شكلا الهجرة والحجاب موضوعا دسما خلال الحملة الانتخابية الإسبانية التي انطلقت يوم الواحد والعشرين من الشهر الجاري. وكان إعلان الحزب الشعبي عن مقترحاته، التي وصفها المراقبون بالحملة العنصرية الجديدة ضد المهاجرين والحجاب،الشرارة الأولى التي غذت السجالات وردود أفعال الأوساط السياسية والحقوقية والجمعوية . ويفرضعقد الاندماج الذي اقترحه ماريانو راخوي زعيم الحزب الشعبي مجموعة من الواجبات على المهاجرين المقيمين بإسبانيا أبرزها احترام العادات والتقاليد الإسبانية الذي يلزم المهاجرين بتعلم اللغة الإسبانية، وأداء الضرائب وبذل مجهودات للاندماج في المجتمع الإسباني، والعودة إلى بلدانهم إذا لم يحصلوا على عمل خلال فترة معينة. وينصص هذا العقد أيضا على أنه في حالة مخالفة بنوده يكون المهاجر عرضة للحرمان من المساعدات الاجتماعية التي اكتسبها وربما يكون سببا في طرده من البلاد. ويعتبر هذا الاقتراح نسخة طبق الأصل للقرار الذي اتخذه نيكولاس ساركوزي سنة 2004 عندما كان وزيرا للداخلية. وقد رفضت مختلف الأحزاب السياسية في إسبانيا (الحزب الاشتراكي الحاكم ـ الحزبي القومي الباسكي ـ اليسار الجمهوري في كاتالونيا ـ حزب التقارب والوحدة ـ اليسار الموحد) مقترح زعيم الحزب الشعبي الإسباني معتبرين إياه مبادرة تمييزية أساسها عقيدة اليمين المتطرف. وقد اعتبر ممثل الحزب الاشتراكي الإسباني في البرلمان الأوروبي، خافيير مورينو، مقترحات رئيس الحزب الشعبي اليميني المتعلقة بمجال الهجرة بأنها مشابهة لتلك التي ينادي بها جون ماري لوبان زعيم اليمين المتطرف في فرنسا. من جانبها اعتبرت هيئات المجتمع المدني مقترح الحزب اليميني بأنها مجرد مناورة انتخابية. وفي نفس السياق وصفت جمعية أتيمي للعمال والمهاجرين المغاربة باسبانيا بأن الإجراءات التي أعلن عنها الحزب الشعبي لا يمكن وضعها إلا في خانة المس بالحقوق الأساسية للمهاجرين. ويسود وسط المهاجرين تخوف كبير من الإجراءات التي يمكن أن يقدم عليها الحزب الشعبي في حالة وصوله إلي الحكم، خصوصا وسط الجالية المغربية الأكثر عددا. وبخصوص الحجاب فإن الحزب الشعبي أعلن على لسان المكلف بقطاع الحريات العامة والعدل والأمن في الحزب ، إغناسيو أستارلوا، أنه في حالة فوز الحزب في الانتخابات التشريعية القادمة سيقوم بتطبيق قانون حول ارتداء الحجاب الإسلامي لمحاربة التمييز ضد النساء وحتى لا يصبح عنصرا يخل بالمساواة بين الجنسين. وبهذا الخصوص اعتبر يوسف فيرنادييث الناطق الرسمي للهيئة الإسلامية في إسبانيا، في تصريحات صحفية له حول الموضوع، بأن المرأة المسلمة حين ترتدي الحجاب تمارس حقها في التعبير عن معتقداتها وهو ما يعتبر من الحريات الدينية الأساسية المسطرة في المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان مضيفا بأن قادة الحزب الشعبي والأساقفة سيكونهم أكبر المتضررين في حالة فتح نقاش حول الرموز الدينية نظرا لتواجد عدد كبير لا يستهان به من القساوسة والراهبات المحجبات داخل الجامعات والمدرجات الإسبانية. وفي نفس السياق أبرز المرصد من أجل الحريات الدينية وهي هيئة مدنية إسبانية بأنه يجب احترام النساء اللاتي اخترن ارتداء الحجاب الإسلامي وأبدى دعمه الكامل للمساواة وحرية المرأة داخل المجتمع. كما اعتبر مبارك دموش رئيس الفيدرالية الإسلامية لمنطقة مورسية بأن هذا المقترح لا دستوري ويعد انتهاكا للحرية الدينية. من جهتها انقسمت الصحافة الإسبانية بين مؤيد ومعارض لمقترح الحزب الشعبي حول منع الحجاب. وبخصوص نفس الموضوع أفاد استطلاع للرأي أجرته جريدة الباييس في موقعها في شبكة الإنترنت، بأن ضمن حوالي 2600 شخص الذين شاركوا في التصويت 45% منهم صوتو ضد المقترح مقابل55% دافعوا عنه. وبهذا المقترح يكون الحزب الشعبي اليميني قد أدخل اسبانيا، بشكل أوبآخر، معترك النقاش حول الحجاب بعدما كانت الدولة الوحيدة التي تفادت الدخول في نقاش حول هذا الموضوع رغم بعض الحالات التي شغلت الرأي العام الاسباني سنتي 2002 و.2007 كما يعتبر مقترح الحزب الشعبي بمنع الحجاب خروجا عن تقليد سار عليه رئيس الحكومة السابق خوسي ماريا أثنار،الذي ينتمي لنفس حزب راخوي، والذي كان يحبذ النموذج الأنغلوسكسوني القائم علي احترام الحريات الفردية والمعتقدات. ومن اللافت للانتباه في الانتخابات الإسبانية الحالية العودة القوية للكنيسة الاسبانية التي أعلنت دعمها السياسي للحزب الشعبي، مما دفع المراقبين للتساؤل حول الطابع الديني الذي اكتسبه الحزب الشعبي خلال هته الانتخابات. ويبدوا أن الحملة الانتخابات أهدت للكنيسة فرصة مناسبة لتصفية حساباتها مع خصمها الحزب الإشتراكي الحاكم عبر دعم الحزب الشعبي في الإنتخابات. ومعروف أن علاقة الكنيسةالأسبانية توترت علاقتها أكثر مع الحزب الاشتراكي منذ تولي خوسي لويس رودريغيث سبتيرو، بسبب بعض قرارات الحكومة كالترخيص القانوني لزواج الشواذ، ووضع حد للتعليم الديني المسيحي في المدارس وتعويضه بمادة المواطنة وفتح مفاوضات مع منظمة إيتا وتقديم تنازلات سياسية تهم الحكم الذاتي لصالح القوميين الكاتالان والباسك. من جهتها دعت، مؤخرا، اللجنة الإسلامية الاسبانية التي يتكون أغلب أفرادها من الأسبان المعتنقين للديانة الإسلامية جميع المسلمين الأسبان وغير الأسبان الذين من حقهم التصويت علي أن يمنحوا أصواتهم إلي الأحزاب التقدمية في الانتخابات في إشارة للحزب الاشتراكي أو اليسار الموحد وهو ما أكده للصحافة مصدر من اللجنة المذكورة . ويرى الخبراء بأن دعم الكنيسة للحزب الشعبي سيمكنها من الحصول على الكثير من الامتيازات ،كتراجع الطابع العلماني للدولة الاسبانية وتقليص المساعدات للجمعيات الإسلامية، في حال عودة الحزب الشعبي في للحكم.