لم يستطع العديد من التلاميذ مسايرة الدراسة في عدد من مناطق المغرب التي تعرف تساقط الثلوج، كما أن المئات من المدرسين لم يستطيعوا الوصول إلى مقرات عملهم يوم الإثنين المنصرم بسبب إغلاق الممرات والطرق المؤدية إلى مدارسهم؛ خصوصا بمناطق الأطلس والريف، بسبب برودة الطقس وتساقط الثلوج، مع الإشارة إلى أن برودة الجو وقوة الرياح اعتبرت استثناء هذا العام لم يعرف المغرب مثيلا لها منذ الستينات بحسب بعض المصادر. لذا يمكن القول إن الثلوج وبرودة الطقس أسهمت وبشكل كبير في ارتفاع نسبة الهدر المدرسي الذي فاق كل التوقعات، حيث يسجل المغرب مغادرة أزيد من 390ألف تلميذ للمدرسة. ثلوج تحول دون اجتياز امتحانات ببعض المؤسسات التعليمية بنيابات خنيفرة وأزيلال وإفران على سبيل المثال لم يستطع تلامذة المستوى السادس إجراء الامتحان الموحد إلى حد كتابة هذه الأسطر بحسب مصادر متفرقة، وعزا أحمد حميد نائب الوزارة بأزيلال السبب إلى تساقط الثلوج وانقطاع الطرق المؤدية إلى بعض المجموعات المدرسية، مبرزا أن الدراسة تتوقف أحيانا لأسبوع أو أكثر ببعض المناطق كجماعات أمركي، آيت بولي، آيت أمليل، آيت بلال وهي بحسبه جماعات متضررة ومترامية في الحدود مع ورزازات وزاكورة والراشدية، وأضاف المسؤول أن هذه السنة تعد استثناء لكثرة الثلوج، وعن الحلول التي تنهجها النيابة لتجاوز التعثرات الدراسية وتعويض التغيبات المبررة للمتعلمين أكد المتحدث أن النيابة عملت على توفير الساعات الإضافية بالابتدائي؛ يباشرها المدرسون ويعوضون عنها ماديا، وفي إطار الشراكة التي تجمع النيابة مع الجمعيات المهتمة بالتربية غير النظامية يسهم أطر الجمعية في توفير ساعات الدعم للمتعلمين، وهذا بحسب النائب حلول مرحلية. وبخصوص التدفئة سجل المتحدث توفير ما مجموعه 80 طنا من الفحم الحجري لجميع المؤسسات التعليمية و100طن خلال الموسم الجاري، نصف الكمية وفرتها أكاديمية تادلة أزيلال، وقد تم بحسبه توزيعه على أغلب المؤسسات التعليمية في انتظار التوصل بعدد من الأفران. وبآيت بوكماز بنواحي أزيلال اجتاز تلاميذ المستوى السادس امتحانهم الموحد على إيقاع عاصفة ثلجية قوية، لم يستطع خلالها المتعلمون العودة إلى منازلهم، وأفادت مصادر أن وجبة المطعم المدرسي البسيطة تم اقتسامها بين التلاميذ وبعض مدرسيهم، قبل أن يلتحق العديد من الآباء بالمركزية للبحث عن فلذات كبدهم وسط غابة من الثلوج على حد تعبير أحد المدرسين. البرد القارس صعب على المدرس فما بال المتعلم حنان العباسي مدرسة للتعليم الابتدائي بمجموعة مدارس آيت الهري بنواحي تونفيت في خنيفرة أكدت أنها في وضع غير طبيعي بسبب برودة الطقس على مدار عدة أشهر من السنة الدراسية، إلى درجة أن بشرتها اسودت، وحينما سألناها عن واقع التمدرس وكيف يستطيع التلميذ التعلم في ظل تساقط الثلوج والأمطار، ردت بالقولأنا شخصيا رغم كبر سني أجد صعوبة في إعطاء الدروس بسبب البرد القارس، فبالأحرى التلميذ المسكين، والذي قد لا يلبس ملابس تقيه جيدا من البرد وزادت بمجرد ما يدخل التلاميذ إلى الفصل، إلا ويبادروا بالشكاوى على شاكلة أستاذة قرفني أي أصابني برد شديد، ذلك أني أبادر إلى مساعدتهم في إيقاض نار داخل الفصل قصد التدفئة وتجاوز صعوبة الطقس. وعن حطب التدفئة أكدت حنان أن مصدر الحطب هم التلاميذ فقط، أما ما تخصصه الدولة أو الأكاديمية فلا يصل إلى مؤسساتنا فقط نسمع عنه. وبخصوص ظروف إجراء الامتحان الموحد للمستوى السادس أكدت الأستاذة أن المذكرة النيابية حددت يوم 21يناير2009 كتاريخ لإجراء الامتحان الموحد على صعيد المركزية، لكن صادف هذا التاريخ تساقط ثلوج كثيرة مما جعل التلاميذ يتغيبون، فقمت بمعية بعض الأساتذة وطالبنا من السيد المدير تمكيننا من اجتياز الامتحان على صعيد الفرعية في اليوم الموالي أي 22 يناير، وهو ما تم، لكن بعد أن ضربناها بمرضة بسبب تنقلنا وسط الثلوج لساعات في عمق نصف متر. وفيما يتعلق بعدد الحصص الفعلية للدراسة لدى التلاميذ أشارت حنان إلى أن السنة الدراسية بهذه المناطق مغايرة لمناطق أخرى، فهنا تنتعش الدراسة في شهر مارس ما يعني أن التلميذ يضيع في شهور بسبب تغير المناخ والطقس وتساقط الثلوج، وهذا بحسبها يسهم بشكل كبير