دشنت السلطات المحلية في مدينة الدارالبيضاء حملة جديدة لتحرير الملك العمومي، الهدف منها حمل أرباب المقاهي على التراجع على نشر كراسي صارت تعوق حركة مرور الراجلين في شوارع المدينة وأزقتها. وفي وقت أعربت فيه السلطات عن رغبتها في إعادة الاعتبار إلى «الملك العمومي»، انتفض العشرات من أصحاب المقاهي مهددين بالتصعيد واللجوء إلى المحكمة الإدارية بعد توصلهم بإشعارات موقعة من لدن بعض قواد المقاطعات الحضرية يخبرونهم بموجبها بضرورة إزالة الستائر و«الأطناب» التي تعوق حركة المرور. مصدر من المجلس الجماعي للدار البيضاء، أكد ل«المساء» أن الحملة الجديدة التي باشرتها السلطات لتحرير الملك العمومي جاءت لتنظيم الفوضى التي يشهدها قطاع تدبير مقاهي «الشيشة» و كذلك جاءت لإجبار أرباب المقاهي العادية على احترام الرصيف العمومي وترك المساحات المستحقة لمرور الراجلين. والحملة الجديدة، تؤكد مصادرنا، أشبه بحملة سابقة لتحرير الملك العمومي، سبق أن قادها إدريس بنهيمة عندما كان واليا على المدينة، قبل أن «يطير» من منصبه بعد أن جر عليه وبال لوبيات اقتصادية، رأت في حملته الساعية إلى تحرير الملك العمومي مسا بمصالحها، بعد أن أعطى الوالي السابق بنهيمة أوامره الصارمة لتهدم الجرافات كل مساحات الملك العمومي المستغلة من طرف الخواص، وضمنهم أرباب مقاهي ضموا مساحات من «الملك العام» إلى ممتلكاتهم، ليتلف المعارضون لسياسته على قراره بتحرير الملك العمومي بدعوى محاربة الاستثمار ويرحل بنهيمة عن المدينة ليعود أرباب المقاهي لاستغلال الملك العمومي بعد تغيير الإسمنت ب«البيشان» و«الأطناب». وأشار مصدر من مكتب مجلس المدينة إلى أن الحملة الجديدة لتحرير الملك العمومي سبق لها أن انطلقت من عمالة مقاطعات آنفا، وقد همت مقاهي متخصصة في تقديم «الشيشة» لزبنائها، لتنتقل إلى عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان لإجبار أصحاب المقاهي، ممن عمدوا إلى تغطية واجهاتها بستائر و»أطناب» تحجب الرؤية عما يدور بالداخل، لإزالة كل الستائر التي من شأنها أن تحجب الرؤية. وأعرب أرباب مقاه، اجتمعوا الأسبوع الماضي بالمركب الثقافي كمال الزبدي في الدارالبيضاء، عن تذمرهم الشديد لقرار السلطات بإزالة الستائر والأطناب، مشيرين إلى أن مقاهيهم تقوم بدور ثقافي واجتماعي، معربين عن أملهم في أن تراجع السلطات قرارات قالوا إنها لا تستند على أسس قانونية، وبرأيهم فإن أهمها هو غياب مقرر مصادق عليه في دورة لمجلس مدينة الدارالبيضاء. وأبدى أرباب المقاهي المحتجون رغبتهم في اللجوء إلى المحكمة الإدارية لإبطال مفعول قرارات موقعة من طرف قواد المقاطعات الحضرية، بعد أن توصلوا بإشعارات من السلطة المحلية تلزمهم بإزالة الستائر و«الأطناب»، مشددين على أنهم دأبوا على تسديد فواتير رخص استغلال الملك العمومي بشكل منتظم إلى المصالح المختصة، تنضاف إلى «الرسوم الكثيرة» التي يسددونها للمقاطعات الحضرية التي تتواجد مقاهيهم فوق ترابها. وحسب مصدر من ولاية الدارالبيضاء فإن عدد المقاهي المتخصصة في تقديم النرجيلة لزبنائها يفوق 1000 مقهى، لكن مصادر غير رسمية أكدت وجود أزيد من 3000 مقهى ل«الشيشة» معظم روادها من القاصرين والفتيات تشكل نسبة مهمة منهم. وكانت سلطات البيضاء قد أصدرت سنة 2004 قرارا ولائيا وقعه الوالي السابق محمد الضريف، وهو القرار الذي يلزم ممثلي السلطة بالسهر على تطبيق القانون وحماية الملك العمومي والأخلاق العامة. ورغم سحب رخص استغلال من بعض المقاهي وحجز كميات من الشيشة واعتقال بعض «المتلبسين» بتدخينها فإنه يُسْقَطُ في يد السلطات الأمنية عند تخلي النيابة العامة سبيل معتقلين بتهم تعاطي الشيشة والترخيص على الفساد. وأرجع مسؤول بولاية الدارالبيضاء انتشار المقاهي المتخصصة في تقديم «الشيشة» إلى فراغ قانوني لا يتضمن عقوبات زجرية من شأنها أن تحد من استفحال الظاهرة. على اعتبار أن أقصى عقوبة يمكن أن تطال مروج «الشيشة» هي أداء غرامة تتراوح ما بين 10 و50 درهما. وبحسب المختار البقالي قاسمي، العامل مدير الشؤون العامة بولاية جهة الدارالبيضاء الكبرى، فإن السلطات تابعت إداريا وقانونيا 450 مقهى لم تحترم منع تدخين «الشيشة». مشيرا إلى أن إحساس السلطات بخطورة استهلاك «الشيشة» جعل ولاية المدينة سنة 2004 تصدر قرارا يمنع تداولها في المقاهي. وتضمن تقرير صادر عن مندوبية وزارة الصحة بالمدينة معطيات صادمة، وأشار التقرير إلى أن تدخين «شيشة» واحدة يعادل تدخين ما بين 20 و30 لفافة تبغ، والرقم قد يتضاعف بالنظر إلى مساحة فضاء الاستهلاك وتوفره على الهواء. وأكد العامل مدير الشؤون العامة بولاية الدارالبيضاء أن السلطات سحبت أكثر من 20 رخصة كإجراء أولي، وتراوحت مدة سحب الرخصة بين شهر واحد و3 أشهر في حق المخالفين.