استنكرت أوساط صحفية وحقوقية تونسية قيام السلطات بسحب عدد يوم الجمعة الماضي 20 يناير من صحيفتي أخبار الجمهورية المستقلة والموقف المعارضة من نقاط توزيعهما في الأسواق. ولم تعلن السلطات سببا لذلك، غير أن مراقبين في الوسط الصحفي التونسي رجحوا أن يكون نشر الجريدتين خبرا عن احتمالات رفع أسعار الخبز هو العامل وراء ذلك. وفي تصريحات لإسلام أون لاين.نت عبّر رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة الموقف عن استنكاره للإجراء الذي اتخذته السلطات. وقال: إن المواضيع المنشورة في العدد الذي تم سحبه لا تختلف من حيث الشكل والمضمون عما تعودت الجريدة نشره منذ سنوات.. خطّنا لم يتغير وهو متمثل في قيامنا بوظيفة النقد المنوطة بأي وسيلة إعلام مستقلة أو معارضة. وأضاف: نحن لا نعلم أي سبب لهذا القرار ولا دوافعه وإنما علمنا به من خلال الباعة. من جانبه قال لطفي الحجي رئيس نقابة الصحفيين التونسيين لإسلام أون لاين.نت: لا يمكن إلا التعبير عن الإدانة لحجز صحيفتي الموقف وأخبار الجمهورية بأسلوب يتنافى مع أبسط قواعد القانون والديمقراطية. وأضاف الحجي قائلا: هذا الأسلوب الزجري يتناقض مع الخطاب الرسمي للسلطة الذي يدّعي تحرير قطاع الإعلام وغياب الإيداع القانوني للصحف كدليل على حرية قطاع الإعلام ليثبت في أول امتحان أن السلطة السياسية لا تزال تحكم قبضتها على القطاع. وقال الحجي: إن أسلوب حجز الصحف من نقاط البيع لا يساعد بأي حال تطوير الإعلام وتحسين وضعية الصحفي؛ لأنه يتسبب في خسائر مالية جمة لإدارة الصحف المعنية وخاصة صحيفة الموقف التي لا تتمتع بأي دعم مالي وتتعرض بشكل مستمر للمحاصرة. وبالإضافة إلى خبر رفع أسعار الخبز تضمن عدد صحيفة الجمهورية على تحقيق صحفي في قضية رفض وزارة النقل تسجيل سيارات جديدة تم تصنيعها في تونس بالتعاون مع إحدى الشركات العالمية. وأشار التحقيق إلى أن هذا الإجراء من جانب الوزارة يهدف إلى إفساح المجال أمام سيارات من فئة أخرى بدأ بعض ذوي النفوذ بيعها في البلاد ولم تلق إقبالا بسبب ارتفاع أسعارها. كما تضمن العدد رأيا ناريا بقلم مدير الصحيفة محمد المنصف بن مراد تحدث فيه عن الجرائم التي ترتكب بدم بارد بحق المسلمين في كل من العراق وأفغانستان وفلسطين، وانتقد الصمت الشعبي العربي والحكومي إزاء هذه الجرائم. وتضمن عدد جريدة الموقف أيضا خبرا عن زيارة روجي بيسميت عضو مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان التونسي)، وهو زعيم الطائفة اليهودية في تونس، لرئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون في المستشفى للاطمئنان على حالته الصحية. كما احتوى العدد على افتتاحية خصصها رئيس التحرير للرد على الحملة الصحفية التي استهدفت الإسلاميين في الفترة الأخيرة بسبب ما اعتبرته بعض الأوساط عودة قوية للظاهرة الإسلامية للحياة السياسية والعامة بالبلاد من جهة ورموز من حركة 18 أكتوبر الحقوقية وعلى رأسهم الأستاذ أحمد نجيب الشابي رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي والمدير المسؤول عن جريدة الموقف من جهة أخرى. وتأتي هذه الإجراءات من جانب السلطات التونسية بعد أقل من أسبوع على سحبها لشرط الإيداع القانوني للصحف قبل نشرها، وهو ما اعتبرته بعض الأوساط في حينه تطورا كبيرا على طريق حرية الصحافة. كما يأتي بعد قمة المعلومات التي عقدت في تونس في أواخر 2005 والتي كانت أهم المواضيع التي ناقشتها حرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومة. ويتعرض نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لانتقادات منتظمة من جانب المنظمات غير الحكومية والمعارضة على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان، وتقييده لأنشطة قوى المعارضة ولحرية الصحافة.