في التعثر الدراسي لدى أبناء هذه المنطقة. حرب التدفئة أثار توزيع الفحم الحجري بعدد من المؤسسات التعليمية التابعة لأكاديمية مكناس تافيلالت ردود فعل متباينة، فقد رفضت التنظيمات النقابية بإفران استعمال الفحم الحجري لكونه يتسبب في عدد من الأمراض، وقال أحمد الإدريسي الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم بإفران أنهم طالبوا بضرورة تحسين التدفئة داخل المؤسسات التعليمية وتعميمها مع توفير شروط السلامة، واعتبر النقابي الفحم الحجري ناقص الجودة، وله تأثيرات سلبية على المتعلم والمدرس على السواء، وجدد مطلب الموظفين بتمكين المؤسسات التعليمية بسخان مركزي بدل الفرن التقليدي. وحيد دامي نائب وزارة التربية الوطنية بإفران نفى الأمر جملة وتفصيلا، واعتبر الفحم الحجري عملي، وتوزيعه يسمح بطريقة غير مباشرة في الحفاظ على الغابة التي تعد بمثابة رئة البلاد. مبرزا أنهم استشاروا خبراء في هذا المجال قبل الإقدام على توزيعه، وقد استفادت جميع المؤسسات التعليمية من حصتها المخصصة، مشيرا إلى أن سكان جرادة يستعملون الفحم نفسه منذ سنين دون أضرار. وبخصوص تأخر إجراء الامتحان الموحد ببعض المؤسسات التعليمية أكد وحيد أن مؤسسة وحيدة فقط لم يستطع أطرها إجراء الامتحان التجريبي بسبب التساقطات الثلجية وصعوبة المسالك، وعن المناطق التي تعرف انقطاعات متكررة للدراسة بسبب الثلوج عدد المسؤول جماعات كتمحضيت وعين اللوح وضاية عوا وغيرها. التلاميذ بدورهم باتوا يواجهون هذه السنة صعوبات في متابعة حصصهم الدراسية، بعدما استغنت المؤسسات التعليمية عن حطب التدفئة، واستعانت بالفحم الحجري تسبب هذا الأخير في اختناق التلاميذ، وفي هذا السياق، أكد تلميذ يدرس بإحدى المؤسسات التابعة لنيابة إفران أنهم فوجئوا هذه السنة بتغيير حطب التدفئة بالفحم الحجري، من أجل تدفئة الأقسام، مما تسبب لهم ولمدرسيهم في نوع من الاختناق بسبب الرائحة، التي تنجم عن احتراق هذه المادة، كما أن الفصل الدراسي لا يدفأ إلا بعد أن توشك الحصة الدراسية على الانتهاء. مدارس جماعاتية هي الحل وعن الحلول التي قد تسهم في تجاوز أزمة التمدرس بالمناطق الثلجية والباردة أشار النقابي الإدريسي إلى ضرورة إحداث مركبات مدرسية أو المدارس الجماعاتية تتوفر فيها وسائل النقل وشروط التمدرس والسكن والمطعم والتدفئة، وبالتالي يمكن تجنب الهدر المدرسي أو على الأقل التخفيف منه. وقد سبق للوزير اخشيشن أن صرح أكثر من مرة عن استعداد الوزارة لتعويض الوحدات المدرسية والمجموعات المدرسية لمتفرقة بمدارس جماعاتية ومركبات تربوية توفر ظروف التمدرس والتنقل والتغذية والسكن للمدرسين وداخلية للمتعلمين، وحدد البرنامج الاستعجالي إنجاز 50 مدرسة جماعاتية خلال اربع سنوات المقبلة. الحكومة والتدخل الموسمي الحكومة أعلنت عن استراتيجية وزارية لمساعدة سكان المناطق الجبلية لمواجهة موجات البرد القارس والتساقطات الثلجية، تقوم على تحضير طرق كفيلة بمواجهة موجات البرد في المناطق الجبلية على ارتفاع 1500 متر فوق مستوى البحر. وتشمل هذه الاستراتيجية الخطة الشاملة للتعامل مع البرد القارس والتساقطات الثلجية، وتستهدف 400 ألف شخص وحوالي ألف قرية في 19 عمالة. وتضم الخطة مجموعة من الوزارات، منها الداخلية، والتجهيز، والصحة، والفلاحة، والتربية الوطنية، وكذا المفوضية السامية للمياه والغابات، والوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، وقوات الأمن. بالإضافة إلى ذلك، أحدثت الحكومة لجانا إقليمية ومحلية، كلفتها بتقييم الوضع في الميدان، واقتراح طرق تطبيق حلول فعالة للمشاكل، التي يواجهها السكان وضمان عدم عزلتهم. كما راقبت هذه اللجان الطرق، وشبكات الاتصالات، ومستودعات التموين، وأجهزة التدفئة، والبنيات التحتية الخاصة بالرعاية الصحية، والمدارس.ومن بين النقط التي أولتها هذه اللجان أهمية، ضمان عدم عزلة القرى، وإصلاح خطوط الهاتف المعطلة، والتأكد من ملء مراكز التموين، وتوفير أجهزة التسخين، وإعداد البنيات التحتية الخاصة بالرعاية الصحية والمدارس. وتدرس الحكومة، أيضا، استراتيجية للتدخل الجوي، باستعمال المروحيات، للسماح لفرق الرعاية الصحية المتخصصة بالتنقل عبر أرجاء البلاد.