قال الدكتور سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية إن الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية في منطقة المغرب العربي تخضع للسقف المسموح به سياسيا، محليا ودوليا، مشيرا إلى وجود عوائق موضوعية تمنع من أن تتجاوز هذه الحركات والأحزاب هذا السقف. وأشار العثماني في حوار أجرته معه جريدة "الخبر" الجزائرية، إلى أن الحركة الإسلامية في الوقت الراهن في حاجة ملحة للتجدد، في الآليات الفكرية ومناهج النظر والتحليل وفهم الدنيا، مشيرا إلى أن الاعراف الاجتماعية تشكل في كثير من الأحيان عائقا أمام هذا التجدد. * كيف تفسر تراجع التأثير السياسي والشعبي للأحزاب الإسلامية في المنطقة المغاربية؟ ** الحركة الإسلامية حاليا في حاجة ملحة للتجدد، في الآليات الفكرية ومناهج النظر والتحليل وفهم الدنيا، في كثير من الأحيان تشكل الأعراف الاجتماعية عائقا أمام هذا التجدد، فيميل كثير من أبناء الحركة الإسلامية إلى مداراة هذه الأعراف رغم مجافاتها لمقاصد الدين وضرورات التطور، وحتى وإن كانت الحركة الإسلامية مازالت تحتفظ بقدر هام من التأثير في المشهد السياسي، سواء كانت في المعارضة أو في الحكم، فيمكن أن نلاحظ عدم قدرتها على العموم على التحول من طائفة منغلقة على نفسها ذات سمات فكرية وسلوكية معينة إلى تنظيم جماهيري قادر على التأثير الواسع. ومن أسباب هذا العجز الانكفاء على الذات وتضخيم الخصوصيات وعدم الجرأة في إدخال التغييرات التنظيمية اللازمة لهذا التحول، وضعف القدرة على استيعاب الكفاءات السياسية المتخصصة التي قد لا تقاسم التنظيم الأصلي كل تفاصيل سماته السلوكية الموروثة. * ماذا قدمت الأحزاب الإسلامية الممثلة في البرلمان بالمغرب والجزائر وموريتانيا للعمل البرلماني؟ ** الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية في منطقة المغرب العربي تخضع للسقف المسموح به سياسيا، محليا ودوليا، هناك عوائق موضوعية تمنع من أن تتجاوز هذه الحركات والأحزاب هذا السقف، هذا لا يمنع من القول إنها أضفت على البرلمانات فعالية إضافية مهمة. أصبحت اتهامات الفساد تضم سياسيين ومنتخبين ومسؤولين يحملون قبعة أحزاب إسلامية، ما تعليقك؟ اعتقد بأن أي حزب يضم مئات أو ربما الآلاف من المنتخبين والممثلين في مؤسسات الدولة السياسية وتلك التي تضطلع بدور تسيير مالي وإداري لشؤون الناس، معرض أن يوجد بينه أناس فاسدون، يتعاطون الرشوة وغيرها، التحدي ليس أن تكون الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ملاكا طاهرا، بل التحدي أن تكون قادرة على اتخاذ التدابير التنظيمية والسياسية اللازمة لمحاسبة ومعاقبة المسؤولين المنتسبين إليها الذين يثبت تورطهم في قضايا فساد، مع الإشارة إلى أنه من الضروري أن نحذر من أن نقع ضحية تشويه الخصوم السياسيين لأغراض معروفة. * هل سبق أن اتخذتم مثل هذه التدابير على مستوى حزبكم؟ ** في حالات قامت الهياكل القاعدية للحزب بشطب منتخبين من صفوفها بعد ثبوت تورطهم في تعاطي أموال مقابل منح أصواتهم لمرشحين آخرين في انتخابات مجلس المستشارين ومجالس محلية من مستويات أعلى. هل استفادت الحركات الإسلامية من علاقتها التنظيمية والفكرية مع جماعة الإخوان المسلمين؟ أعتقد بأن لكل بلد خصوصياته السياسية والاجتماعية، ونعتقد بأن ذلك الارتباط في الغالب لا تكون له أي فوائد عملية مهمة، وإنما يجلب من الإشكالات أكثر من المنافع، كما أن أي تنظيم سياسي داخل بلده يجب أن يخضع لقوانين بلده، أما الاستفادة من أفكار الآخرين وتجاربهم فهذا أمر مطلوب في زمن العولمة. * كيف ترى مستقبل علاقة الأحزاب الإسلامية مع الطرق الصوفية؟ ** يجب أن نسلّم بأن التصوف له عمق تاريخي وشعبي في بلدان المغرب العربي، وفي فترة سابقة كانت بعض التوجهات داخل الحركة الإسلامية في المنطقة أقرب إلى التوجس من الحركات الصوفية. أعتقد بأن هذا الأمر بدأ يخف منذ نحو عقد من الزمن، والآن هناك نقاط التقاء ما بين تيارات الحركة الإسلامية التي تحمل مشروعا سياسيا والحركات الصوفية، يجب النظر إليها ودعم مسار الانفتاح والحوار المشترك على بعضنا وتجنب التصادم.