يتجدد الجدل بشأن قضية حرية الصحافة وهوامش التحرك للقوى المعارضة في تونس، مع قضية صحيفة معارضة تشكو من عراقيل حكومية في طريقها، بما وصل إلى حد دخول القائمين على الصحيفة في إضراب عن الطعام. فقد أعلن كل من رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة الموقف التونسية المعارضة، ومنجي اللوز مدير تحريرها، دخولهما في إضراب مفتوح عن الطعام في مقر الصحيفة، احتجاجاً على ما وصفاه الحصار وأسلوب الابتزاز ومحاولة دفع الصحيفة إلى الاحتجاب ، كما نقلت وكالة قدس برس . وأعلن خشانة واللوز شروعهما في الإضراب خلال ندوة صحفية عقدت بمقر الجريدة، السبت (26/4)، وهما كذلك عضوان في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي التونسي. وكانت إدارة الموقف قد احتجت في مناسبات سابقة على ما اعتبرتها تضييقات متمثلة في حجز الصحيفة ومصادرتها ومنعها من التوزيع في الأسواق، وحمّلت الحكومة التونسية مسؤولية ذلك. وكردّ فعل احتجاجي على ذلك نزلت في وقت سابق قيادة الحزب الديمقراطي التقدمي، مالك الصحيفة وهيئة تحريرها، إلى الشارع لبيعها في الطريق العام. لكنّ الأزمة بين الحكومة التونسية وصحيفة الموقف أخذت منعطفاً آخر بإحالة المدير المسؤول للصحيفة ورئيس تحريرها إلى القضاء، بعد رفع خمس شركات لترويج الزيوت النباتية قضايا عدلية ضد كل من رئيس التحرير رشيد خشانة، ومديرها نجيب الشابي، مطالبة بتعويضات أوّلية تقدر بنحو 500 ألف دينار (450 ألف دولار) في انتظار تحديد الأضرار التي لحقت بها. وكان رئيس التحرير قد تحدث في إحدى افتتاحيات الموقف عن اكتشاف مخابر جزائرية أنّ نسبة الرصاص الموجودة في الزيوت المهرّبة من تونس إلى الأسواق الجزائرية تفوق 40 مرة المستوى المسموح به دولياً، ودعا إلى فتح تحقيق في الموضوع. كما تم تجميد رصيد الصحيفة البنكي من قبل إدارة الضرائب، بحجة وجود دين جبائي يرجع إلى سنة 1986، بينما تقول إدارة الصحيفة إنّه تم سداد هذا الدين. واعتبر الحزب الديمقراطي التقدمي في بيان حصلت قدس برس على نسخة منه، أنّ ما تتعرض له الموقف من تضييقات ومصادرة، يندرج في إطار مواجهة اختيارات الحزب في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية لسنة 2009 ومبادرته ترشيح أمينه العام السابق أحمد نجيب الشابي. واستنتج البيان من ذلك أنّه يؤشر منذ الآن على نوعية المناخ السياسي الذي ستدور فيه هذه الانتخابات الرئاسية، حسب تعبيره. هذا وأكّد أحمد نجيب الشابي، مدير الصحيفة والذي يُتهم بترويج أخبار زائفة، أنّ هيئة تحرير الصحيفة مستعدة للتراجع عن قرار الإضراب شريطة أن تقوم الحكومة بدفع تعويضات عن الخسائر التي تكبدتها الصحيفة مؤخراً، بسبب الحصار المضروب عليها وإسقاط الدعاوى المرفوعة ضدها. وهذا هو ثاني إضراب عن الطعام تلجأ إليه قيادة الحزب التقدمي، بعد إضراب أيلول (سبتمبر) الماضي، عند محاولة طرد صحيفة الموقف من مقرها بواسطة حكم قضائي تم التراجع عنه بعد شهر من الإضراب. من جهة أخرى؛ عبّرت لجنة حماية الصحافيين، ومقرها نيويورك، في بلاغ صحفي صادر عنها بهذا الشأن؛ عن قلقها للملاحقات والمصادرة التي تتعرض لها الموقف وطالبت بوقف تلك الممارسات فوراً. أمّا منظمة مراسلون بلاحدود التي تتخذ من باريس مقراً لها، فقد طالبت في بيان اطلعت قدس برس على نسخة منه، السلطات التونسية بوضع حد للتنكيل الممارس بحق أسبوعية الموقف المعارضة. كما توجهت المنظمة برسالة إلى الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي، قبل زيارته المقررة إلى تونس من 28 إلى 30 نيسان (أبريل) الجاري، تحثّه على الترويج لحرية التعبير لدى المسؤولين التونسيين . هذا وتشدد السلطات التونسية على إنكار أي يد لها في الملاحقة القضائية لإدارة الموقف ، ملاحظة أنّ القضاء التونسي مستقل ويقوم بدوره بعيداً عن أي تأثير. كما تنكر السلطات ما يذكر من عراقيل على توزيع هذه الجريدة أو حدوث أي مصادرة لها، وتعتبر ذلك من قبيل الأكاذيب الدعائية . وتأتي هذه الأزمة الجديدة بين الموقف والحكومة التونسية في وقت حرج يتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي لتونس لمدة ثلاثة أيام، ليضع اللمسات الأخيرة المتعلقة بالتعاون الثنائي وبعث الاتحاد المتوسطي. كما تأتي هذه التطورات قبل أيام قليلة من احتفال الصحافيين في العالم بالعيد العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق الثالث من أيار (مايو) من كل عام.