عمدة مدينة مونبليي الفرنسية يشيد بعلاقات الصداقة العريقة التي تجمع المغرب ببلاده    أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس يعزي في وفاة البابا فرانسوا الأول    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    أخبار الساحة    من تداعيات شد الحبل بينها وبين الوزارة الوصية .. جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بكل فئاتها بسبب العوز المالي    العثور على أطراف بشرية داخل مراحيض مسجد يهز مدينة ابن احمد    انهيار صخري يعرقل حركة المرور بالطريق الساحلي بين الحسيمة وتطوان    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    بنيامين حداد يدعو إلى تعزيز تبادل الخبرات في المجال الفلاحي    الدولار يتراجع لأدنى مستوى في سنوات مقابل اليورو والفرنك السويسري    الكرملين: بوتين لا يخطط لحضور جنازة البابا فرنسيس    وزير الفلاحة يعلن عن برنامج للري الصيفي بعد تحسن الوضع المائي    ميداوي: تخصيص مليار درهم لدعم البحث العلمي.. نصفها ممول من مكتب الفوسفاط    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل لدولة قطر    رئيس هيئة النزاهة: الفساد نتاج تنشئة اجتماعية .. ومراجعة مدة التقادم "أولوية"    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    صندوق النقد الدولي يتوقع بالنسبة للمغرب نموا بنسبة 3.9 بالمائة خلال 2025    من السماء إلى العالم .. المغرب يحلق بأحلامه نحو 2030 بمطار ثوري في قلب الدار البيضاء    ازدحام مطار طنجة يدفع برلمانية لمساءلة وزارة الداخلية واقتراح حلول لتجويد مراقبة الجوازات    قادمة من إسبانيا.. طائرة سياحية تتعرض لحادث عرضي بطنجة    طنجة القطب الاقتصادي الثاني بلا جامعة مستقلة.. مطالب برلمانية تدق ناقوس الخطر    مندوبية التخطيط: معدل التضخم يسجل تراجعا خلال شهر مارس الماضي    فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس ضيفا في المؤتمر 9 لحزب العدالة والتنمية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مبابي يستعد للعودة الى الملاعب لمواجهة برشلونة في نهائي كأس الملك    انطلاق أول نسخة لكأس أفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات اليوم الثلاثاء بالرباط    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    لقجع: لاعبو المنتخب لأقل من 20 سنة هم "مشروع " فريق الكبار في كأس العالم 2030    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    بوريطة: النسخة الرابعة للدورة التكوينية لملاحظي الانتخابات الأفارقة ستحقق قيمة مضافة للقارة    بنعلي: المغرب يطلق قريبا مناقصة لمحطة غاز مسال في الناظور لتعزيز أمنه الطاقي    الفاتيكان ينشر أول صور لجثمان البابا فرنسيس داخل نعشه    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    لجنة تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مؤقتا تُكرّم نساء ورجال الصحافة والإعلام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    فيلم "زاز": حين يفرض السيناريو أبطاله قبل ملصق التسويق !!!    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين مناهضة الخطة ودعم مدونة الأسرة..ما الذي تغير؟
نشر في التجديد يوم 03 - 01 - 2004

منذ الإعلان عن دعم مشروع مدونة الأسرة من لدن حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة التنمية، حصل تشويش إعلامي كثيف على هذا الموقف، هدف إلى تقديمه على أنه تعبير عن تناقض في تعاطي الحركة مع موضوع المدونة وقضية المرأة، و تشديد الهجوم واللمز في هذا الموقف باعتباره يجسد سلوكا انتهازيا في موقف الحركة، وفي أحسن الحالات محاولة تفسيره بمرحلة ما بعد 16ماي، ومن أجل ذلك فقد لجأ البعض إلى الحفر في أدبيات الحركة وإصداراتها من أجل التدليل على هذا التشويش، عبر الانتقاء المشوه لمواقف وتصريحات ومقالات تعارض المواقف الحالية للحركة، والمثير في الأمر أن كل من حالة الاستغراب لدعم الحركة لمدونة الأسرة وكذا مسعى التأويل المتعسف لمواقف الحركة من المدونة، واكبته حملة ثانية لكن بشكل غير مباشر ضد المدونة نفسها، مما دل على ارتباك حاد وتناقض عند أصحاب هذه الحملة.
