دعا عبد القادر الفاسي الفهري، لساني ومفكر، إلى إقامة مجلس أعلى للغات في المغرب، توكل إليه مهمة لتنسيق والتعاون والضبط بين اللغات، ويعمل من أجل خلق البيئة الملائمة لتعليم اللغات وانتشارها، ويدرأ النزاعات بين اللغات التي تعوق البحث العلمي وتعوق التنمية. وأكد الفاسي الفهري في محاضرة بعنوان اللغة العربية إلى أين؟ بالمكتبة الوطنية أول أمس، في حضرة كوكبة من المثقفين والباحثين، على ضرورة تطوير المؤسسات اللغوية القائمة، وإخراج الغائب منها إلى حيز الوجود، والارتقاء بالشعب التي تدرس اللغات، وتاسيس مراكز علمية لتطوير البحث في اللغات. مستغربا التوجه الذي يعادي تدريس اللسانيات في الجامعات العربية. وأبرز المحاضر أن الدعوة إلى الدراجة عبث، وقال إنها جزء من اللغة العربية، مؤكدا أنه عبث مطلق أن نفكر بأن تصبح الدارجة هي لغة المغاربة، وأضاف أن الذين يدعون إلى ذلك، اقتداء بما حصل في اليونان أو أوربا، يقيسون المغرب على أوربا، وهو قياس خاطيء، قياس يسقط التنمية من الاعتبار، متعجبا كيف نغادر مع العربية لغة تعد السابعة عالميا، ونبتكر لغة غير موجودة. ونفى الفاسي الفهري أن يكون تاريخ المغرب أو العرب قد عرف إرهابا لغويا كما حصل في أوربا، مشددا على أن اللغة العربية انتشرت بفضل هجرات القبائل العربية إلى المغرب، حيث وقع الاختلاط والتمازج بين القبائل العربية والأمازيغية، وبفضل تشجيع دول ذات أصول أمازيغية، زناتية ومصمودية، على الاختلاط بين جميع القبائل، مما ادى إلى انتشار العربية. وقال الفاسي الفهري إن اللغة العربية تحقق تقدما لافتا بين اللغات، إذ في ظرف عقد من الزمن ارتفع عدد مستعمليها على الانترنيت من 5,2 مليون إلى 61 مليون، حيث تعد اليوم اللغة السابعة عالميا على الانترنيت، وتوقع المتحدث أن تصبح اللغة الثالثة أو الرابعة عالميا في العقد المقبل. وأكد الفهري أن تقدم اللغة العربية مرهون بمعالجة نواقصها، ومنها الضعف الكبير على مستوى الوزن المرجعي بين اللغات الأخرى، حيث ينذر أن تجد مجلة علمية محكمة مثلا تصدر باللغة العربية وتعد مرجعا عالميا في تخصص معين، وقال إن هذا النقص يرجع إلى المعربين وليس إلى العربية، هؤلاء الذين يعانون من سوء التنظيم والتشتت، وضعفهم في تدبير شؤونهم.