وسط استغراب كبير للكيل بمكيالين، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي يوم الأربعاء 4 مارس 2009، مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور بناء على طلب المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو. ينتظر أن يخلف استياء ورفضا واسعا في العالم العربي والإسلامي. ويأتي هذا القرار بعد مرور أكثر من سبعة أشهر من مذكرة أوكامبو التي وجهت للرئيس السوداني عمر البشير بتهمة القيام بإبادة جماعية في إقليم دارفور. وقال الادعاء في مذكرته إن قوات وعملاء تحت قيادة البشير قتلت ما لا يقل عن 53 ألف مدني كما تسببت بـموت بطيء لما يتراوح بين ثمانين ألفا و562 ألفا شردهم القتال. واتهم مدعي عام المحكمة أوكامبو الرئيس البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وإبادة في إقليم دارفور، غرب السودان. وقال أوكامبو يوما واحدا قبل صدرو المذكرة إن اعتقال البشير سيتم فور تجاوزه حدود بلاده. وصدرت مذكرة الاتهام بناء على قرار من مجلس الأمن بإحالة القضية إليها، وهي إحدى حالات تدخل المحكمة من دون أن تكون الدولة المعنية بالحالة موقعة على ميثاق روما التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية. وفي ردّ فعل أولي، وصفت وزارة الخارجية السودانية تصريح أوكامبو باعتقال حسن البشير فور مغادرته بلاده بأنه إسفاف لن تعيره أي اهتمام. واتهم علي الصادق، الناطق الرسمى باسم الخارجية السودانية الدول الغربية بممارسة ما وصفه بـأقسى أنواع الابتزاز على مدعى المحكمة حتى يمضي إلى آخر الشوط المرسوم له. وترفض الحكومة السودانية التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وتسليم أي مواطن سوداني للمحاكمة في لاهاي، وإن التزمت الخرطوم ببعض المطالب الغربية في هذا الشأن، بإقامة محاكم خاصة لبعض من تتهمهم الوثائق الغربية بالتورط في هذه الجرائم من المسئولين السودانيين ومن ميليشيات الجنجويد العربية التي يتهم الغرب الخرطوم بتسليحها لمهاجمة مناطق المدنيين السودانيين. وكان وفد مشترك بين الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي قد سافر في فبراير الماضي لنيويورك واجتمع مع أعضاء مجلس الأمن الدولى، للضغط من أجل تطبيق المادة 16 من ميثاق المجلس الخاص بتعليق الملاحقات القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لمدة عام، من دون تحقيق نتيجة. ويرى مراقبون أن سياسة الكيل بمكيالين هي من وراء متابعة الرئيس السوداني البشير، إذ بالرغم من جرائم الحرب التي ارتكبها قادة الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى جرائم حرب التي ارتكبت في العراق وأفغانستان من لدن الولاياتالمتحدةالأمريكية في عهد الرئيس السابق جورج بوش لم يحرّك المدعي العام المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو الدعوى ضدهم.