من عليه أن يفسر؟
والحاصل أن الجهات التي وقفت اليوم مستغربة من مواقف الحركة هي المطالبة بتبرير موقفها الداعم لمدونة الأسرة، بعد أن أضاعت بتعنتها أربع سنوات في الدفاع عن مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ومحاولة فرضه على المجتمع المغربي، كما سجلت موقف المشوش على سير أعمال اللجنة الملكية التي أعدت مشروع مدونة الأسرة في حين اتسم موقف الحركة بالتعاطي الإيجابي مع اللجنة منذ تشكلها، وهو ما يعني أن موقف الدعم لنتائجها ليس بنشاز بالمقارنة مع من كان طيلة أعمالها يعمل على إرباكها.
وفي الوقت نفسه نجد أن مدونة الأسرة شكل تجاوزا نوعيا لمشروع الخطة وذلك في مستويات متعددة، بدءا من المرجعية الحاكمة عند الخلاف والفلسفة المؤطرة لموضوع النهوض بالمرأة، وانتهاءا بالمضامين التفصيلية للمدونة، وهو تجاوز استوعب بعض العناصر الإيجابية التي وردت في مشروع الخطة، لكن في الوقت نفسه عمل على استيعاب تلك العناصر وغيرها ضمن منظومة جديدة مغايرة لمنظومة الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وهو ما سنتطرق إليه لاحقا، والمثال الدال هنا التحركات الأخيرة لمجموعة ربيع المساواة، والتي تكشف مواقفها من مضامين المدونة حصول نوع من التورط في الموقف الإيجابي السابق منها ومحاولة للتخلص منه وإيجاد المبررات لتغيير الموقف منها، كما نلحظ ذلك في بعض المقالات الأخيرة بيومية الأحداث المغربية والتي رجعت للقيام بالمقارنات التفصيلية بين الخطة والمدونة.
ما الذي تغير؟ منهجية جديدة
يمكن القول إن الفروق بين المدونة والخطة لم تكن مجرد فروق شكلية أو ترجيحية بين خيارات معينة، بل كانت فروقا عميقة، نجمت عن الاختلاف الجذري في المرجعية والفلسفة المعتمدة في معالجة قضايا المرأة، وكشفت عن إمكانيات في التفاعل مع مستجدات ومتغيرات الوضع الاجتماعي في انسجام مع مقتضيات الهوية الإسلامية للبلاد، وتتجلى هذه الفروق في عدد من العناصر أهمها:
أ- تمثل الاختلاف الجوهري الأول بين كل من الخطة والمدونة في لجوء الأولى إلى جعل المرجعية الدولية هي المنطلق والسعي لإيجاد ما يتوافق معها في المرجعية الإسلامية في القضايا المرتبطة بالشق القانوني الخاص بمدونة الأحوال الشخصية( ص 127 من مشروع الخطة- الفقرة 51 منها)، بل نجد أن مقدمة مشروع الخطة لم تحل إطلاقا على المرجعية الإسلامية في مقابل التطرق التفصيلي للمرجعية الدولية ممثلة في ما صدر عن مناظرات نيروبي(1985) وفيينا(1993) والقاهرة(1994) وكوبنهاجن(1994) وبكين(1995) وكذا اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء، كما تبين من مضامين مشروع الخطة أن المرجعية الإسلامية ليست هي الأصل بل المرجعية الدولية هي الحكم عند الاختلاف بينهما، وهو ما كشفته مضامين التقرير الذي رفعته كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة إلى الأمم المتحدة حول جهود المغرب في تنفيذ توصيات مؤتمر بكين حول المرأة وذلك بمناسبة التحضير للدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو ,2000 ففي هذا التقرير تم التعبير صراحة على أن مرجعية الخطة هي توصيات مؤتمر بكين وغيرها من التوصيات الدولية، دون أدنى
إشارة أو تطرق للمرجعية الإسلامية، بل نجد أن التقرير اعتبر من العقبات القائمة أمام تنفيذ تلك التوصيات التحفظات التي سبق للمغرب أن أدرجها على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة، ولقد شكلت هذه النقطة محور خلاف حاد طيلة التدافع الذي جرى حول الخطة منذ ربيع ,1999 خاصة من انكشاف وجود تمويل من البنك الدولي لإعدادها، ولا يجد المرء عنتا كبيرا في ملاحظة الاختلاف الجوهري بين المدونة الحالية ومشروع الخطة في هذا المجال، حيث أن الخطاب الملكي ل10 أكتوبر كان صريحا من أنه لا يمكن أن يحل ما حرم الله أو يحرم ما أحله، وهو تصريح واضح ويمثل مرجعا لا يقتصر على قضية المدونة أو المرأة بل يطال مختلف الإنتاج التشريعي للبلاد، كما أن المدونة نصت في المادة 400 منها على أن كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه للمذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعي فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف.
