في الآونة الأخيرة، وبعد مرور أكثرمن أسبوعين، بدأت عملية التعليم تنطلق على مضض في المناطق المنكوبة رغم أن الخوف مازال يسيطر على التلاميذ المتضررين الذين يبلغ عددهم 43000 تلميذ وذلك بعد جهود متواصلة من لدن الجهات المعنية، خاصة نيابة وزارة التربية الوطنية والشباب بإقليم الحسيمة. إضافة إلى جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، التي قامت بدورها بخصوص حث الآباء على إرسال أبنائهم إلى المؤسسات التعليمية لاستئناف الدراسة. الزيارة الملكية لبعض المناطق والمؤسسات التعليمية، كان لها وقع إيجابي في نفوس أبناء المنطقة عامة والتلاميذ خاصة، بحيث رفعت من معنوياتهم وبدد ت بعضا من مشاعر الخوف الجاثمة على نفوسهم نتيجة الهزات الارتدادية المتتالية. تختلف وضعية العمل التربوي باختلاف المناطق. فالنسب متفاوتة، بحيث تصل في مجموع المناطق القروية إلى حوالي35% حسب بعض رجال التعليم فيما سجلت في المناطق الحضرية 60% في مجموع المناطق المتضررة. وفي غير المتضررة تصل إلى90% حسب نائب وزارة التربية الوطنية والشباب كآخر إحصاء. تعثر رغم المواظبة أول ما يلقى الزائر لإقليم الحسيمة على يسار الطريق الرابطة بين الناظوروالحسيمة: مدرسة تازوراخت التابعة لجماعة النكور المتضررة من الزلزال. الوضعية التربوية فيها متعثرة بشكل واضح، بحيث وصل عدد الحضور فيها ما يقارب خمسين تلميذا من أصل 219 بنسبة 8,22%، ولم يبق منهم بعد الإستراحة إلا 16 تلميذا، حيث جمعوا في حجرة واحدة مشكلين جميع المستويات الدراسية (من السنة الأولى إلى السنة السادسة). وأوضح شعيب المرابطي، مدير مدرسة تازوراخت، في تصريح لالتجديد، أن الوضع العام للمؤسسة متعثر رغم مواظبة المعلمين، وهذا راجع، حسب مدير المدرسة، إلى الخوف الشديد لبعض الأمهات على أبنائهن، الشيء الذي جعلهن يمنعنهم من المجيء إلى المدرسة خوفا من وقوع هزات ارتدادية قد تودي بحياة فلذات أكبادهن. وعن الإجراءات المتخذة في هذا الشأن، يقول شعيب المرابطي: تم استدعاء رئيس جمعية الآباء من قبل رئيس المؤسسة لمطالبته بالمساهمة في العمل على إرجاع المتعلمين. أما فرعية تيزي مادة، فالدراسة قد استأنفت فيها بصفة عادية بعد زيارتها من لدن جلالة الملك محمد السادس، كما أن أغلب المؤسسات في المناطق القروية الأخرى خاصة النائية منها، لم تصب بأذى نظرا لطبيعة بنائها المفكك أولا، وثانيا لكونها ذات مستوى واحد بدون طوابق كما صرح بذلك نائب وزارة التربية الوطنية والشباب، ورغم كل ذلك فإن الدراسة متوقفة منذ وقوع الزلزال /الكارثة،، ففي جماعة إمرابطن التي تبعد عن الحسيمة ب 35 كيلومترا، توقفت الدراسة بسبب انهيار سقوف بعض المؤسسات التعليمية، كمدرسة ثماسينت1 وثماسينت ,2 ومجموعة مدارس إمرابطن ومجموعة مدارس لوطا ومجموعة مدارس إعكين وإعدادية إمرابطن وكذلك الشأن بالنسبة لجماعة شقران التي تقع على بعد خمسين كيلومترا غرب الحسيمة، حيث تعرضت مؤسساتها التعليمية للأضرار، ويتعلق الأمر بمدرسة سمّار الأعلى ومدرسة شقران ومدرسة بومدهار مدارس بين مهمة التعليم وإيواء المنكوبين في منطقة أجدير وبإعدادية أيت يوسف وعلى يرتقب أن تصل نسبة حضور التلاميذ إلى 90% وتتكون المؤسسة من 10بنايات، وأصيبت ببعض الشقوق، يحدثنا ببوعلى كريم، أستاذ التربية البدنية عن واقع الدراسة قائلا: أوجه نداء من خلال هذا المنبر الإعلامي إلى كافة الأساتذة على المستوى الإقليمي للقيام بشيء من التضحية الذي يستدعيه الوضع الراهن. وعرفت المنطقة أيضا تحركات على أشدها من قبل أطر النيابة ورجال التعليم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إذ تم إخلاء بعض المؤسسات التعليمية