارات مع عدد من الجمعيات الإسبانية منذ مدة طويلة لكنهم لم يغيروا ''نهائيا'' من مواقفهم، مشيرا إلى وجود مقاومة لديهم للحوار كلما تمت دعوتهم إليه.