سلمت وزارة الثقافة الأسبوع المقبل جوائز جائزة الحسن الثاني للمخطوطات برسم سنة 2015؛ وذلك في حفل احتضنته المكتبة الوطنية بالرباط. وفازت رملة المختار من مدينة الداخلة بالجائزة التقديرية الكبرى والتي تبلغ قيمتها 30 ألف درهم، بينما توج 9 فائزين بالجوائز التشجيعية الثلاثة. وأعلن حسن الوزاني مدير مديرية الكتاب بالوزارة؛ عن رفع قيمة الجائزة ابتداء من السنة الثانية إلى مبلغ مليون درهم وذلك من أصل 400 درهم، ذلك بالتعاون مع المكتبة الوطنية ومؤسسة أرشيف المغرب. هذا وتنقسم جائزة الحسن الثاني للمخطوطات إلى ثلاث جوائز تشجيعية تمنح في 16 مركزا. وتمنح الجائزة التقديرية الكبرى وقيمتها 30 ألف درهم لأحسن المخطوطات الفائزة بالجائزة التشجيعية الأولى. وتضمنت قائمة المخطوطات الفائزة عناوين مثل "شرح ديوان الحماسة لأبي علي المرزوقي"، ومخطوط "الحلل الموشية في ذكر الاخبار المراكشية لابن سماك الغرناطي"، و كذا مخطوط "كتاب الحسن في سرد الكلم والآي مما يذكر في هذا النظم من فرائض الأتاي" لمحمد بن العربي بن عبد القادر المشرفي وشرح فيه أرجوزة الاتاي للحبيب الغريسي. كما تتضمن المخطوطات التي تم عرضها ضمن اللحفل في رواق المكتبة ترجمة لقصيدة البردة باللغة الامازيغية؛ نسخها ودمجها بالنص العربي محمد بن عبد الله القصوبي السوسي، وكتبت سنة 1273 ه. أما فيما يتعلق بالوثائق فقد اختارت الجائزة عددا من الوثائق التاريخية المهمة من قبيل "ظهير لمولاي اسماعيل كتب سنة 1128ه، وكذا ظهير لمولاي الحسن يتعلق بتجديد التوقير والاحترام لحفدة الولي سيدي عبد الله الخولاني بفاس كتب سنة 1292ه، بالاضافة إلى وثيقة عن البحث في مواريث المنقطعين من حنطة الفحامين بفاس واستخراجها على الوجه الشرعي وهي صادرة عن السلطان عبد الحفيظ سنة 1326ه. الهدف جمع تراث المغرب اعتبر وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي أن الغاية الأساس التي سعت جائزة الحسن الثاني للمخطوطات إلى بلوغها هي تمكين المغرب من تجميع تراثه المخطوط. وحفظه وتصويره ورقمنته وإيداع نسخ منه بالمكتبة الوطنية للمملكة ومؤسسة أرشيف المغرب. واضاف الصبيحي خلال الحفل الذي احتضنته المكتبة الوطنية؛ إن الرصيد الذي راكمته الدورات 36 الماضية لهذه الجائزة ليؤكد التفاعل المشكور والتعاون المثمر للأسر والأفراد مالكي هذا التراث المخطوط مع الاهداف المعرفية الوطنية التي كانت وراء إطلاق هذه الجائزة. ونوه الوزير بالترشيحات التي توصلت بها الجائزة هذه السنة؛ حيث بلغ عدد المخطوطات 189 مجلدا، تضم عددا من المجاميع مما رفع العناوين إلى 400 عنوان، بالاضافة إلى 234 وثيقة، وهي بذلك تحقق بالمقارنة مع الدورة السالفة زيادة تتعدى نسبتها 50% وبلغ عدد المراكز الجهوية التي أسهمت بترشيح المخطوطات المقدمة لنيل جائزة هذه السنة عشرة مراكز هي فاس وتطوان والدار البيضاء ومراكش واكادير والجديدة والرباط وبني ملال و ووجدة والداخلة. إصدارات جديدة عن المخطوط من جهة أخرى أعدت وزارة الثقافة بهذه المناسبة؛ دليلا خاصا بالجائزة والتي قال الوزير إنها سعت من