أكد وزير الصحة أمين التهراوي أن الصحة النفسية والعقلية بالمغرب لا تزال تعيش جملة من الإكراهات، سواء تعلق الأمر بقلة الموارد البشرية أو الأسرة أو البنيات الاستشفائية أو طول الواعيد، التي تبقى دون المأمول ودون المعايير الدولية، مما يعيق حق المواطنين في الولوج للاستشفاء. وأوضح التهراوي في مجلس النواب خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته، أن الإكراه الكبير الذي يؤثر دائما في آجال الولوج للعلاج، بغض النظر عن المحددات العديدة في هذا الشأن، يتمثل في النقص المزمن في الموارد البشرية.
وأفاد الوزير أن المغرب يتوفر على أقل من طبيب نفساني لكل 100.000 نسمة، مقارنة مع المعدل العالمي المقدر ب 1.7 والمعدل الأوروبي 9.4، كما أن عدد المساعدات الاجتماعيات لا يتجاوز 14 بالقطاع العام ونفس الشيء بالنسبة للأخصائيين النفسانيين، علما أنه بالنسبة للفئة الأخيرة يطرح مشكل الإطار القانوني للوظيفة. ولفت الوزير إلى ضعف المناصب المفتوحة لفائدة الموارد البشرية في الأمراض النفسية خلال سنتي 2023 و2024، والتي لا تتجاوز 168، من بينهم 8 أطباء متخصصين في الأمراض العقلية فقط، و 160 منصبا للممرضين في هذا التخصص. ولا تتعدى الموارد البشرية الإجمالية المختصة في الأمراض العقلية 1481، تشمل 116 من الأطباء المختصين في الأمراض العقلية، و 1.365 من الممرضون المختصين كذلك في نفس المجال. وبخصوص الأسرة الاستشفائية، يتوفر العرض الصحي حاليا على طاقة سريرية لا تتجاوز 6.43 سرير لكل 100.000 نسمة وهي أقل من المعدل العالمي المقدر ب 13.3 والمعدل الأوروبي ب 47.3. وتتوزع الأسرة على 25 مصلحة للطب العقلي مدمجة في المستشفيات العامة، تضم 825 سريرا، و11 مستشفى للأمراض النفسية الجامعية والعمومية تضم 1341 سريرا، و3 مصالح استشفائية جامعية لطب الإدمان تضم 46 سريرا. وتؤكد وزارة الصحة أن هذه الطاقة السريرية غير كافية لسد حاجيات الساكنة لاسيما أن حوالي 20% منها تبقى معطلة بسبب مشكل الاستشفاءات الغير مناسبة (hospitalisations inadequates) والتي تكون الدواعي اجتماعية وإنسانية وليس لدواعي طبية. ويتعلق الأمر بالمرضى الذين استقرت حالتهم العقلية ويحتاجون لمواصلة العلاج خارج المستشفى إلا أنه يتم تمديد مدة استشفائهم، مما يحول دون ولوج المرضى الآخرين للاستشفاء والعلاج. ولم يخف الوزير الإشكالات القانونية، فالإطار القانوني الخاص بالصحة العقلية 1.58.295 بشأن ضمان الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها، لم يعد ملائما للتطورات الحاصلة في مجال الصحة النفسية وتوجهات البرنامج الوطني للصحة العقلية، وتوجهات منظمة الصحة العالمية التي تؤكد على ضرورة ملاءمة القانون لمنظومة حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا. أما فيما يتعلق بالخبرة القضائية، فقد أكد الوزير أنها تطرح تساؤلات حول جودة الخبرات المنجزة في الطب النفسي. وإلى جانب ذلك، يطرح مشكل تنفيذ المقررات القضائية المتعلقة بالإيداع القضائي بمؤسسات الأمراض النفسية خصوصا بالنسبة للأشخاص المحكوم عليهم بانعدام المسؤولية، وذلك لمحدودية القدرة الاستشفائية لهذه المؤسسات الناتجة أساسا عن صعوبات في تدبير الأسرة. ولا تزال وزارة الصحة تعتمد على نتائج المسح الوطني لسنة 2003/2006، والذي يشير إلى أن نصف المغاربة عانوا أو يعانون من اضطراب نفسي في مرحلة من عمرهم، في حين أن التقارير الرسمية الحديثة تؤكد ارتفاع نسب الاضطرابات النفسية، خاصة خلال وبعد فترة جائحة كورونا.