ب- وتمثل الاختلاف الجوهري الثاني في المقاربة التي اعتمدتها كل من الخطة والمدونة، حيث أن الأولى أعلنت صراحة عن اعتماد المقاربة حسب النوع في بلورة الإجراءات الواردة في الخطة، وذلك بعد أن اعتبرت أن السياسات العمومية في مجال إدماج النساء متجاهلة للمقاربة حسب النوع (ص 14 من مشروع الخطة)، كما اعتبرت اعتمادها ضمن الشروط الأساسية لتنفيذ الخطة (ص 24 الفقرة 61)، كما تجدد طرح هذا الأمر بمناسبة مناقشة المخطط الخماسي في يوليوز ,2000 حيث وردت في ثلاث محطات ضمن مشروع المخطط الخماسي( ص25 الجزء الأول، ص 183 الجزء الأول، ص 163 الجزء الثاني) وذلك عبر الإحالة على مشروع الخطة، وأهمها إقرار إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في تهيئ وتنفيذ المشاريع والبرامج الوطنية والجهوية، وانبنى الموقف المناهض للمقاربة على الدلالات الفلسفية والإباحية الكامنة خلف هذه المقاربة المستنسخة من النموذج الحضاري الغربي، والقائمة على فلسفة المساواة المثلية والمطلقة، واعتبار الفروق في الوظائف الاجتماعية للرجل والمرأة هي مجرد فروق نمطية فرضتها القيم الثقافية والاجتماعية السائدة، يمكن تغييرها وتجاوزها، وقد كان من نتائج هذه المقاربة
المعدلات العالية للتفكك الأسري في الغرب، وبروز أشكال مناقضة للفطرة كالأسرة المثلية المشرعة لزواج الشواذ، وفي مواجهة هذه المقاربة كانت مناهضة مشروع الخطة تدعو لاعتماد المقاربة حسب الأسرة كمقاربة بديلة تنطلق من اعتبار الدور الحيوي للأسرة في البناء والاستقرار الاجتماعي، وهو ما يفسر الإقدام على تأسيس الهيأة الوطنية لحماية الأسرة المغربية والتأكيد على هذا المعطى في مختلف مبادرات مناهضة الخطة واعتباره المدخل الأساس لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية( يمكن العودة إلى نص مذكرة التعديلات التي رفعتها حركة التوحيد والإصلاح للجنة)، بل إن المواقف التي صدرت ضد مشروع الخطة كانت تركز على أن الأساس الفلسفي لها هو سبب مركزي في معارضتها رغم الإيجابيات الواردة فيها والتي فقدت أهميتها باندراجها ضمن فلسفة مهددة للكيان الأسري، أما مشروع المدونة فقد جاء على النقيض من كل ذلك، بدءا من الاسم الجديد للمدونة (مدونة الأسرة) بعد أن كانت في السابق مجرد استنساخ للمسميات الغربية التي تحيل على البعد الشخصي والفردي رغم أنها تدبر الشأن الأسري، كما أن عددا من الاجتهادات والتعديلات التي جاءت فيها ارتكزت على منطق تقوية الأسرة
وصيانتها وضمان فعالية دورها في المجتمع.
