قالت عقيلة أمير دولة قطر الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس المجلس الأعلى للأسرة إن هناك دعاوى باسم الحداثة تحاول تغيير مفهوم الأسرة من حين لآخر بشكل مغاير للأديان السماوية والقواعد الاجتماعية والضمائر الإنسانية، مشددة على أن الحداثة بريئة من أن تكون ذريعة للتحايل على القيم الدينية والاجتماعية والثقافية العريقة التي تحاول الأسرة حمايتها. جاء ذلك في افتتاح مؤتمر الدوحة العالمي للأسرة المنعقد يوم الإثنين 29 نونبر الماضي في فندق شيراتون بالعاصمة القطرية الدوحة والذي استمر إلى غاية ال30 منه، بمشاركة أكثر من 300 شخصية تمثل المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية وأكادميين وباحثين في شؤون الأسرة وعلماء دين، إضافة إلى شخصيات مسيحية ويهودية مثل الحاخام دانيال لابن رئيس منظمة نحو التقاليد في الولاياتالمتحدة الأميركية. وقالت إن مؤسسة الأسرة باتت تتعرض إلى تحديات جسيمة لابد من مواجهتها بالفكر والعمل الجادين دون إبطاء أو تسويف، كما أنها أصبحت تتحمل مسؤوليات جديدة عليها أن تنهض بها على الوجه الأمثل. وأكدت أن مفهوم الأسره ذاته يتعرض من حين إلى آخر إلى انتهاكات تحاول إعادة تعريفه بشكل مغاير لما تدعو إليه الأديان، وما استقرت عليه القواعد الاجتماعية والضمائر الانسانية. وهو أمر يجب التصدي لة، خاصةً وأن تلك الدعاوى تحاول أحياناً أن تسوغ مواقفها باسم الحداثة التي هي بريئة من أن توخذ ذريعة للتحايل على القيم الدينية والاجتماعية والثقافية العريقة التي طالما حمت الأسرة وصانتها وأضافت أن هناك تحديا آخر توجهه الأسرة متمثلا في الوظائف الجديدة إلى جانب مهمتها الأولية في التنشئة والرعاية، لعل من أبرزها واجب النهوض بمسؤوليتها كاملة تجاه التنمية والتطوير بعد أن تأكد أن الأسرة المستنيرة الواعية ليست مظلة أمان للفرد فحسب، وإنما هي غطاء أكبر بإمكانه أن يظلل الوطن بأسره. وأشارت الشيخة موزة بنت ناصر إلى أنه إذا كان من قاسم مشترك يقرب بين بني الإنسان، برغم ما نراه بين الحين والآخر من مشاهد للتباعد والصراع، فلن يكون أفضل من ذلك الإيمان الراسخ بقدسية الأسرة التي باركتها الشرائع السماوية فجعلت منها رباطاً وثيقاً بين الذكر والأنثى يستقيم والفطرة الإنسانية في إنجاب وتنشئة أجيال جديدة تسهم في بناء الحضارة والعمران. وقالت إن العالم مطالب في مستهل عشرية أسرية جديدة بأن نواصل العمل معاً من أجل التغلب على كافة الصعوبات القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدد كيان الأسرة أو تعوقها عن أداء رسالتها النبيلة، مشيرة إلى أن تطويق مشكلات الفقر والأمية وحدهما لا يكفل للأسرة الحماية من مخاطر التفكك بل يجعل منها أداة إستراتيجيه للبناء والتنمية، ومؤكدة أن قضايا ومشكلات الأسرة لا يمكن معالجتها بأساليب مجزأة أو برامج منفصلة وإنما هي في حاجة إلى سياسة شاملة تدرك ما للإسرة من وظائف واسعة تتعدى بكثير مسؤوليتها الاجتماعية الضيقة. ودعت حرم أمير قطر إلى التفكير في إمكانية إنشاء مركز للبحوث والدراسات الأسرية، يضع تصورا مفاهيميا لما يمكن تسميته علوم الأسرة للألفية الثالثة كمرجع فكري لهذه المؤسسة، واتخاذ المبادرات الهادفة للتنسيق والتكامل بين البرامج الوطنية والإقليمية والدولية في مجال الأسرة عن طريق إعداد الدراسات وإصدار البحوث وتنظيم الندوات والمؤتمرات وتقديم الدعم اللوجستي بقصد وضع الأسرة ضمن رؤية وطنية وأممية متكاملة تجعل منها قطباً تتمفصل حوله جميع الخطط التنموية كما ألقى