من الخيام التي نصبت في ساحاتها فيما ينتظر إخلاء الآخرى. وعن ممارسة التلاميذ للرياضة، قال أحد الأساتذة في تصريح لالتجديد: بدأ المسؤولون في إخلاء ثانوية البادسي وخلقوا بذلك مشكلا آخر، حيث تم نقل المنكوبين إلى ساحة رياضية تابعة للمؤسسة وبما أن عدد الخيام يفوق 90 خيمة، فإن ممارسة الرياضة أضحت مستحيلة رغم كونها من الأنشطة الموازية للمواد الأخرى. وأما عن رد فعل السكان إزاء هذا القرار (قرار الإخلاء)، يضيف الأستاذ: هذا القرار لقي معارضة شديدة من لدن المتضررين نزلاء الخيام، إلا أنهم أجبروا على الرحيل...وقال مدير ثانوية أبي عبد الرحمن البادسي، من جهته: >منذ بداية الزلزال والمؤسسة تأوي هؤلاء المنكوبين، وبقاؤهم هنا طويلا يعرقل سير المؤسسة التي تحتضن ما يربو عن 2000 تلميذ، ولما لم نجد فضاء لائقا للعملية التربوية اتصلنا بالسلطة المحلية على أساس إخلاء المؤسسة بالكامل وبشكل عادي، وفي الأسابيع الماضية كانت هناك أقسام تدرس المواد الأساسية كالرياضيات والعلوم.... وفيما إذا كان ملء الفضاء الرياضي يشكل مشكلا، أضاف المدير قائلا: الانتقال إلى الفضاء الرياضي مشكل، ولكن لا بد من الأولويات، فبإمكاننا الاستغناء عن الرياضة لفترة، ريثما يتم الحل النهائي، فهدفنا نحن هو إنقاذ السنة الدراسية من البياض. بين الزلزال والفيضان عند مدخل مدينة إمزورن، وبالضبط في تجزئة الثانوي، حيث ملجأ المنكوبين، يقف السيد مرتيح محمد، البالغ من العمر 54 سنة أمام خيمته، ينتظر شيئا مجهولا قد يأتي أولا يأتي.. يشعر باليأس ويظن يقينا أنه في عالم النسيان، يقول الرجل: لا نجد طعما للحياة، نحن في حالة لا نحسد عليها فبقاؤنا هنا عرضة للبرد والشتاء، وحتى الفيضانات، فكيف نفكر في الدراسة، نحن لا نفكر إلا في وضعنا المتردي. امحمد بالحاج، كاتب عمومي كان يراقب عن كثب حدث الفيضان الذى أصاب تجزئة الثانوية مكان مخيم المنكوبين قبل 10 أيام، فيروي قائلا: جاء الفيضان بشكل مفاجئ رأيت بعض الخيام كأنها وضعت على بركة مائية سارعت إلى إبلاغ القوات المساعدة، التي كانت قريبة منا فلم يفلحوا بوسائلهم البسيطة لصد قوة المياه المتسربة من أماكن مختلفة ..أسر في ذلك اليوم بين مطرقة الأمطار وسندان الفيضان.. ويضيف: هل يفكرالذي يعيش هذا الوضع الخطير أن يرسل أبناءه إلى المدرسة التي هي عبارة عن بنايات مفككة لا تستطيع مقاومة الهزات المتتالية<، كما يشتكي بعض رجال التعليم الذين مازالت تأويهم خيمة مصنوعة من البلاستيك لحد الآن. إرجاع المياة إلى مجاريها وعن وضعية الدراسة والإجراءات المتخذة من لدن الجهات المعنية لتدارك وضع التعليم بالإقليم، يقول نائب وزارة التربية الوطنية والشباب: تتفاوت وضعية الدراسة في نسب الحضور، غير أنها الآن في تحسن بعدما عملنا على وضع خيام للأقسام وخيام للداخليات، وأكد النائب أن الطمأنينة أصبحت تعود للتلاميذ والمدرسين بعدما أنجز فريق متخصص خبرة تقنية على المؤسسات التعليمية، وأن ما تبث من المؤسسات أن بها مخاطر أعطيت أوامر لعدم ولوجها. وفي ما يخص الجانب التربوي، فتم الآن عمليا تسجيل نسبة وصلت إلى 60 بالمائة، وهي نسبة مرضية بالنظر للوضعية الصعبة للمنطقة المنكوبة. وأكد نائب وزارة التربية الوطنية والشباب أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن رصدت إمكانيات مهمة، وكذلك برنامج التغذية العالمية، الذي رصد ميزانية لشراء المواد الغذائية، كما وضعت مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية ولرجال التعليم 360 ألف درهم رهن إشارة مؤسسة الأعمال الاجتماعية لرجال التعليم بالحسيمة من أجل شراء الخيام لرجال ونساء التعليم. محمد الدرقاوي/ الحسيمة