بتعليمات من الملك محمد السادس: ولي العهد مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    تراجع معدل التصخم في المغرب إلى 0.7% في أكتوبر    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع    برقاد: "خارطة الطريق" تضمن توزيعا عادلا للاستثمارات السياحية بمناطق المغرب    أحزاب مغربية تدعو لتنفيذ قرار المحكمة الجنائية ضد "نتنياهو" و"غالانت" وتطالب بوقف التطبيع مع مجرمي الحرب    معضلة الديموقراطية الأمريكية ..    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    انطلاق عملية "رعاية 2024-2025" لتعزيز الخدمات الصحية لفائدة ساكنة المناطق المتضررة من موجات البرد    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        رئيس مجلس النواب…المساواة والمناصفة أبرز الإنجازات التي شهدها المغرب خلال 25 سنة    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    تفكيك منظمة إرهابية بتعاون أمني بين المغرب وإسبانيا    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجليات التدين المنحط- بقلم أحمد الريسوني
نشر في التجديد يوم 25 - 03 - 2008


لانحطاط التدين أشكال وتجليات أذكر منها ما يلي .1 التدين المغشوش ولعل الصفة الأساسية الجامعة للتدين المغشوش، أو الغش في التدين، هي صفة الاعتناء بالظاهر مع إهمال الباطن. بمعنى أن المتدين يعتني- في تدينه- بتحسين الأعمال والصفات الظاهرة والمرئية والملموسة، ويحرص على الالتزام بأحكام الشرع وآدابه فيها، بينما لا يبالي بعكسها مما لا يراه الناس ولا يظهر للعيان. فمثلا قد تجد المحافظة على الصلاة في أوقاتها وبهيئاتها وسننها، بدرجة جيدة جدا، ولكن الاهتمام بباطن الصلاة، أي بحالة القلب وتعظيم الرب ونباهة العقل وخشوع النفس، شيئ منعدم أو كالمنعدم. وقد تجد المتدين مهذبا رقيقا، عفيف اللسان حلو الخطاب، لا يسب ولا يشتم ولا يُغلظ القول...، ولكنه في مجالسه الخاصة الآمنة، يفعل كل ذلك وأكثر منه، ويسترسل في الغيبة والنميمة والتجريح، استرسال المستبيح المستريح!! والتدين المغشوش يسهل التعايش والاندماج مع ثقافة الغش وممارسة الغش، في كافة المجالات والأعمال. فكل عمل ظاهره أفضل من باطنه، وباطنه أقل من ظاهره، ففيه غش. وكل ما يخفيه صاحبه، من تطفيف أونقص أو رداءة في أعماله وواجباته، فهو غش. وكل تدليس على الناس غش. وبهذا المعنى سنجد الغش ساريا في الدراسة والتدريس والامتحانات، على جميع المستويات، ونجد الغش في الصناعة والتجارة، صغيرها وكبيرها، وسنجد الغش في كافة الحرف والوظائف والمسؤوليات. وقد نجد الغش حتى عند أئمة المساجد والقيمين عليها. وربما أيضا عند المكلفين بالأعمال الدعوية والوعظية والعلمية. وما أكثر ما سمعنا عمن يتقاضون أجورا على دروس الوعظ والإرشاد، ثم يغيبون عنها مثل غياب البرلمانيين. ونسمع كذلك عمن علماء وأساتذة يُبتعثون إلى الخارج للدعوة والإرشاد، فإذا بهم ينصرفون إلى راحتهم وقضاء مآربهم، ولا يذكرون واجبهم إلا قليلا، ومثل هذا يحكى عن بعض من يذهبون في بعثات علمية إرشادية مع الحجاج، وكذلك يفعلون ...! وحتى شعب الدراسات الإسلامية، وما شاكلها في القرويين وغيرها، نجد فيها أساتذة مبرزين وطلبة متفوقين في الغش وخيانة الأمانة. ومنذ حوالي عشر سنوات، بلغني أن بعض الطالبات الأخوات انسحبن من حركة