ندد يحيى يحيى، البرلماني المغربي ورئيس لجنة الصداقة المغربية-الإسبانية، بالزيارة التي قام بها رئيس الحزب الشعبي الإسباني لمدينة مليلية، يوم أول أمس الاثنين، من أجل كسب أصوات سكان هذه المدينة خلال الانتخابات العامة المزمع إجراؤها يوم 9 مارس المقبل. ووصف يحيى يحيى، المزداد في مدينة مليلية، في اتصال له ب«المساء»، الزيارة بأنها «استفزاز وسبة في حق المغرب»، منتقدا الموقف السلبي للجمعيات المغربية المتواجدة على التراب الإسباني، وخاصة المهتمة بموضوع الهجرة، «نستغرب عدم وجود أي رد فعل من طرف أي ممثل للمغرب»، يقول البرلماني. كما استغرب يحيى عدم اعتقاله من طرف السلطات الإسبانية لدى دخوله للمرة الثانية إلى مدينة مليلية، حيث كان قد صدر في حقه أمر بالاعتقال. وكشف البرلماني أنه تلقى تهديدات هاتفية وصفها ب«الخطيرة» من طرف جهات مجهولة، تحذره من عقد ندوة صحفية بمدينة مليلية متزامنة مع يوم زيارة رئيس الحزب الشعبي اليميني لها. من جهة أخرى، أكدت مصادر متطابقة ل«المساء»، أن ماريانو راخوي ألغى ندوة صحفية كان يعتزم عقدها، كما ألغى زيارة مبرمجة له لمقر إيواء المهاجرين غير الشرعيين للاطلاع على وضعيتهم داخل المركز، وذلك بسبب تظاهرة نظمتها نساء مسلمات ضد قرار راخوي بشأن ارتداء الحجاب، حيث اكتفى هذا الأخير بأخذ صورة له أمام باب المركز، مما أدى بالحزب الاشتراكي العمالي الحاكم إلى إصدار تصريحات قاسية بشأن هذا الموقف، «لقد كان وسيلة هروب ذكية من راخوي»، يقول النائب البرلماني الاشتراكي غريغوريو إسكوبار. وشكلت وقفة النساء المسلمات والمحجبات أو «مغربيات مليلية» حدثا في وسائل الإعلام الإسبانية، حيث نظمن وقفة احتجاجية استنكارا للمقترح الذي أطلقه رئيس الحزب الشعبي المعارض نهاية الأسبوع الماضي، وهو المقترح الذي ينص على ضرورة إجبار المهاجرين الأجانب على توقيع «عقد للاندماج» في المجتمع، حيث أثار ضجة كبيرة في إسبانيا، مما جعل حكومة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو تصفه بأنه «معاد للأجانب». وكان رئيس الحزب الشعبي اليميني المعارض، ماريانو راخوي، ومنافس ثاباتيرو في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد أكد، قبل زيارته لمدينة مليلية، أنه في حالة فوزه بالانتخابات العامة المقبلة سيرغم المهاجرين على توقيع عقد سماه «عقد الاندماج»، يتعهدون من خلاله «بالتقيد بالقوانين الإسبانية وتعلم اللغة واحترام العادات الإسبانية»، وأضاف أن «العقد» يجب أن يتضمن أيضا «تعهدا بعودة المهاجر إلى بلده إذا لم يتمكن من تجديد عقد العمل الذي يربطه بمشغله الإسباني». وأثار هذا المقترح، الذي يوصف بالعنصري، سلسلة من الانتقادات في أوساط الرأي العام الإسباني، حيث وصفه وزير الداخلية الإسباني ألفريدو بيريث روبالكابا بأنه «دخان ذو رائحة كريهة تنم عن كره للأجانب»، متسائلا: «من سيحدد العادات الحسنة من السيئة التي يجب أن يتقيد بها الأجانب؟». كما ذكر ثاباتيرو بأن مقترح راخوي «سطحي تماما وعديم الفحوى»، مضيفا أن «العقد الذي يربط المهاجرين بالمجتمع هو احترام القوانين السارية على الجميع والتي تعاقب من يخالفها». غير أن ثاباتيرو نفسه انتهز فرصة المزايدات الانتخابية، ليكشف أن «المهاجرين الذين لا يتوفرون على أوراق الإقامة سيتم طردهم»، وأن حكومته قد طردت 330 ألف مهاجر غير شرعي منذ وصولها إلى قصر لامونكلوا الرئاسي. من جهتها، انتقدت المنظمات الحقوقية وغير الحكومية تصريح راخوي واعتبرته «ينم عن عنصرية لم يعهدها المجتمع الإسباني من قبل». وبعد سلسلة من ردود الفعل «الإسبانية» القوية لمقترح رئيس الحزب الشعبي المحافظ، اضطر هذا الأخير إلى إصدار توضيح يشير إلى أن الاستثناء الوحيد في إسبانيا من هذا القانون سيكون في مدينتي سبتة ومليلية، اللتين يقطنهما أكثر من 40 في المائة من المسلمين المغاربة. وانتقد راخوي الحكومات المحلية الإسبانية لكونها، حسب قوله، «رضخت للابتزاز في ما يخص الحجاب»، ملمحا بشكل خاص إلى حكومة كاتالوين التي يوجد بها أكبر عدد من المهاجرين المقيمين في إسبانيا (أكثر من مليون مهاجر) وحكومة الأندلس. توضيح ماريانو راخوي كان عذرا أكبر من الزلة، حيث «يستثني النساء المحجبات اللائي يتوفرن على الجنسية الإسبانية»، بينما سيتم تطبيق القانون على مئات الآلاف من المهاجرات المغربيات على الخصوص، «إنه غباء سياسي»، يقول يحيى يحيى معلقا على المقترح. وحسب العديد من المراقبين، فإنه مع كل اقتراب لموعد الانتخابات الإسبانية العامة، يتم استخدام قضية الهجرة والمزايدة عليها في المهرجانات الخطابية لمختلف الأحزاب، نظرا لكون استطلاعات الرأي أصبحت تؤكد بالواضح أن ملف الهجرة والهاجس الأمني ومنافسة المهاجرين الأجانب للإسبان في سوق الشغل أصبحت ضمن الانشغالات والأولويات الرئيسية لهم خصوصا بعد تفجيرات 11 مارس 2004.