الذي يتابع التحركات الدولية المناهضة لموقف المغرب في قضية أمينتو حيدر وقبلها قضية المعتقلين الصحراويين السبعة، والتي تطورت لصدور مواقف رسمية من قبل كل من الأمين العام للأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية، فضلا عن مؤسسات حقوقية ذات تأثير كمنظمة هيومن رايت واتش ومنظمة العفو الدولية وجمعية المحامين الأمريكيين بنيويورك، يلاحظ كيف تحول ذلك إلى مدخل لحملة حقوقية سياسية ضد المغرب من ثلاث محاور: أولا، تستهدف بالتشهير والنقذ مجموع السياسة المغربية الجديدة تجاه النزاع، والتي سبق الإعلان عنها في الخطاب الملكي ل 6 نونبر 2009، وثانيا، تروم إحداث وضعية دولية تنعكس سلبا على موقع المغرب في الجولة الثانية من اللقاءات التي يرعاها المبعوث الشخصي كريستوفر روس، ثم ثالثا، جعل المبادرة المغربية للحكم الذاتي الموسع تسقط أمام امتحان مصداقية عدم القدرة على توفير ضمانات الحريات وحقوق الإنسان الخاصة بها. نحن إذن إزاء تطورات دالة تكشف عن تحديات ليست بالسهلة، وخاصة عندما يتم تحليل فورة الرسائل التي أنتجت من قبل شبكة الهيئات الداعمة للبوليساريو في الغرب، وخاصة في الولاياتالمتحدة، والتي تقدم بحيثيات مملة أحيانا مضامين الأهداف الثلاث المثارة آنفا، وتقتضي بالتالي عدم استسهالها أو تبسيطها، لاسيما وهي تعيد للذاكرة التطورات التي تلت ما حصل في صيف ,2005 عندما وجد المغرب نفسه في مواجهة ضغط دولي متزايد للتراجع عن المتابعات القضائية التي قررها في حق عدد من المعتقلين الصحراويين، والتي أفضت إلى صدور رسالة عن ثمان أعضاء من الكونغريس الأمريكي تهدد بتنظيم جلسة استماع في الموضوع، ثم نشر حوار صحفي مع وزير العدل آنذاك محمد بوزوبع عبر فيه عن رفض المغرب للرضوخ للضغوط الخارجية، واليوم نعيد نفس التجربة دون استفادة من الدروس. ما العمل إذن؟ الواقع أن التحول الذي عكسه الخطاب الملكي بقي حبيس الداخل المغربي دون سياسة خارجية فعالة ومواكبة، عمقها غياب سياسة استباقية تمثل صمام أمان صمود الموقف المغربي في الداخل، هذه السياسة التي كان من المفروض أن ترتكز على احتواء المناورات المضادة للخصوم على المستوى الدولي، والأكثر من ذلك أدت كثافة الاشتغال المضاد للمغرب في الخارج طيلة الأسابيع الماضية إلى تعميق الخلط بين ما هو حقوقي إنساني من جهة، وبين ما هو سيادي وأمني وقانوني من جهة أخرى، بل وسعي الخصوم إلى إخفاء العنصر الثاني ونفيه. إن الموقف المغربي القائم على إنهاء سياسة التساهل والتجاهل لاستثمار إمكانات البلد لاستهداف وحدته الترابية والانزلاق نحو التواطؤ مع خصومه علنا، كما في حالة المعتقلين السبعة، أو عدم احترام مقتضيات السيادة مثل هو حاصل في حالة أمينتو حيدر، كل ذلك يقتضي سياسة موازية متعددة الأبعاد الرسمية والبرلمانية والحزبية والمدنية على المستوى الدولي، تفرض من جهة التعامل المتوازن مع الأحداث وتأخذ بعين الاعتبار الموقف المغربي وتنتج عند القوى الدولية احتياطا أكبر وحيادا واجبا في معالجة تداعيات الموقف، وإلا فإن النتيجة هي حشرنا في الزاوية. يبدو أننا نحصد جزءا من نتائج غياب هذه السياسة الاستباقية، وفي حال استمرار ذلك فإن أثرها سيكون سلبيا يهدد ما تحقق من مكتسبات أولية بسبب التحول في السياسة المغربية لتدبير النزاع، والمطلوب اليوم هو حوار يدمج الفعاليات المعتبرة في دعم صمود الموقف المغربي الرافض لأي ابتزاز خارجي أو مقايضة مسمومة على سيادته ووحدته الوطنية.