تخوض السلطات المحلية بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، حملة شعواء على المحلات التجارية في سوق كراج علال، وتطال نزع واجهات محلاتهم البيشان، بعدما تشبث بعض الباعة باستغلاله. في الوقت الذي يعتبر فيه أصحاب الفراشة، أن استقرار وضعهم ما هو إلا هدنة مؤقتة، تغض فيها السلطات المعنية الطرف عنهم، إلى ما بعد لتطبيق تعليماتها بمحاربتهم. ومن جهة أخرى يتعامل بعض المسؤولين مع الظاهرة على أنها تسجل أبشع أنوع الاستغلال للملك العمومي، ويعتبرون أن باعة الفراشة يحتلون أجزاء مهمة من شوارع وأزقة المنطقة، كما المحلات التجارية تساهم باحتلالها للواجهات الأمامية. إعادة الهيكلة تحاول السلطات المحلية والمنتخبة بتنسيق مع غرفة الصناعة والتجارة وبعض الجمعيات المهنية بدرب السلطان بالدارالبيضاء، تنظيم الباعة المتجولين في سبعة أزقة، تمهيدا لتعميمها في أماكن أخرى بالمنطقة، وذلك بتحديد الأماكن التي يسمح لهم فيها بعرض تجارتهم والوقت المسموح به، لكن من دون أن يرى الإجراء النور لحد الآن، فيما يعيش الباعة الجائلين أوضاعا مضطربة بسبب منعهم من عرض مبيعاتهم. فالسلطات المحلية تطادرهم وتصادر بضاعتهم. وهي تسعى بهذا الإجراء إلى إعادة هيكلة وتنظيم الباعة المتجولون، من دون أن تنجح في ذلك، فهم يتكاثرون يوما بعد يوم، لكن لا يوجد إحصاء دقيق لعددهم. اقتراحات السلطة المحلية في شخص رئيس الدائرة ببرنامج افتراش كل يوم في زنقة من أزقة الأحياء، رفضه الباعة المتجولون، واعتبروه استخفاف بهم. وصرح عضو بمجلس مدينة الدارالبيضاء لـ التجديد أن إعادة الهيكلة بعد الإحصاء أضحى أمرا مستعصيا على السلطات، نظرا للكم الهائل للباعة، وأضاف أن تدبير الملف سيأخد وقتا طويلا، لكن إذا كان ذلك قرارا أوليا للسلطات بإزالة الفراشة و نزع واجهات المحلات التجارية الأمامية البيشان، من أجل تسهيل المرور على الناس، ثم الضغط على من يظن أنه ورث المكان، في انتظار حلول سترضي البعض و لا ترضي الآخرين قطعا . ويبدو أن حملة السلطات المحلية بدرب السلطان في السوق المحلي لبيع الملابس المعروف بـ كراج علال، قد وجدت من يستجيب لها. حيث لاحظنا تقلص عدد الباعة المتجولين، وقلة البضائع التي يجري تراكمها أمام واجهات دكاكين بيع الملابس، ما أدى إلى اتساع الأماكن الفارغة على الأرصفة وفي الشارع، إذ بدأ عدد من التجار، الذين جرى إخبارهم عبر لجنة مثلتهم خلال لقاء سابق مع السلطات المحلية، في التخلص من البضاعة، التي كانت تعرض تحت الأغطية الواقية أمام محلاتهم التجارية، غير أن هناك تجارا في أزقة أخرى واصلوا استعمال الغطاء الذي يقي واجهات دكاكينهم، بحجة عدم إخبارهم مباشرة من قبل السلطات، ما جعل السلطات المحلية تتدخل لاجبارهم على نزعه، خلال جولتها في الأسبوع الماضي. إذعان وأوضح آخرون نفذوا القرار على مضض، أنهم أزالو الباش أمام دكاكينهم، واستعانوا في ذلك بنقص كميات البضائع التي تعلق عليه، لأنهم اعتبروا الإجراء يدخل في إطار تنظيم الأسواق المحلية، وقال (م - ن) صاحب دكان بزنقة مولاي إدريس، يستعمل بعض التجار الغطاء الواقي لاستغلال مساحات واسعة أمام دكاكينهم، ويعرضون تحته كميات كبيرة من البضاعة، ما يعرقل مرور الراجل و يضايقون الرصيف . وأضاف أن تجارا ينصبون خياما من البلاستك أمام دكاكينهم، يعرضون فيها بضاعتهم، تؤدي إلى غلق الطريق، مشيرا إلى وقوع نزاعات مع من يعترض على هذه التصرفات، التي يرونها تعرقل استقبال