أكد مجدي أحمد حسين الأمين العام لحزب العمل المصري أن الدول الغربية ليست جادة حيال نزاع الصحراء بين المغرب والبوليساريو، بل لها أصابعها التي تعمل من أجل استمراره، وشدّد مجدي حسين الذي التقته التجديد على هامش مؤتمر الأحزاب العربية الذي نظم بالمغرب أخيرا، أن النزاع المفتعل، هو جزء من سياسة شاملة تطال أغلب البلدان العربية التي لها نزاعات حدودية فيما بينها، تعد من مخلفات الاستعمار ووسائل تحكمه. واعتبر المتحدث أن الصراع اليوم في الأمة العربية والإسلامية ليس بين علماني وإسلامي، بل بين مشروع المقاومة والحرية والاستقلال من جهة، ومشروع المولاة للمشروع الصهيوني الأمريكي من جهة ثانية، وفيما يلي نص الحوار: يقوم المبعوث الأممي فالسوم بجولة إلى المغرب والجزائر وموريتانيا في إطار قضية الصحراء، ومن أجل دفع الأطراف إلى التقدم أكثر نحوز مفاوضات أكثر جوهرية كما قيل، هل تتوقعون أن تؤدي المفاوضات الجارية إلى حل نهائي للملف؟ بسم الله الرحمن الرحيم، نحن في بلاد المشرق لسنا متابعين جيدا لتفاصيل المشكلات في المغرب العربي، لكن يمكن أن أقول لك، نحن نرفض التجزئة في الوطن العربي، ولذلك نحن مع مغربية الصحراء، وفي تقديرنا طالما هناك نظام ديمقراطي وحقوق متساوية، فلا معنى للبحث عن دولة انفصالية، وإذا كان هناك رغبة في الإصلاح الديمقراطي أو في الاستقلال عن الغرب، فلتكن هذه قضية كل المغاربة، وليس قضية الصحراويين فقط، نحن نعرف أن المغرب كان يمتد تاريخيا إلى ما بعد الصحراء. ولذلك نحن ضد إثارة قضايا الحدود، مثلا بالنسبة لمصر نحن لا نحب إثارة قضية حلايب مثلا مع السودان، ويبقى هدفنا أكبر وهو أن نتوحد مع السودان، وبالتالي هدفنا هو إلغاء الحدود والعودة إلى الحضارة الإسلامية التي لم تكن تعرف الحدود، حيث الواحد منّا لا تعرف هل ابن خلدون مغربي أم تونسي أم مصري، وهكذا فقضية الحدود قضية متخلفة، ومن بقايا الاستعمار تركها لنا لنشتغل بها عن قضايا الحقيقية، وبالتالي نحن نرجو أن تكون هناك مرونة في التفاوض بين الأطراف المتنازعة، ونرجو اندماج الصحراء رسميا في المملكة المغربية، وإذا كان هناك حكم ذاتي فهذا سيكون أفضل، لكن يجب أن ينتهي هذا الصراع الذي استمر طويلا. أنتم إذا ترون أنه ما دامت الصحراء مشكلة اصطنعها الغرب فإنه ليست ثمة رغبة حقيقية من طرف هذا الأخير لطي النزاع والدفع نحو الوصول إلى حل نهائي؟ هذا صحيح، لأن افتعال المشكل الحدودي بين المغرب والجزائر هو مقصود من قبل الغرب، يغذي به النزاع بين الأطراف، قبل عقود كانت الجزائر تدعي أنها مستقلة عن الغرب، وتقول إن المغرب محكوم بالتبعية للغرب، واليوم نحن نرى أن الجزائر هي من لها تبعية كبيرة لهذا الغرب، والمصالح الأمريكية متمركزة في الجزائر أكثر، وتسيطر على البترول هناك، فلماذا إذن هذه الجفوة بين البلدين، وملف الصحراء موضوع مقصود به تغذية هذه النزعة العدوانية بين بلدين شقيقين، مثلما أثيرت واحة اسمها الجغبوب بين مصر والسودان، أو استغلال المشكلة الكردية، ومشاكل حدودية بين قطر والسعودية، أو بين البحرين والسعودية، أو إثارة النزعات العرقية والطائفية. طبعا لا مصلحة للغرب في توحد الدول العربية، وبالتالي فهم يغذون النزاعات بشكل تآمري، وفي تقديري أن هناك أصابع للغرب في استمرار النزاع حول الصحراء، وليس له رغبة في طيه النهائي، وليس ذلك من مصلحته. لكن هذا الغرب الذي تتهمه الآن بالتآمر هو نفسه من يشرف على المفاوضات الجارية بين المغرب والبوليساريو ويتدخل في قضايا أخرى عديدة؟ هو يريد إثارة النزاع لكي يكون هو الحكم والفيصل، كما يحدث اليوم في العراق، فأمريكا هي من كانت وراء النزاع بين السنة والشيعة، وعملت لذلك أعمال سقط فيها قتلى وضحايا كثر، وهو ذاته حاولته بين العرب والأكراد، ولا مانع عندهم بعد من التوصل إلى نوع من الحلول إذا كانت تضمن استمرارية سيطرتهم، أضرب لك مثال أكثر وضوحا اليوم ويتعلق بالسودان، فهذا البلد ليس المقصود فيه إقامة دول مستقلة تماما، في الجنوب وفي دارفور، بل إضعاف السلطة المركزية وتكون دارفور دولة شبه مستقلة مثلما هو الحال مع الجنوب. إذا هذه سياسة منتهجة؟ طبعا، هم يعرفون أن الوحدة قوة، لماذا لا تكون بعض الدويلات الصغيرة جزءا من دول كبرى مثل البحرين مع السعودية، هذه سياسة مستمرة، ولذلك فالميل للتفتيت ما زال مستمر ومقصود، وهذا نلحظه في لبنان وفي تركيا وفي إيران، لا تصدق أن حزب العمال الكردستاني ليس ممولا من الغرب، وطيب رجب أردوغان رئيس الوزراء التركي، صرح بشكل مباشر أن الحزب ممول من أمريكا، وتمده بالسلاح وله محطات فضائية مثل دولة، حتى أصبحت الورقة الكردية رابحة، وليس المقصود من قبل الغرب أن يتم تأسيس دولة كردية في تركيا، ولكن بقاء الملف الكردي بيدهم حتى تكون الدولة التركية تحت الضغط. ألا ترى أن القاعدة أصبحت أحيانا مطية للغرب لمزيد من التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية؟ الغرب عموما لا يحتاج إلى ذرائع، ولكن الغرب هو المسؤول عن هذه الظاهرة، وأيضا تخلف الحكام عن إعلان الجهاد، لأن الجهاد في الإسلام تابع للحاكم، فهو قطاع عام وليس خاص بتعبير العصر، وخصخصة الجهاد حدثت بسبب تخلي الحكام عن الجهاد، ولو كانوا هؤلاء الحكام شرعيين لشرعوا الجهاد من أجل تحرير فلسطين على الأقل، وفي ظل هذا المناخ نشأت مجموعات سمّت نفسها القاعدة، وارتكبت أخطاء كثيرة جدّا، وأضرّت بالجهاد، مثلا أنا أوافق على عملية سفارة إسرائيل في موريتانيا، لكن لا أوافق على تفخيخ السيارات وقتل الناس بعشوائية، حتى لو كان أمام مجلس الوزراء في الجزائر، هذا أسلوب ضار جدا في حد ذاته بغض النظر أن يكون مطية للغرب، لأن هذا الأخير لا يحتاج إلى ذرائع، فهي متوفرة، لكن هؤلاء يسيئون للإسلام ويبعدون عن التغيير، كما لو أن الإسلام يبيح القتل، فالبيان الذي صدر عقب الهجوم على سفارة إسرائيل في موريتانيا سيء جدا، فهم يقولون إنهم سيبيدون النصارى واليهود، لماذا؟ هذا يعني أنهم لا يفرقون بين الذمي المحارب والذمي غير المحارب، نحن لا نقتل اليهود والنصارى باستثناء المحاربين. نحن مع التغيير السلمي، عليك أن تدعو ثم تدعو ثم تدعو، وأن لا تيأس، وهكذا حتى يقتنع الشعب، والشعب عندما يتحرك يسقط النظام، بالعصيان المدني أو بالخروج، والخروج ليس بالضرورة خروج مسلح، بل يمكن أن يكون خروج مدني، وهذا حدث في التاريخ الإسلامي، فسقط حكام بدون إطلاق رصاص حتى، أو استخدام سيوف في ذلك الوقت، فبمجرد أن خرجت الجماهير حدث شلل لا يستطيع الحاكم أن يدعي الشرعية كل يوم وهو يقتل ويسفك بالجماهير، فعند لحظة معينة يضطر ليسمع لأبطال الانتفاضة، وبالتالي