لم يكد ينتهي حدث الانفلات الأمني بفاس، حتى تفجر حادث أمني آخر بجنوب المغرب، إذ تعرضت مجموعة من الحافلات الرابطة بين مدينتي أكادير والدارالبيضاء عبر طريق مراكش لاعتداءات من لدن قطاع طرق. ووقعت هذه الاعتداءات على بعد كيلومتر من مدينة إيمينتانوت صباح السبت على الساعة الواحدة ليلا، مما أدى إلى تأخر وصول المسافرين إلى الأماكن المقصودة أربع ساعات إضافية. وقد استغلت العصابة الطريق الملتوية الوعرة لوضع أحجار وصخور وسط الطريق وعلى جنبيها، ولما خفض السائق من سرعة الحافلة لتجنب تلك الحواجز، انهال عليه وعلى المسافرين سيل من الأحجار حتى يفقد السيطرة على الحافلة وتنقلب، لتتم بعدها عملية النهب والسرقة. ولولا لطف الله وحنكة السائق،لانقلبت الحافلة ولمات كثير من المسافرين في طريق من أصعب وأخطر الطرق بالمغرب. فقد عمل السائق كل ما في وسعه للإفلات من هذا الفخ المنصوب واستطاع أن ينجو بأعجوبة، حسب شهادة بعض المسافرين. وقال المسافر محمد بوكروم إن الركاب قضوا فترة عصيبة من الرعب والخوف عندما انهالت عليهم الأحجار، بالإضافة إلى البرد الشديد القارس، الذي بدأ يدخل عليهم من النوافذ المهشمة. وأضاف أنهم عند وصولهم إلى مدينة مراكش على الساعة الثانية ليلا وجدوا أن حافلات أخرى تعرضت للاعتداء نفسه، كما شهد بذلك سائق حافلة أسفار تربط بين إنزكان وخريبكة. وقال بعض المسافرين إن حافلة شركة النقل المغربية (ستيام) تعرضت هي الأخرى للعدوان نفسه وفي المكان نفسه، وعند اتصالنا بوكالة من وكالات هذه الشركة في مراكش، لم ينف الحادث ولم يؤكده أحد المسؤولين بها، وأشار علينا بإعادة الاتصال يوم الاثنين بدعوى أن يوم الأحد يوم عطلة. وقد استنكر جميع الركاب ما تعرضوا له من اعتداء شنيع من لدن عصابات إجرامية تصول وتجول في المنطقة دون حسيب أو رقيب، وناشدوا وزير الداخلية أن يقوم بتدخل فوري في منطقة تعرف تسيبا أمنيا. وكان تجار مدينة فاس قد تعرضوا لسلسلة من الاعتداءات والسرقات بسبب الانفلات الأمني والجريمة المستفحلة مما اضطر السكان إلى تنظيم مسيرة احتجاجية انتهت بتغيير المسؤول الأمني بها، وقامت بعده السلطات الأمنية بحملة تمشيط واسعة. وقد شهدت جلسات البرلمان تدخل وزير الداخلية مصطفى الساهل، الذي أكد أن الخمر كان سببا من الأسباب الرئيسية وراء أحداث فاس. وفي الوقت الذي تشهد فيه بلادنا تصاعدا مخيفا للجريمة واقترابها من الجريمة المنظمة نتيجة عوامل متداخلة ومتراكبة، يسعى المسؤولون إلى التهدئة والنفي. فهل يستجيب وزير الداخلية لمناشدة مسافري الحافلات بالجنوب، الذين أصبح السفر بالنسبة لهم رحلة خوف ورعب، أم سيضطر أرباب النقل إلى تدبير سلامة المسافرين بطرق خاصة؟ وهل ينظر القائمون على الأمن ببلادنا إلى واقع الجريمة، الذي يهدد المواطنين في البوادي والقرى والمدن، ويقوموا بإنجاز خطة شاملة مندمجة للوقاية والعلاج، أم سيستمرون في التغاضي والتقليل من شأن الانفلات الأمني المنذر بالسيبة والفوضى؟ حسن صابر