جس- وعلى مستوى ثالث فقد ركزت مناهضة الخطة على النفس الإقصائي الذي حكم عملية إعدادها والادعاء بأن ذلك تم بمشاركة جميع الفعاليات الوطنية، في حين عبرت هيئات عديدة على إقصائها من عملية إعداد المشروع ولم يقتصر الأمر على الهيئات ذات العلاقة بالحركة الإسلامية بل طال هيئات متعددة أبرزها منظمة المرأة الاستقلالية والتي كشفت أن المشروع لم يأخذ بكل من التوجهات التي تم التعبير عنها أثناء إعداد الخطة، بما لا يتفق مع المسار الديموقراطي، وفي المقابل تم التفاعل الإيجابي مع موقف الوزير الأول في تصريحه أمام مجلس النواب في يناير 2000 عندما أعلن عن تكوين لجنة للحوار حول القضايا المرتبطة بمدونة الأحوال الشخصية في مشروع الخطة، وذلك في رد فريق العدالة والتنمية على هذا التصريح آنذاك مع الدعوة إلى أن يشمل الحوار مشروع الخطة بأكمله، وهو مسار لم يكتمل بفعل فشل الحكومة في تدبير عمل اللجنة رغم تحديد أعضائها، ولم يقع الاستدراك إلا بعد التدخل الملكي وتكوين لجنة جديدة في أبريل ,2001 واعتمدت فيها منهجية الانفتاح على كافة الجهات والأطراف والاستماع لرؤاها واقتراحاتها، فضلا عن كونها ضمت بين أعضائها خبرات وكفاءات متعددة
الاختصاصات، مما شكل قطيعة مع تجربة إعداد مشروع الخطة، وكان من الممكن إن تم اعتماد هذه المقاربة أن يقع تجاوز حالة الاحتقان والتوتر التي عرفها ذلك المشروع.
مضامين مغايرة للخطة
أما على صعيد المضامين، فإننا نجد نفس التعاطي هو الذي ساد في التعامل مع النقط الخلافية، وخاصة الخمس المشهورة والمتمثلة في كل من الولاية في الزواج، ورفع سن الزواج، والطلاق، وتعدد الزوجات واقتسام الثروة المكتسبة أثناء الزواج، وذلك من أصل 15 إجراء اقترحها مشروع الخطة، إلى جانب إجراءات أخرى همت كل من قانون الجنسية وكناش الحالة المدنية والقانون الجنائي والمسطرتين المدنية والجنائية، والملاحظ هنا أن مدونة الأسرة رفضت عددا من الاقتراحات التي طرحت في الخطة، أو عمدت إلى استيعاب اقتراحات أخرى في إطار المرجعية الإسلامية ونقف هنا عند النقاط الخلافية الخمس:
- دعوة مشروع الخطة إلى حذف التطليق وإقرار الطلاق القضائي كوسيلة وحيدة لفسخ عقد الزواج ( ص 128 من الخطة)، في المقابل نصت المدونة على عكس ذلك وإبقاء الطلاق حقا لكل من الزوج والزوجة بحسب الشروط المقررة لذلك (المادة 78 من المدونة)، كما تم إقرار إجراءات تهم حماية الزوجة من تعسف الزوج في ممارسة حق الطلاق في المدونة الجديدة.
- دعوة مشروع الخطة إلى حذف تعدد الزوجات لا تقييده وإخضاع الحالات الاستثنائية لقبول الزوجة الأولى ولتقييم القاضي (ص 129 من الخطة)، في حين ذهبت مدونة الأسرة إلى اختيار منهج التقييد لا الحذف ( المادة 40 من المدونة).
