اعتبر الدكتور عبد الواحد أكمير، أستاذ تاريخ إسبانيا المعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط أن الاختلاف الحاصل في موقفي الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي من منح الولاياتالمتحدةالأمريكية المغرب صفة حليف أساسي لها من خارج حلف الناتو، يرجع أساسا إلى الموقف الذي يتبناه كل حزب بخصوص المغرب. وفي هذا السياق قال الأستاذ أكمير إن رفض الحزب الشعبي لهذه الصفة التي منحتها أمريكا للمغرب مرده إلى العقلية الاستعمارية التي تحكم إيديولوجية الحزب منذ نشأته وإلى حدود الآن، فضلا عن أنه لا يرغب في أن يحصل أي تقارب بين المغرب وبين الحكومة الأمريكية، ظنا منه أن ذلك سيكون في غير صالحه، وأن من شأن ذلك أن يؤثر سلبا على مستوى علاقة إسبانيابالولاياتالمتحدةالأمريكية. وقال الدكتور أكمير في تحليله لرفض الحزب الشعبي لهذه الصفة التي منحت للمغرب، إن هذا الحزب الحديث، مرده إلى حرصه الشديد على أن تظل إسبانيا هي الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدةالأمريكية في المنطقة. وأرجع أكمير أسباب ذلك إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي كانت من وراء إخراج إسبانيا من عزلتها التي عاشتها بعد مجيء الدكتاتورية إليها سنة .1953 مضيفا في السياق ذاته أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قبلت إعادة ربط إسبانيا من جديد بالمجتمع الدولي بعد أن قبلت حكومة مدريد بوضع قواعد عسكرية أمريكية على أراضيها. ومن جانب آخر ينطلق الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني من موقف مخالف تماما لموقف الحزب الشعبي ويعتبر أن منح المغرب صفة الحليف الأساسي للولايات المتحدةالأمريكية من خارج حلف الناتو لا يمكن أن يقلق إسبانيا، وفي هذا إطار قال رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ساباتيرو أول أمس الإثنين في تصريح صحافي إن قرار الولاياتالمتحدة بمنح المغرب وضع حليف رئيسي خارج منظمة حلف شمال الاطلسي لا يثير أي قلق للحكومة الإسبانية. وفي تعليق على موقف رئيس الحكومة الإسبانية أشار الأستاذ أكمير إلى أن الأمر لا يدعو للاستغراب، على اعتبار أن الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني يعتبر المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية حليفين استراتيجيين لإسبانيا، كما أن الحزب الاشتراكي لا يفكر في علاقته بالمغرب بمنطقي الحرب والقوة والعقلية الاستعمارية كما هو الشأن عند الحزب الشعبي، بل على خلاف ذلك، فإن علاقة الحزب الاشتراكي بالمغرب قائمة على ركنين أساسين هما أولا رفض العقلية الاستعمارية والتقدير للماضي المشترك الذي يربط المغرب بإسبانيا وثانيا إيمان الحزب الاشتراكي بأن المغرب هو بوابة إسبانيا نحو العالم العربي. وخلص الأستاذ أكمير إلى أنه أمام هذه المعطيات وبالنظر إلى أن الحزب الاشتراكي، وهو في ذكراه 125 من التأسيس على غير العقلية الاستعمارية، لا يمكن أن يعارض هذه الصفة، وبالتالي فهو يعتبر ذلك مما يقوي مصالح إسبانيا الاستراتيجية بمنطقة شمال إفريقيا كلها. عبد الرحمان الخالدي