التوحيد والإصلاح، لأنني أنا والأستاذ محمد الروكي رسبناهنَّ في الامتحان ! وقد سرني ذلك الانسحاب، لأنه يقلل من الغش والغشاشين في صفوف الحركة. وهكذا نجد الغش يتعايش ويتجاور مع الصلاة والصيام، ومع الدراسات الإسلامية، ومع الذِّكْر والحج، ومع الدعوة وتلاوة القرآن ، ومع قوله صلى الله عليه وسلم(من غش فليس منا)!! .2 التدين المعكوس وأعني به التدين الذي يَقْلب أصحابُه مراتبَ الشرع وقيمه ومقاصده وأولوياته، فيتشددون ويبالغون فيما خففه الشرع، أو لم يطلبه أصلا، ويهملون ويضيعون ما قدمه وعظمه. فتجد من الحرص والتزاحم على صلاة التراويح، وعلى تقبيل الحجر الأسود، ما لا تجده في فرائض الدين وأركانه.وتجد الإنفاق والإغداق في الولائم والضيافات والعمرة، مع تضييع فرائض الزكاة وحقوق الشركاء والأقارب والفقراء والمستخدمين ... وحين نقرأ ما في القرآن والسنة عن وحدة المسلمين وأخوتهم وتكاتفهم وتعاونهم، وما فيهما من نهي ووعيد وتحذير من التباغض والتدابر والتفرق، ثم ننظر ما عليه المسلمون، شعوبا وحكاما، ودعاة وعلماء، ومذاهب وحركات، نرى كثيرا من المسلمين قد عكسوا ذلك كله رأسا على عقب، وأنهم قد جعلوا التباغض والتفرق شريعة من شرائعهم، وجعلوا الاقتتال والتصارع شعيرة من شعائرهم. ومثل هذا نجده حين نرى ما جاء به الإسلام من طهارة ونظافة ونقاوة، تتصدر أحكامُها وآدابها كافة كتب الفقه والشريعة، ثم ننظر في عالم المسلمين مغربا ومشرقا، فنرى حواضرنا ومدننا - بشوارعها وحدائقها وساحاتها وأسواقها - غارقة في الأوساخ والأوحال والأزبال. ويظل المسلمون يترددون على مساجدهم وصلواتهم، ويسمعون أئمتهم يقولون ويعيدون: سووا صفوفكم، استووا واعتدلوا، وإن الله لا ينظر إلى صف أعوج...، ولكن قلما تخلو صلاة من صف أعوج، وقلما ترى المسلمين عند الأبواب والشبابيك وغيرها من مواطن الازدحام، إلا في حالة فوضى وتدافع، يموج بعضهم في بعض ويدوس بعضهم، نساء ورجالا. .3 التدين المحروس وأعني به التدين الذي لا يلتزم به أصحابه بواجباتهم، إلا بالمراقبة والمطالبة والملاحقة، ولو تُركوا لتَركوا. فهم ممن يصدق فيهم قول الله تعالى ؟وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا؟ آل عمران/75. فكثير من المسلمين المتدينين، المبادرين إلى الصلاة والصيام والحجاب واللحية والسبحة، تجدهم في الوقت نفسه، متهربين متملصين من أداء حقوق الناس عليهم، أوْ لا يؤدونها إلا بكثير من المماطلة والإعنات لأصحابها. مع أن الفقهاء لا يفتأون يرددون: حقوق العبد مقدمة على حقوق الله. وعلى سبيل المثال، فإن المقترض أوالمستعير، الذي يرد العارية والقرض في أجله وبدون طلب، قد أصبح من نوادر الزمان، بين المسلمين من أهل القبلة والصيام والازدحام في التراويح... وأما مذهب الجمهور، فهو تناسي الدين والعارية، وعدمُ ردهما بالمرة، أو ردها، لكن بعد فوات الأجل، أو بعد ملاحقات وتوسلات وتسويفات. وأما إذا كان العمل المطلوب أداؤه، يدخل في الحقوق والمصالح العامة، أو كان من الواجبات الكفائية، التي تُبنى بها الأمم وتنهض، فإن الإهمال والتفريط فيها، هو السلوك المتعارف عليه عند معظم إخواننا المتدينين، بمن فيهم كثير من أبناء الحركة الإسلامية، وقلما يؤديها أحد من غير أن يكون واقعا تحت المطالبة والمحاسبة. ( يتبع)

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.