- ذهب مشروع الخطة إلى تقديم الولاية في الزواج على أنها وصاية تستمد جذورها من التقسيم الجنسي للمجال الذي عرفه المجتمع المغربي التقليدي، لذا فالطابع الإلزامي للولاية لم يعد له مبرره( ص 128)، ولهذا تم اقتراح أن يكون اللجوء للولي ثانويا، وأن يسمح للفتاة الرشيدة من أن تعقد زواجها دون وساطة الولي إذا رغبت في ذلك( نفس الصفحة)، وقد جاءت المدونة في مادتيها 24 و25 لتؤكد على الخلفية الإسلامية لمبدأ الولاية والتي تناقض منطق الوصاية كلية، حيث تؤسسها على مبدأ المناصرة والتضامن، فالولاية حق وهو الموقف الذي كان في المدونة القديمة لسنة ,1993 وأخذت بمقتضيات المذهب الحنفي الذي لا يرى الولاية شرطا في عقد الزواج، وهو موقف وسط بقي مندرجا في إطار الفقه الإسلامي.
- أما في قضية اقتسام الثروة المحصلة خلال فترة الزواج، فإن الفرق كان بينا بين المقاربتين، حيث أن الخطة دعت إلى أن يسمح للمرأة المطلقة بنصف الممتلكات التي ساهمت فيها سواء من خلال عملها داخل البيت أو عن طريق عمل مأجور ( ص130 من مشروع الخطة)، بالمقابل نصت المادة 49 من المدونة على استقلالية الذمة المالية وعدم اعتماد منطق الاقتسام والمناصفة بل بمنطق قائم على العدل وقواعد الإثبات القانونية بحسب حجم المساهمة في تكوين تلك الثروة.
- وبخصوص مسألة رفع سن الزواج فقد دعا مشروع الخطة إلى رفعه إلى 18 سنة دون أي استثناء (ص 128 من مشروع الخطة)، أما المدونة فقد نصت على المساواة في سن الزواج بين الرجل والمرأة، لكن مع إبقاء المجال للحالات الاستثنائية والتعامل المرن معها (المادتين 19 و20 من المدونة).
في مختلف هذه النقط نجد أن المدونة سارت في اتجاه يدرس المطالب المطروحة لكن في إطار المرجعية الإسلامية، ولو اقتضى ذلك رفض بعضها كما جرى مع مسألة الطلاق القضائي، دون أن يبقى رهين تلك المطالب، حيث عالج قضايا مطروحة لم ترد من قبيل إثبات النسب للطفل المولود الناتج عن الحمل الذي يقع في مرحلة الخطبة وعالجها برؤية اجتهادية.
خلاصة
بناءا على ما سبق نتسائل عن الدواعي التي حكمت تلك الحملة ضد الحركة قبل وبعد المدونة، والتي تبين منها وجود مسعى لتشويه مواقف الحركة وإلباسها يافطة المناهض لمشاريع معالجة أوضاع المرأة، ومحاولة الدفع في الصدام بينها وبين الحكم، والاتجاه إلى التدليل على نقدهم لمواقف الحركة عبر الإحالة على أية وثيقة أو مقال أو تصريح صدرت إبان السجال حول موضوع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وفي الوقت نفسه إغفال وثائق أساسية تعد المرجع الأساس في تقويم موقف الحركة وأهمها وثيقتي التعديلات التي قدمتها كل من الحركة والحزب للجنة، بل وإغفال الموقف الإيجابي من اللجنة الذي صدر عن الحركة في الوقت الذي كانت فيه الحملات لا تتوقف من أجل التشويش على أعمالها، وهو ما يدل في العمق على الطابع الانتهازي للذين انخرطوا في التعاطي مع قضية الدفاع عن حقوق المرأة والنهوض بها وتوظيفها في مواجهة الحركة الإسلامية واستدراج عدد من الهيئات والفعاليات النسائية لذلك، أما الإصرار على المطابقة بين مدونة الأسرة والخطة فذلك ليس سوى وهم.
مصطفى الخلفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.