السيد جوزي ماريا أكومبو مساعد الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة المكلف بشؤون الأسرة كلمة نيابة عن الأمين العام أكد فيها كوفي أنان أن مؤتمر الدوحة العالمي مناسبة كبيرة لكل الفاعلين والمتخصصين بشؤون الأسرة لتعزيز الأخيرة ومكانتها في المجتمع. في حين شدد جوزي ماريا في كلمته على أن الأممالمتحدة ستواصل أعمالها لدمج العائلة ودعم الأسرة في برامجها قائلا إن أي دمج للعائلة لابد أن يقابله دعم قوي للأسرة، مشيرا إلى أن فهمنا للأسرة يعتمد على بيئتنا ومفاهيمنا الخاصة. وقد حث واضعي الخطط التنموية والسياسية في جميع البلدان على استحضار احتياجات الأسرة. وفي السياق ذاته شدد الدكتور ريتشارد ويلكنز مدير المركز العالمي لسياسة الأسرة في كلمته في الافتتاح على أن مفهوم الأسرة يعني من النواحي الثقافية وغيرها أنها علاقة طبيعية بين رجل وامرأة وأن بقاءها ينبع من الاتصال الطبيعي بين الذكر والأنثى. ودعا المؤتمرين إلى الاهتمام بالإجراءات أكثر من المناقشات لحماية الأسرة، مؤكدا أن مؤتمر الدوحة سيؤكد لأفراد المجتمع المدني أن أصواتهم ستسمع بما يعزز ويرسخ الأسس والمفاهيم التي تعزز من دور الأسرة. وأوضح أنه ليس هناك من إنجاز في هذه السنوات العشر الماضية من التأكيد على التزام المجتمع المدني بالأسرة والحفاظ عليها، مشيرا إلى أنه في نهاية عام 2005 سيتم جمع كل الأعداد الشهرية لمجلة الأسرة في الألفية الثالثة في كتاب.. وركز مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي السابق، على خطورة الأفكار التي يحاول البعض طرحها بديلا لمفهوم الأسرة الطبيعية، مثل العلاقات الجنسية العابرة، وعلاقات مثليي الجنس، مؤكدا أن الدين الإسلامي ممثلا بالقرآن الكريم والسنة النبوية قدم نموذجا سويا ودائما للأسرة، مشددا على أن جميع الأفكار، التي تطرح باسم الدين الإسلامي خارج القرآن والسنة النبوي، يجب أن تكون قابلة للنقاش ومن ثم الرفض أوالقبول. وقال محمد إن الدين الإسلامي سمح للرجل أن يتزوج أربع نساء، لكن ضمن شروط معينة، ولم يترك الباب مفتوحا وفقا لشهوات الرجل ورغباته، وطالب بإصدار فتاوى شرعية تضع حدا لبعض المعتقدات الدينية الخاطئة لدى المسلمين، والتي من شأنها أن تدمر الأسرة والمجتمع. تجدر الإشارة إلى مؤتمر الدوحة الذي ينعقد تحت شعار الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة يهدف للدعوة إلى سياسة دولية موحدة للأسرة وتبني إستراتيجية موحدة بحيث يصبح مقياس النمو والتطور في المجتمعات يعتمد على الأسرة بدلاً من الفرد وبحيث تصبح الأسرة هي الوحدة الطبيعية للمجتمع وأن تراعي الدول في سياساتها وقراراتها الأسرة. وناقش المؤتمر أربعة محاور هي: المحور الأول (الأسرة في الألفية الثالثة تحديات ورهانات) ويتضم الأسرة والتنمية والأسرة والعولمة و نحو سياسة دولية لحماية الأسرة و التربية للجميع في الألفية الثالثة من الكم إلى النوع. المحور الثاني (القواعد الدينية والحقوقية لأسرة الألفية الثالثة) ويشتمل على موضوعات الزواج المستقر والتآلف الأسري: نحو تحيين الأسس الاجتماعية والأخلاقية للأسرة والآثار الإيجابية للزواج: قواعد الحق والمساواة في بناء العلاقة الأسرية و تكاملية الأمومة والأبوة: نحو بناء إستراتيجية لتحصين تكاملية الأمومة والأبوة و الأسرة الممتدة وكيفية نقل القيم: الجذور السوسيوثقافية للأسرة ضمن مكونات الحضارة. أما المحور الثالث فهو (الأسرة والتعليم) ويتحدث عن التعليم والتنمية: التعليم وإشكالية الحداثة وإشكالية تعليم الكبار: تعليم الكبار بين القراءة والثورة الرقمية و تعميم تعليم الأطفال: القانون الإنساني الدولي ومسألة تعليم الأطفال و تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة: تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة والتنمية: أية إستراتيجية؟. فيما يتطرق المحور الرابع (الأسرة وثقافية الحوار) إلى التواصل بين الأجيال: نحو تعزيز ثقافة الحوار و دور الإعلام وانعكاساته على الأسرة: الأسرة والهوية: أي إعلام؟ وسياسات الحكومات ومسؤولياتها تجاه الأسرة: الأسرة ضمن سلم الأولويات السياسية و المجتمع المدني والنهوض بالأسرة: من ديمقراطية الأسرة إلى ديمقراطية المجتمع يأتي هذا المؤتمر على خلفية ذكرى الاحتفال بالسنة الدولية الأولى للأسرة والتي تأسست عام .1994 وقد سبقته مؤتمر الدوحة العالمي للأسرة تحضيرات بعقد عدة مؤتمرات كان أولها في مارس/ آذار 2004 في مدينة مكسيكو بالمكسيك بعنوان المؤتمر العالمي الثالث لصالح الأسر عقب المؤتمرات العالمية السابقة في براغ عام 1997 وفي جنيف عام ,1999 وجاء ثانيها بعنوان الملتقى العالمي للأسرة في مدينة أستوكهولم بالسويد في الفترة ما بين 13 و15 مايو/ أيار ,2004 والثالث هو مؤتمر جنيف تحت عنوان الحوار الإقليمي الأوروبي، أما المؤتمر التحضيري الرابع فانعقد بماليزيا في الفترة بين 11و13 أكتوبر/ تشرين الأول ,2004 هذه التحضيرات لم تتعد مناقشة القضايا المتعلقة بالأسرة وإصدار إعلانات تحذر من تناقص عدد السكان والتلاعب بالمفاهيم لنسف الحصن الأخير الذي يلعب دورا كبيرا في دعم الاستقرار في الدول العربية والإسلامية. الدوحة: عبد الحكيم أحمين المشاركون في المؤتمر يحذرون من المخاطر التي تتهدد الأسرة حذر المشاركون في مؤتمر الدوحة العالمى للأسرة، الذى عقد أول أمس بفندق شيراتون بالدوحة، إلى المخاطر التي تتهدد الأسرة في وقتنا الحاضر، ونبهت إلى ضرورة الانتباه إلى ما يحاك ضدها من مآمرات من أجل تفكيكها. وكان تدخل البروفسور غاري بيكر، الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد، هاما للغاية، حيث أشار إلى أن سبب الاهتمام العالمي المتزايد، خلال السنوات الأخيرة بالأسرة، هو رغبة الكثير من أصحاب الرأي القضاء عليها، محذرا من وجود بعض الإشارات التي تدل على تمكن أصحاب هذا الرأي من فرض رؤيتهم على أرض الواقع. واعتبر غازي أن تدني عدد المواليد في العديد من دول العالم أحد المؤشرات الخطيرة على بدء تفكك الأسرة، وكذلك الأمر بالنسبة لزيادة معدلات الطلاق، التي وصلت نسبتها في الولاياتالمتحدة إلى 05 بالمئة بالنسبة للزيجات الحديثة. واتهم بعض الدول بتأميم الأسرة، عبر الهيمنة عليها، من خلال القيام بالمهام التي كانت موكلة تاريخيا لها، مما ساهم بتفكيك الأسرة، وإلغاء الحاجة لوجودها في نظر الكثيرين من أبناء المجتمعات المختلفة. وعارض بيكر أن تكون نسبة تعليم المرأة في بعض الدول تفوق بكثير نسبة التعليم لدى الرجال، الأمر الذي خلق خللا كبيرا في وظائف كل من الجنسين، كما طالب الحكومات بتوفير مقابل مالي لربات البيوت، على اعتبار أنها تقوم بوظيفة هامة للمجتمع. وأضاف أن الأرقام العالمية تؤكد أن النساء ربات البيوت يساهمن بنسبة 52 في المئة من الدخل القومي في بلدانهن، داعيا الحكومات إلى رفع يدها عن الأسر وعدم التدخل بوظائفها، ضاربا مثلا على ذلك ببيوت العجزة الحكومية، التي حلت محل وظيفة تاريخية للأسرة، وكذلك عدم تشجيع النساء على الإنجاب خارج المؤسسة الزوجية من خلال توفير الدعم المالي لهن ولأبنائهن.