قررت الرقابة الاميريكية تحديد أعمار مشاهدي فيلم الدولي للمخرج الألماني تويكير بالأعمار فوق 17 عاما ، بسبب موضوع الفيلم والذي رأت الرقابة ، بأنه قد يؤثر على ثقة الأطفال والمراهقين بنظام المصارف العالمي. وكان فيلم الدولي الذي افتتح مهرجان برلين السينمائي الأخير ، قد انطلقت عروضه في أمريكا في الأسبوع الماضي ، ويروي قصة محقق من الانتربول الدولي ، يقوم بالتحقيق في نشاطات بنك عالمي ، هذه التحقيقات تقود إلى تورط البنك في نشاطات غير شرعية ، ومنها ما يتصل بما يسمى الإرهاب . و أنا اقرأ هذا الخبر استغربت كثيرا كيف أن أمريكا بلد الحريات تحرص على الرقابة من اجل الحفاظ على عقول شبابها ، في الوقت الذي نرى أن جل الأفلام التي تعرض في القاعات السينمائية ببلادنا لا تحدد أعمار المشاهدين أو غالبا ما تعمل اقل من 12 عاما لأفلام لا يشاهدها إلا الكبار. تأتي هذه الرقابة االامريكية في الوقت الذي تتعالى فيه أيضا الأصوات ببلادنا بتنحية الرقابة عن الفن بحجة الحرية الإبداعية والواقعية، وبعزل الأخلاق السينما كما جاء في مجلة الأحداث تي.في في عددها الاخير في خانة نقاش فني الذي تمحور حول السينما و رقابة المجتمع أو بالأحرى السينما والإسلاميين الذين وصفتهم بطيور الظلام و أصحاب اللحي والفكر المحجب وسدنة على الأخلاق العامة وأوصياء على المجتمع، و هلم جرا من خطاب تهويلي ترهيبي. وللأسف لم يكن لا نقاش فني و لا علمي رغم إتيانها بأسماء فكرية و سينمائية معروفة التي لم تقم إلا بصب الزيت على النار، وإلا فما معنى أن يقول أستاذ جامعي الاسلاموي لا معايير فنية و جمالية له؟. وقد انطلقت المجلة المذكورة من سؤالين لا يستندا إلى مشروعية فكرية باعتبار أننا ننتمي إلى مجتمع مسلم له قيمه و أخلاقه التي يرتكز عليها في حكمه وتقييمه للأشياء، ومن بينها الفن. و بالتالي لا يمكن أن يخضع هذا المجتمع الضاربة جذوره في الإسلام للأفكار خارجة عن نسقه الثقافي. والسؤالان هما: هل يمكن الحكم على أعمال فنية بمعايير غير فنية أو أخلاقية؟ أين يبدأ ما هو ديني ـ أخلاقي و أ ين ينتهي في علاقته بالفن؟ بطبيعة الحال الجواب كان بصريح العبارة: لكل مجال استقلاله، ما للدين فللدين و ما للفن فللفن. بمعنى ما لله فلله و ما لقيصر فلقيصر. الرسالة واضحة. لكنني اطرح هنا سؤالا : يا ترى ما هي المعايير التي اعتمدتها الرقابة الأمريكية على فيلم الدولي؟ هل هي معايير فنية أم أخلاقية و اجتماعية؟ أليس الدين حاضرا في السينما الأمريكية منذ ولادتها؟ و لنرجع إلى أفلام شارلو، فكل أفلامه تؤطرها مرجعية دينية. ثم أتساؤل أيضا لماذا السينما الإيرانية تعرف نجاحا منقطع النظير في الغرب؟ أليس لأنها تجمع بين ما هو أخلاقي و ما هو فني؟ لقد أعجبتني كلمة قالتها المخرجة المغربية زكية الطاهري القاطنة بفرنسا، خلال مهرجان طنجة الاخير، فيلمها الاخير نامبر وان، حين سألتها إحدى الحاضرات لماذا لا يتضمن الفيلم مشاهد ساخنة؟ فأجابت: إنني أردت أن أركز على الحياء الذي يعني الشيء الكثير بالنسبة للشعب المغربي المحافظ. ته بالفن؟