طالب "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي المعارض، بفتح تحقيق حول فيلم سينمائي تم عرضه في المهرجان السينمائي الدولي الذي نُظم في مدينة مراكش أخيرا، بسبب "تضمنه لكلام يتجرأ فيه صاحبه على الله سبحانه وتعالى، علاوة على تضمنه مشاهد مخلة بالآداب العامة"، وفق تعبير بلاغ الحزب. لكن الناقد السينمائي أحمد بوغابة نفى وجود أية نية لدى مُخرجَيْ الفيلم في التجرؤ على ذات الله تعالى أو الإساءة للمقدسات، مبرزا أن الحزب الإسلامي اعتاد الركوب على مثل هذه المواضيع، ودأب على ممارسة ما أسماه "التسويق السياسي". يُذكر أن فيلم "الرجل الذي باع العالم" الذي أخرجه الأخوان سهيل وعماد نوري، يتناول إشكالية الخوف من السعادة بعد معاناة طويلة، من خلال قصة شخص لم يصدق أنه سيصبح سعيدا. معايير للفن وطالب حزب العدالة والتنمية المغربي بفتح تحقيق رسمي حول ما تضمنه فيلم الرجل الذي باع العالم "إحقاقا للحق وصيانة للمقدسات"، بسبب مشاهد غير لائقة، وجملة جاءت في حوار هذا الشريط السينمائي. واعتمدت مطالب الحزب المعارض بالتحقيق على ما راج من كون بطلة الفيلم ذكرت في أحد المشاهد أن "الله ليس له الوقت لسماع دعاء أمها، لأنه مشغول بعزلته..". واعتبر نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الدكتور لحسن الداودي أن المطالبة بفتح تحقيق رسمي بخصوص الفيلم أمر طبيعي ومطلوب، نظرا لما جاء في بعض مقاطعه ومشاهده من كلام يتضمن جرأة على الله تعالى، علما أن المغرب دولة الحق والقانون، وبالتالي من المفروض أن تتولى البحث في هذا الموضوع. وأضاف الداودي في حديث ل"للعربية نت" أن للحكومة دور رقابي، وإذا قررت بعد إجراء البحث أن الفيلم جيد ولا يتضمن ما راج بخصوصه فلتتحمل مسؤولياتها في ذلك، وإن وجدته كما قلنا فلتتحمل مسؤوليتها أيضاً". ودعا الداودي إلى "تحديد معايير المنتوج الفني عند تقديمه للجمهور"، مشيرا إلى أن الفن إذا لم ينضبط بمعايير معينة وإذا كان سيتجرأ على جميع المواضيع ويمس بالمقدسات ويخل بالأخلاق العامة، فهذا لا يمكن اعتباره فنا وستنتج عنه فوضى عارمة. وشدد الداودي على أن الفنان، سواء كان مخرجا أو ممثلا، يجب أن يحترم المجتمع الذي ينتمي إليه، لكون هذا المجتمع له حقوق على الفرد، مبرزا أن الليبرالية المتوحشة منحت للفرد حقوقا طغت بحدة ومست بحقوق المجتمع ككل، بخلاف الإسلام الذي صان حقوق الفرد والجماعة على السواء. تسويق سياسي في المقابل، شكك الناقد السينمائي أحمد بوغابة في خلفيات طلب حزب العدالة والتنمية، مشيراً إلى أن الأخير "دأب على البحث والاجتهاد في أي فيلم سينمائي مغربي لعله يجد فيه ثغرة أو مشهدا أو قولة لممثل ما، ليجعله قضية سياسية حتى يكون في الواجهة بأي شكل من الأشكال". وأضاف بوغابة في حديث ل"العربية نت" أن هذا السلوك من الحزب ليس جديدا، فهو معروف بسعيه نحو الظهور بمظهر "حارس الفضيلة"، وهي طريقة خاصة لممارسة "الماركتينغ (التسويق) السياسي" على حد تعبير بوغابة. وبخصوص فيلم "الرجل الذي باع العالم"، يرى بوغابة أنه شريط سينمائي يتضمن عملا احترافيا وبناء دراميا جيدا، كما أنه يتميز باجتهاد فني ومستوى عال جدا على الصعيد التقني والأدائي والكتابة السيناريستية، مشيرا إلى أن الكثيرين قد لا يفهمون سياق ومضمون الفيلم منذ الوهلة الأولى، لكونه فيلما موجها إلى النخبة السينمائية والمثقفة من الجمهور والمتابعين. وأضاف أن الجملة موضوع الجدل في الفيلم "ليس فيها أي سوء نية ولا أية إساءة لذات الله تعالى، وبالتالي ليس هناك ذلك البُعد الذي أراد أن يصوره الحزب الإسلامي حول الفيلم ويطالب بالتحقيق فيه". من جهته، أشاد وزير الاتصال السابق نبيل بنعبد الله بمضامين الفيلم المذكور، ورأى فيه مهنية كبيرة وحداثة في الطرح والرؤية الفنية، مشيداً بكونه من نوع الأفلام التي تتطلب مشاهدات متوالية ولا يتم الاكتفاء بالمشاهدة الأولى للحكم عليه، وذلك كي يتم استيعاب كافة رسائله الفنية والخطابية. العربية