الكثير من التجار ينشدون الطفرات، ويودون صعود الثريات، ويحبون أن يصبحوا أعلاما في رمشات، بعضهم يركبون متون التدليس والتطفيف في الكيل والميزان، وبعضهم يخلط الجيد بالرديء، ويموه ويبخس الناس أشياءهم ويتحصن بالأيمان، وبعضهم يتحايل على المغفلين ويرفع الأثمان، وإذا سلكنا التبعيض بلغنا قمة التصعيد وأطلت علينا الآية الكريمة بحجتها البالغة، (فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون). قد تشتري مواد غذائية في باعة غصت بهم الأحياء وعلى قوارع الطرقات، ظنا منك أنك اقتصدت بعض الفليسات، لسد بعض الحاجيات، فإذا بك تجدها مغشوشة وناقصة في الميزان وأن حسبتك باءت بالخسران، وذريعتك أمست في خبر كان، وطفقت تشك وترتاب في معاملة كل إنسان، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول الدين المعاملة. فأين من يعاملك معاملة الدين النظيفة، فالكل أراد الأرباح الوفيرة في الفترات القصيرة، والكل أصابه الهلع والتهافت على جمع الأموال وتكديسها في الصناديق الحصينة والأبناك الخصيبة، ولم يستمع إلى الإنذارات المتوالية التي سجلتها الأقوال الربانية والأحاديث النبوية الشريفة. قال ربنا جل علاه: (وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) وقال (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، الا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين) وقال سبحانه (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا). هذا بعض ما ورد في الكتاب من الوعيد. أما ما جاء على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فمنه إن في جهنم واديا تستغيث جهنم من حره وريحه كل يوم سبع مرات، لو ألقيت فيه الجبال لذابت من حره، يسجن فيه المتهاونون في الصلاة والمطففون في الكيل وأهل بخس الميزان، فويل لمن باع الجنة التي عرضها السماوات والأرض بحبة أو حبتين. وقال صلى الله عليه وسلم الذي يبخس الميزان يجيء يوم القيامة أسود الوجه ألذغ اللسان، أزرق العينين، في عنقه ميزان من نار ومكيال من نار يحمل جبلين من نار، فيقال له زن هذا إلى هذا، فيعذب بين الجبلين خمسين ألف سنة. وقال صلى الله عليه وسلم: إن على متن الصراط كلابيب من نار فمن تقلد درهما حراما تعلقت كلاليب النار في رجليه، فلا يستطيع العبور على الصراط حتى يرده إلى أهله حسناته، وإن لم يوفهم من حسناته حمل من ذنوبهم ووقع في النار. فياويحنا من يوم قال عنه الشاعر العربي من لقلب أقام فيه الحريق والنفس باللهو ما تستفيق والعين تفيض بالدمع دما والجسم يبكي عليه الصديق ما له غير راحم يرحم الخلق تعالى نعم الشفيق الرقيق كثرت في الذنوب وإني لقليل الحياء ووجهي صفيق وغدا تنصب الموازين بالقسط ويفيق العباد كرب وضيق كيف يقوى على العذاب الأليم من له عظم ثم جلد رقيق وهو ملقى لحر نار فلظى قاعها للعذاب قاع عميق يا إلهي إني مقر بذنبي ثم إني لحمله ما أطيق الحاج محمد العوفير خطيب مسجد سيدي الغندور/الرباط