نحن نرجو من إخواننا إذا كانوا يقرؤوننا أو يسمعوننا، أن يكفوا عن هذا الأسلوب وأن يشاركوا في العمل الدعوي بنفس طويل وبصدر رحب، مثل علي بن حاج في الجزائر، الذي يقول كلمة حق دون أن يخاف في الله لومة لائم بدون حمل سلاح، ولو أن كل الناس تكلمت بنفس القوة والجرأة، هذا يكون أصعب من حمل السلاح، وإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، هذا الحديث دقيق جدا من حيث صياغته اللغوية، وأفضل يعني أنه أصعب، قد تعذب وتسجن ولكن ليس معك سلاح، وهذا يعطيك مصداقية لدى جماهير الناس، كما كان للأنبياء مصداقية، وربنا جعلهم يتعرضون للعذاب وهو قادر على نصرهم، ولكن حتى يصدق الناس بهم، وتصبح لهم مصداقية لدى الجماهير، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين، فنحن نرى أن الجهاد المدني من أجل التغيير ليس أسهل ولا أهون ولا أيسر، بل يؤدي إلى حقن الدماء، وفي نفس الوقت هو الطريق الناجع والطريق الشرعي. كيف تقرؤون ما يقع اليوم في فلسطين في ظل الصراع بين فتح وحماس، وما آفاق المشهد اليوم؟ في فلسطين هناك وضع مختلف، نحن أمام صراع أساسا بين خط الاستسلام والتسوية من جهة، وخط المقاومة من جهة ثانية، الخط الأول تمثله مجموعة محمود عباس أبو مازن التي تقول بانتهاء المقاومة أو لا جدوى المقاومة، وعندما كان عرفات يسير في هذا الطريق أدرك أن لا بد من القيام ببعض العمليات للضغط على إسرائيل فأنشأ شهداء الأقصى فتم قتله وتصفيته، واليوم غير مسموح لمن يتفاوض مع إسرائيل أن يستمر في كفاح مسلح، وأبو مازن كان مطلوبا لأن هذه رؤيته، لكن الصراع نشأ بعد حصول حماس على أكثر من 60% من الأصوات، كان فيه قرار بإفشال هذه الحكومة بقرار أمريكي صهيوني، وبخطة أن تنتهي حكومة حماس بعد 6 أشهر بأي ثمن، لكن المشكلة بالنسبة لهم أن حكومة حماس استمرت سنتين، والحسم العسكري جاء كرد فعل على خطة مضادة من قبل لتصفية حماس، فحماس اضطرت للدفاع عن نفسها بعد القتلى الذين سقطوا من طرف جماعة دحلان، فنحن إذن لسنا أمام نزاع بين طرفين وطنيين، بل أمام طرف ارتهن لإسرائيل وأمريكا، وهم يقولون هذا، عندما يقبلون التفاوض مع إسرائيل ويرفضونه مع حماس، في أن حماس لا زالت متمسكة بخط المقاومة، ولو أنها تنازلت عن خط المقاومة أو اعترفت بإسرائيل، فإن أمريكا وإسرائيل ستقرر التفاوض معها، لذلك كان قرار تصفية حماس. اليوم حركة حماس هي الأقوى في قطاع غزة، والتركيز على غزة رغم أن المقاومة ليست بسيطة في قطاع الضفة، إلا أن غزة قاعدة مستقلة وهذه مساحة لا يتحرك فيها أي جندي يهودي، وبالتالي فيها تسليح ومناورات وبناء مجموعات مقاومة وغيرها، ومن تم هناك قرار بشطب غزة، عن طريق الحصار والتجويع وقطع الكهرباء، غزة تعيس حصار وإغلاق أسوأ من السجن. هل اقتحام الحدود على رفح بين غزة ومصر يعني أن انفجارا حدث، وأن هذا يمكن أن يتكرر في مستقبل الأيام؟ بالضبط، وهذا أدى إلى تحطيم مبدأ الحدود التي رسمتها سايكس بيكو، ولو بشكل مؤقت، لكن النظام المصري قرر إغلاق الحدود مرة أخرى وبالقوة، بل إن وزير الخارجية المصري قال في تصريح حقير جدا، إن مصر ستقطع أقدام أي فلسطيني يدخل مصر، رغم أن الإسرائيليين يدخلون مصر بدون تأشيرة من معبر طابا، لمدة أسبوعين، وهناك قرار ببناء سور ثاني عالي، كما أن هناك أمر بإطلاق الرصاص على الفلسطينيين في حالة دخلوا من جديد، فالنظام المصري تراجع، والمطلوب من الحركات الشعبية المصرية والعربية الضغط مرة أخرى من أجل فتح الحدود. هل تعتقد أن النظام العربي الرسمي ضيّع هذه الفرصة لكي يثبت بعض شعبيته ومشروعيته المتهالكة؟ هي كانت ثورة، ولو كان النظام شبه وطني في مصر كان الأمر يتطور بشكل مختلف، لأن مصر هي العمق الاستراتيجي لغزة، لكن النظام لا يتحمل المقاومة، وبالتالي وقع في حيرة، هو لا يستطيع أن يكون عمقا استراتيجيا للمقاومة، وبالتالي نحن نواجه خطوة إلى الخلف، وأي عبور مرة أخرى سيطلق عليها النار، وحتى النائب البحريني لا يزال عالقا ومغلق عليه في غزة، وغير مسموح له بالعودة منها. هل ممكن أن يتكرر ما حدث؟ طبعا ممكن، وفتح الحدود كإجراء فني سهل، وهذا ممكن أن يتكرر بعد شهر أو شهرين، والآن أصبح في علم الكافة من العرب والمسلمين أن غزة تموت جوعا، والإعلام لم يسلط الضوء كثيرا على واقع غزة، بحيث هناك تعتيم إعلامي، وبالتالي لا زالت الكرة في ملعب الشعوب العربية لعمل هبة جديدة، من أجل فك الحصار عن غزة. أما النظام العربي الرسمي مرتهن تماما بالقرار الأمريكي الصهيوني، وليس أمامنا إلا الضغط حتى يتغير، قبل شهور كان وزراء الخارجية العرب قد قرّروا رفع الحصار عن غزة، لكن لم يستطيعوا تنفيذه بسبب النفوذ الأمريكي والصهيوني. هناك اليوم فراغ رئاسي في لبنان مستمر لعدة أسابيع، هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى انزلاق نحو الحرب الأهلية؟ ليس بالضرورة، لبنان كما كنا نتحدث من قبل عن التفرقة والتجزئة، عندما فشلت أمريكا في العراق وفشلت إسرائيل في لبنان عام 2006، وجدوا أن طريق الفتن وإثارة المتاعب الداخلية هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الهدف الذي عجزت عنه الحرب، وهذا حدث مع أبو مازن في فلسطين لضرب حماس، لكن انتهت بهزيمته، وأيضا في لبنان حزب الله حتى لا يستقر، ومشكلة لبنان منع انتخاب رئيس وطني حتى لا تكون رئاسة البرلمان ورئاسة البلد في يد الجبهة الوطنية، ويكون رئاسة الوزراء مع 41 آذار الذين يمثلون الحلف الأمريكي. وهؤلاء ارتكبوا جرائم سياسية، هناك حكومة تستمر بدون الطائفة الشيعية، الوزراء استقالوا ولم يعين مكانهم، وهذا مستمر منذ سنة وكأن لا شيء يحدث، النظام اللبناني قائم على التوازن الطائفي فكيف يتم إلغاؤه هكذا، في البداية بدأت تتبلور نزعة ضد الشيعة، وكانت هناك محاولة لزرع فتنة سنية شيعية، لكن المقاومة الإسلامية وحزب الله استطاعوا بناء تحالفات مع القوى الإسلامية السنية، منهم جماعة فتحي يكن والقوى الإسلامية في طرابلس، وجزء من الدروز وحركة ميشيل عون وهو ماروني، وبالتالي أفشلوا الخطة، وشكلوا جبهة وطنية معادية لجبهة أمريكا التي تمثل في الواقع أقلية. لبنان يمكن أن يعيش بدون رئيس مدة طويلة، فهي ليست مهمة مثل مصر، حيث لا يمكن أن نعيش يوما واحدا بدون سلطة، أنا ما يهمني هو الحفاظ على المقاومة قوية، وهي حريصة على ألا تنجر إلى حرب أهلية، وهذا جيد. إنهم يديرون الصراعات بذكاء، هناك قتلى فيما بينهم، لكن لا ينجرون إلى حرب أهلية. بمعنى أن لبنان سيستمر بدون رئيس لمدة طويلة؟ رؤية إسرائيل تقول دع حزب الله يكون مشغولا بالمشاكل الداخلية، لكنهم أضعف من أن يدبرون حرب أهلية حتى النهاية، ثم إن حزب الله يدير المعركة بطريقة ذكية، هو له جناحان، جناح عسكري يشتغل باستمرار، وهناك الجناح السياسي هو من يتعامل مع هذه الأزمة، ويتعامل معها بصبر وحنكة، ما يقلقني هو أن تكون المقاومة ضعيفة، وما دام الشعب اللبناني مع المقاومة، فالأمور بخير، والذي يعطل الانتخابات في لبنان هو أمريكا، لأن لبنان يراد له أن يظل في قلاقل، وهذه سياسة فاشلة، اعترف بها الإسرائيليون الذين قالوا إن حزب الله أقوى اليوم بثلاث مرات، لكن هذا الاستنزاف السياسي الذي يهدف إلى حصار المقاومة سيفشل في النهاية. بناء على تجربة فلسطين، والصراع بين حماس وفتح، يرى أن الصراع اليوم بين تيارين سياسيين هم العلمانيون والإسلاميون، ومآلات الصراع تبقى مفتوحة على مختلف الأوجه ما رأيك في هذا؟ الذي يردد هذا الكلام يجعل العلمانية تتوازى مع الخيانة، والعلماني معناه أن تكون صديقا لأمريكا وإسرائيل، وهذا غير حاصل بإطلاق، لأن هناك علمانيين في صف المقاومة، في لبنان وفي فلسطين، مثل كتائب أبو علي مصطفى، وبالتالي هذا ظلم للعلمانيين، وأنا أرى أن الصراع اليوم في العالم العربي والإسلامي هو بين مشروع الاستقلال والحرية، ومشروع العمالة للحلف الصهيوني الأمريكي، هذا هو الانقسام الحقيقي في الأمة اليوم، طبعا هناك خلاف بين الإسلاميين والعلمانيين، ولكن نحن لا نريد أن ننجر لهذا الخلاف الفرعي، وبالتالي يجب أن نبحث عن بناء تحالف مع العلماني الوطني والقومي، وعزل العلماني العميل للحلف الصهيوني والأمريكي. إذ ليس من المصلحة العودة لثنائية الإسلام والعلمانية. فالعدو الرئيسي هو أمريكا وإسرائيل وهذا هو الخط الرئيسي، وعندما نستقل نحتكم إلى الشعب، فهو الفيصل بيننا. عرف أكثر من بلد عربي أخيرا انتخابات تشريعية، شهدت خلالها نتائج الأحزاب الإسلامية بعض التراجع، فسّره البعض بكون ذلك هو نهاية فزّاعة الأحزاب الإسلامية، كيف تقرؤون هذا؟ بالعكس، هي تختلف من بلد لآخر، في الأردن كان قانون انتخابي سيء، ولم تكن النتيجة مفاجئة، في المغرب الجمهور قاطع الانتخاب وفقد ثقته في العملية الانتخابية، لأنه غير كافي لإحداث التغيير، الشعوب تنفض عن الانتخابات وليس عن الإسلاميين، لو أن الانتخابات حرة مثل تركيا، لرأيت الشعب مقبلا على الانتخابات من أجل التغيير، في مصر التيار الإسلامي حصل على 20 في المائة من الأصوات حسب الأرقام الرسمية، في المغرب حزب العدالة والتنمية حصل على الرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات، وليس الثاني، إذن كل المؤشرات تقول إن الحركة الإسلامية في صعود ولكن في إطار انتخابات حرة، وهذا يحصل في البحرين وباكستان وفي مصر، لكن القضية أن النظام غير موثوق فيه، وأنه نظام لا يسمح بتداول السلطة، والناس تعرف أن بعض المرشحين ينجحون، ولكن يحصل لهم تزوير، والناس ملّت من هذا الأسلوب، ونحن مثلا كل مرة نقاطع الانتخابات بسبب هذا، بسبب هذه اللعبة السخيفة، كل مرة تكون انتخابات تكون النتيجة معروفة سلفا، هذا شي فيه استخفاف بعقول الناس، والجماهير تنفض عن الانتخابات لهذا السبب وليس غيره، وبالتالي فالمطلوب هو الجهاد والنضال من أجل فرض قانون البيعة في الإسلام، وهو قانون الانتخاب الحر للحاكم من قبل المحكوم بدون تزوير. إذن فالناس تنفض عن الانتخابات المزورة وليس عن الإسلاميين.