أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وألمحت المحكمة إلى أن هناك اشتباها بمسؤوليته بشكل مباشر أو غير مباشر عن شن هجمات على المجتمع المدني في إقليم دارفور؛ مما أدى إلى قتل وتشريد أعداد كبيرة من المدنيين. وجاء في البيان الذي أصدرته المحكمة: إن منصب البشير لا يمنحه الحصانة، والقضاة يرون أن الجرائم المذكورة قد ارتكبت، ويقال إن هذه الحملة شنت عام 3002 بعد الهجوم على مطار الفاشر نتيجة لخطة مشتركة شارك فيها كبار أعضاء الحكومة. وبهذا يكون الرئيس البشير أول رئيس دولة تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية وهو في سدة الحكم. عندما نقرأ متابعة الرئيس البشير منذ بداية ترصد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية به؛ نجد أنها أول محاكمة دولية تدين متهما بدون أدلة صريحة؛ فقط بناء على اشتباه واتهامات من خصومه. وعندما نلاحظ السرعة التي جرت بها الأمور نجد أنفسنا أمام مطاردة مغرضة وليس أمام محاكمة. لقد كانت الرغبة في إدانة البشير واضحة منذ البدءِ؛ بل ومن تمنع السودان انطلاقا من استلاء البشير على السلطة في 9891 عن الإذعان لإملاءات الولاياتالمتحدةالأمريكية و(إسرائيل). وعندما لم يفلح الحصار الاقتصادي والدبلوماسي الذي تم إخضاع السودان له، ونجحت الخرطوم في إطفاء نيران حرب انفصالية في الجنوب؛ تم إشعال فتيل حرب انفصالية أخرى في شرقه. واليوم تستغل هذه الحرب التي لم ينجح من أشعلوها في أهدافهم منها؛ هاهم يلجؤون إلى محكمةٍ واضح من طريقة عملها في هذه النازلة أنها لا تملك قرار نفسها؛ بل هي خاضعة لرغبة سياسية بعيدة كل البعد عن القانون. وإلا فلماذا يحاكم رئيس دولة لا دليل على التهم الموجهة إليه بينما لا ترى المحكمة ما رآه العالم أجمع من جرائم حرب حقيقية أدلتها ظلت تبث على شاشات العالم خلال نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي؟ لماذا لا يتابع أولمرت وليفني وباراك مع أن جرائمهم واضحة للعيان، وكانت فرجة عالمية لمدة اثنين وعشرين يوما بالتمام؟ إن الأمر تجاوز ما يمكن تسميته بالكيل بمكيالين. إننا كما قال البشير نفسه لسنا أمام محكمة؛ ولكن أمام أداة من أدوات الاستعمار الجديد.