يمكن القول أن المفاجأة الثانية بعد مفاجأة نتائج التدبير الديموقراطي والشفاف في مؤتمر العدالة والتنمية، كانت هي المواقف التي صدرت عن منابر إعلامية بعضها لا يتردد في التعبير عن مناهضته للخط الفكري والسياسي الذي تمثله تجربة المشاركة السياسية للحركة الإسلامية بالمغرب ممثلة في حزب العدالة والتنمية وبعضها الآخر يحتفظ بمسافة نقدية إزاءها. نتحدث هنا تحديدا على مقالة الرأي التي نشرت بكل من جريدة الصباح وليكونومست يوم الثلاثاء 22 يوليوز 2008، وكذا ما كتب في ركن قهوة الصباح بجريدة المساء، ومثيله في صباح الخير بالجريدة الأولى، فعلى خلاف نظرات سوداوية سادت في فترات في مواقف البعض، وضدا على أحكام جاهزة وخلفيات مسبقة، لم يتردد البعض في الاعتراف بالتقدم الديموقراطي الكبير الذي كشفه مؤتمر الحزب بعد أن كانت غالبية المتتبعين تنظر له على أساس كونه مؤتمرا عاديا بدون مفاجآت، لينقلب كل ذلك بعد الإعلان عن نتائج انتخاب الأمين العام وقبله أجواء الجلسة الافتتاحية ومضامين المشاريع المعروضة. لقد قال عبد المنعم دلمي أننا لسنا مضطرين إلى اقتسام الإيديولوجية التي يمررها ويتبناها حزب العدالة والتنمية حتى نقول إنه أعطى صورة لحزب عصري وحداثي في تنظيمه، وذلك بعد أن كتب في مقدمه مقالته علينا أن نعترف أن حزب العدالة والتنمية لقن درسا بليغا في الديموقراطية الداخلية لجميع الأحزاب السياسية المغربية، وهي الجملة الي اختار ركن صباح الخير بالجريدة الاولى أن يبدأ بها الحديث عن درس المؤتمر لكافة الأحزاب المغربية، مع حديثه عن حاجة الحزب لوضوح أكبر في الخط السياسي، أما كاتب قهوة الصباح بالمساء فلم يتردد في القول بأن حزبا فتيا مثل حزب العدالة والتنمية أعطى نموذجا يستحق التأمل في إدارة الاختلاف بين تياراته وأجنحته بطريقة ديموقراطية وشفافة وهو اعتراف يستحق التقدير رغم أن التدبير الديموقراطي لسير مؤتمر الحزب كشف أن الحديث عن تيارات ليس له سند من واقع مادامت هي مجرد آراء تتغير العلاقة بين حاملها بمجرد بروز قضية جديدة تحتاج لرأي جديد. لقد درج الكثيرون على اعتبار المشهد الإعلامي غير الحزبي مشهدا معاديا بطبيعته للأحزاب السياسية، خاصة مع صدور مواقف مناهضة ومضادة، إلا أنه في المقابل لم يخل المشهد الحزبي نفسه من ظواهر مرضية ومشينة لا يجد معها الصحفي سوى عكسها للقارئ فهي خبر أولا ويستحق التعليق ثانيا، وما حدث في التعامل الإجمالي مع مؤتمر حزب العدالة والتنمية كشف عن استثناء واضح، يصعب تجاهله وإن كان البعض سيرى فيه محاولة لاستغلال حدث لمهاجمة آخرين، لكن قبل ذلك فإن الاعتراف بحصول مكسب شيء إيجابي أمر مهم ولا يمكن بخسه.