نحمد الله على ما أنعم علينا من هذه الأيام العظيمات التي جمعت أمهات العبادات والخصال، وتذكرنا بسنة نبينا إبراهيم، ومناسبة الأضحية ينبغي استثمارها حتى تكون فرصة للبر والتراحم، ومطلوب أن ننتقل بالأضحية لتصبح مناسبة للتواصل الأسري ومراجعة العلاقة الأسرية على ضوء العطاء والإيجابية، لكن يبدو أن هناك عقبات تحول دون أن ننال خيرات مثل هذه المواسم. ومن هذه العقبات التي أورثها انتقال العيد من مناسبة لها مقاصد ربانية وإحياء السنة والتراحم إلى عيد تطغى عليه العادات السلبية، المباهاة بالخروف وإخراج الأضحية من القدرة والاستطاعة إلى التكلف المقيت، فالأضحية تقدم لله وفق الاستطاعة المادية والقدرة البشرية التي يحددها الزوجان. لكن ما نراه من انحراف أدى إلى ارتفاع الخلافات الأسرية حول ثمن الخروف وشكله وثمنه، مما أدى إلى الدخول في الكثير من المطبات والنكد الأسري الذي يطغى على العشر الأول من ذي الحجة وقد يستمر هذا النكد إلى ما بعد العيد لا قدر الله. والمفروض أن على الزوج والزوجة أن يجعلوا محطة الأضحية محطة للتماسك والتراحم الأسري بدل السقوط في التباعد والتنافر. وإن أول مقاصد الأضحية أنها تؤدى لله عز وجل بالتقوى دون المغالاة في ثمنها، بل يجب تملك الجرأة على اتخاذ القرار بعدم شراء الأضحية في حالة العسر المادي، وعدم الرضوخ للعرف الذي حول الأضحية من شعيرة تعبدية إلى شعيرة اجتماعية، لأن تملك هذه الجرأة سيساهم في إزالة التكلفة على المجتمع. والعقبة الثانية تتعلق بالاحتفال المشترك للعائلات بالعيد سواء بانتقال الفروع عند الأصول أو العكس، وهنا ينبغي التذكير بأن محطة العيد لا يجب أن تأتي على حساب علاقاتنا الزوجية، فالأضحية مأدبة ربانية يلتقي فيها الغني والفقير والفرع بالأصل. والملاحظ أن هناك مشكلا في تدبير ملف العيد المشترك، في حين أن المطلوب من الآباء أن يكونوا حكماء كما على الأزواج أيضا أن يكونوا حكماء حتى تمر المناسبة دون أضرار أسرية، إذ الأصل أن نجتمع في العيد من أجل تحقيق المقاصد النبيلة من العيد، وليس العكس. والأصل أن يجتمع الأبناء مع آبائهم في محطة العيد، إلا أن الملاحظ أن كثيرا من الزوجات الصغيرات يرفضن الإقدام على هذه الخطوة نظرا لبعض المشاكل التي تقع سواء بسبب الأشغال المتعلقة بالأضحية أو بسبب اختلاف العادات والتقاليد. وهنا الواجب تدبير فرصة العيد بإشراك وتعاون الجميع، والمفروض من وجهة نظري أن الأسر النووية تلتحق بأصولها إلى حين يثقل جناح الأسرة بالأولاد فهنا يمكن الاستقلال في الاحتفال بالأضحية دون إغفال صلة الرحم بشكل من الأشكال، والمهم أن يتم تدبير المناسبة بشكل لا يترك آثارا سلبية على العلاقات الأسرية، لأن هذه الآثار ليست أصلا في مقاصد العيد. ويتم تدبير الملف عبر الحوار العائلي والتفاهم والاتفاق على التعاون وعدم إثقال كاهل من أجل راحة الغير، لأن هذه الإجراءات مع استحضار التقوى ستكون عقبة أمام القطيعة الأسرية والمظالم الاجتماعية مهما كان الطرف المتضرر منها. والواجب أن يحس كل واحد بفرحة العيد دون تشويش من أي كان تفاديا لخسارات وجراحات أسرية، فإذا كان تجمع أيام العيد سيسبب قطيعة شهر أو سنة فالأفضل أن لا يكون هذا التجمع، لكن الأفضل هو أن يتم حسن تدبير التجمع لهذه السنة حتى يكون الشوق لتجمع السنة المقبلة.