البضائع، واستقطاب الزبائن. وبدوره أكد خالد، صاحب محل لبيع الملابس، أنه سمع بتنظيم البيع في السوق المحلي منذ بداية شهر مارس، كما جرى إخباره بعدم استعمال الغطاء الواقي، بعد اتصال لجنة مثلت التجار بالسلطات المحلية. وأن دورية السلطات المحلية تدخل في إطار تطبيق التعليمات. فيما أشار حجاج، صاحب محل تجاري، إلى أن من الباعة من يستغل الغطاء الواقي لعرض جل بضاعته، مما يؤدي إلى احتلال الرصيف، وهذا يثير غضب المارة أحيانا، ويخلق نزاعا بين الباعة، حول المساحة التي يجب استغلالها، خاصة وأن منهم من يترامى على المساحة الموجودة أمام الدكان الذي يجاوره. مؤكدا في تصريحه لـ التجديد أن السجل التجاري الذي يرخص لأصحاب الدكاكين عمليات البيع، لا يسمح باستغلال المساحات الموجودة أمام الدكاكين، كونها تمثل جزءا من الرصيف الذي يدخل في إطار الملك العمومي. وأفاد أن التنظيم الذي تسعى السلطات المحلية إلى فرضه يخدم الباعة، لأنه سيقضي على ما وصفه بـ الفوضى والعشوائية في عرض البضائع. غضب عبر متضررون لـ التجديد عن غضبهم من القرار الذي يلغي استفادتهم من الغطاء وواجهة الدكان، موضحين أن الغطاء يجري استعماله لحماية واجهة الدكان من أمطار الشتاء وأشعة الشمس، وأنهم يؤدون ضريبة سنوية على استغلال المساحة الموجودة أمامهم تتراوح بين ألف و500 وألف و700 درهم. وفي هذا السياق اعتبر صالح، صاحب محل بزنقة العباسيين، في تصريح لـ التجديد، إن الغطاء الواقي ليس له علاقة بتنظيم السوق، خاصة وأنه لا يعيق المرور، مثل عرض البضائع على الأرض، وأن له الحق في استغلال واجهة دكانه، لأنه يؤدي ضريبة سنوية مقابل ذلك. وعبر عن غضبه لتدخل السلطة من أجل التخلص من الغطاء الواقي، الذي يشكل خسارة وصفها بالكبيرة بالنسبة إليه، خاصة وأن تكلفة إنجازه بلغت 10 آلاف درهم، مشيرا إلى أن هناك أخبارا تتعلق بإنجاز غطاء جماعي يحمي جميع واجهات الدكاكين. أما زميله سالم، فيرى أن الحملة يجب توجيهها إلى الباعة المتجولين، الذين يستغلون الملك العمومي، أكثر من أصحاب المحلات التجارية، ويعرقلون مرور السيارات من الأزقة المؤدية إلى شارع محمد السادس. وعبر عن استغرابه من استمرار بعض الباعة المتجولين في مزاولة نشاطهم، وشن الحملة على الدكاكين فقط، لأنه يرى أنه يجب محاربة الفراشة قبل إرغام أصحاب الدكاكين على التخلص من الباش. ما الحل ؟ يتطلب الحد من هذه الظاهرة حسب بعض الفاعلين، وضع خطط لتنمية العالم القروي للحد من الهجرة القروية، وتفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إضافة إلى تمكين الشباب والمحتاجين من وسائل الدعم، مع تنظيم الباعة وهيكلتهم بما يضمن حقوق الجميع، ودون المس بمصدر رزقهم الذي قد تكون له عواقب وخيمة كتشريد الأسر ولجوء بعضهم للسرقة أوالتعاطي لبعض الممنوعات كالخمر والمخدرات أو الفساد والبغاء، فالموضوع يضيف فاعل جمعوي يستوجب التعامل بجد مع اجراءات تقنين الباعة الجائلين، ثم إشراك الجمعيات المهنية في اتخاذات القرارات، وجمعيات حماية المستهلك وتوجيه من لا مهنة له نحو تعلم بعض الحرف والمهن أو نحو بدائل أخرى تكون مصدرا أخر وأفضل لرزقهم. يذكر أن منطقة درب السلطان تعتبر مركز الرواج الاقتصادي الأول بالبيضاء، والتي تستقبل يوميا آلاف التجار، لاقتناء منتوجاتهم بالجملة، ويتوافد عليها في نفس الوقت عشرات بل مئات الرجال والنساء ومن فئات عمرية مختلفة ممن لا مهنة لهم لعرض بضاعتهم على الأرض يطلق عليهم الفراشة.