خلاله إلى توثيق جميع البيانات المتعلقة بالمخطوطات والوثائق المرشحة لنيل الجائزة. حيث جرى إنجازه وفق بطاقة تقنية موحدة اعتنت بتدوين عناوين المخطوطات والوثائق وأسماء مؤلفيها وتواريخ وفياتهم، مع ذكر فاتحة الكتب المخطوطة والوثائق وخواتمها، وتاريخ النسخ، ونوع الخط وعدد الاوراق، وتحديد القياس والمسطرة، والاشارة الى التملكات وغيرها من البيانات الوصفية المهمة. وتتوخى الوزارة من الدليل الاسهام في الكشف عن شطر مهم من التراث المغربي المخطوط، قال الوزير إنه لم يكن ليتعرف عنه الباحثون لولا وجود جائزة الحسن الثاني للمخطوطات. وعرفت الدورة أيضا إخراج إصدار عن "الكتاب العربي المخطوط"، والذي يؤكد عراقة المغرب في العناية بالتأليف والكتابة في مختلف المجالات المعرفية حتى أنه اضحت للمغاربة منذ عهد الموحدين تقاليد خاصة في التعامل مع الكتاب باعتباره الوعاء الامثل لنقل العلوم والمعارف بين أجيال الأمة، يضيف الكتاب، إذ اشتدت العناية بالكتاب وظهرت معالم صناعة الورق والتسفير وانتقاء المخطوط واستعمال الاحبار والالوان والجداول. وهو الامر الذي جعل الكتاب المخطوط في المغرب يتميز بأساليب دقيقة في إبراز مضمونه وصيانته من التبديل والتحريف وحفظه من الاندثار والتلاشي. نماذج من المخطوطات كمثال على قيمة المخطوط يتضمن الكتاب دراسة عن أحوال المرأة في البادية الأندلسية من خلال فتوى لابن منظور هي عبارة عن نسخة مخطوطة، بمكتبة دير الاسكوريال بإسبانيا قمات الباحثة المغربية حياة قاري بتحقيقها. وتاتي اهمية المخطوط في كونه يعرف بفتوى تعتبر من أحد المصادر الفقهية الهامة في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري حيث ندر التأليف في هذا الفرع من فروع الفقه المالكي حسب الباحثة. ويرى الباحث في الخزانة الحسنية بالرباط محمد سعيد حنشي، أن علم المخطوط أو ما يعرف بالكوديكولوجيا من العلوم الفتية التي تستحق أكثر من غيرها مزيدا من الاهتمام في عالمنا العربي. ويرى الباحث الذي شارك في الكتاب الصادر عن الوزارة؛ ان أغلب الباحثين والدراسين في هذا المجال رغم قلتهم، يكتفون بالوفاء النظري لهذا العلم، والاشادة العاطفية به من خلال بحوث ودراسات تفتقر الى العمق على هامش دورات او ندوات، في حين حتاج لكي يستوي على سوقه تأصيل مصطلحه وتقويم منهج عمله وتعميق بحوثه وتنويعها لتشمل دراسة كل المكوناتاللمادية للكتاب المخطوط كالورق وانواعه والتسفير وأشكاله والزخرفة ومدارسها والكراسات وطرقترتيبها واشكال ترقيمها، والامدّة والاحبار ومعرفة مكوناتها وكيفية إعدادها. ويعتبر الباحث ان هذه العناصر هي مادة هذا العلم التي لا غنى للمفهرسين والمحققين والدراسين عنها، لأنها مرجع أساس في دراسة الكتاب المخطوط والتأريخ له وهي كفيلة بتوفير المادة العلمية اللازمة لإنجاز مشاريع علمية كبرى. من قبيل كتابة تاريخ مفصل للكتاب العربي، وتاريخ عام لخزائن الكتب المعروفة منها والمنسية، ومعجم عام للنساخ، وموسوعة شاملة لمالكي الكتب وتوقيعاتهم واشكال اختامهم، ومعجم دقيق ومفصل لمصطلحات الكتاب العربي المخطوط.