ليس ثمة جديد يذكر في حكاية الدكتور موسى أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مع الإدارة الأمريكية سوى ما أشارت إليه الحركة ممثلاً في سعي جماعة بوش لاسترضاء اللوبي الصهيوني، سيما بعد أن بدا واضحاً أن اليهود يميلون إلى جون كيري أكثر بكثير من ميلهم لصاحبهم. والحال أن أحداً في الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم يقدم لليهود والدولة العبرية ما قدمه جورج بوش الإبن، لكن هواجس الانتخابات تبقى في غاية الأهمية ، وهي التي قد يكون الفوز فيها رهنا ببضعة أصوات، الأمر الذي يجعل المعركة حامية حتى اللحظات الأخيرة، فكيف إذا كان المعنيون بالرسالة قوم لهم ما يكفي من القدرة على النفير ضد أي مرشح كما هو حال اليهود؟ ليس ثمة جديد في حكاية موسى أبو مرزوق، إذ حتى لو تواصل معه العشرات من النشطاء الإسلاميين في العالم بشأن حركته ودعمها فإن ذلك لا يشكل جرماً، ألا يتبوأ هو منصب نائب رئيس المكتب السياسي في الحركة التي تعتبرها الولاياتالمتحدة حركة إرهابية ساهمت في قتل مواطنين أمريكان كما يردد عادة مساعدو الرئيس الأمريكي؟ لو تتبعنا المنطق الذي يحرك قضية أبو مرزوق الجديدة فإن على جون أشكروفت وزير العدل الأمريكي أن يبادر إلى إصدار مذكرة جلب واعتقال بحق جميع قادة حماس، بل وحتى أعضائها خارج فلسطين، على اعتبار أن الدولة العبرية تتكفل بمن هم داخلها عن طريق الاعتقالات والاغتيالات التي تدعمها إدارة جورج بوش بلا هوادة بوصفها عمليات دفاع عن النفس في مواجهة الإرهاب. ما يؤكد حكاية استجداء منظمات اليهود في الحملة الانتخابية هو أن محمد صلاح وعبد الحليم الأشقر (أعضاء الخلية المزعومة) قد سبق واعتقلا في الدولة العبرية وفي الولاياتالمتحدة وخرجا من السجن، وهما يقيمان تحت الرقابة الدائمة منذ سنوات وما كان لهما أن يتحركا في أي اتجاه يثير الشبهات، فضلاً عن أن يتزعما خلية دعم وإسناد لحركة حماس. ثمة جانب آخر للمشهد الذي نحن بصدده، إذ أن من غير العسير القول إن الصهاينة قد استغلوا ضعف إدارة بوش أمام مطالبهم فبادروا إلى الدفع في اتجاه ملاحقة أبو مرزوق ومحمد صلاح والأشقر بهدف تعزيز المطاردة لكل ما يمت إلى المقاومة الإسلامية بصلة في الخارج، سيما بعد حكاية اليمني الشيخ محمد المؤيد الذي اعتقل في ألمانيا وسلم للولايات المتحدة، الأمر الذي سيعني مطاردة كل المؤسسات الداعمة للشعب الفلسطيني في طول العالم وعرضه. والحال أن مصدر الخطورة في قرار ملاحقة واعتقال أبو مرزوق إنما يتمثل في احتمالات الضغط على الدول التي تستقبله أو يتحرك في أراضيها بحيث يحال بينه وبين أي شكل من أشكال الحركة السياسية في المستقبل، الأمر الذي قد ينسحب لا حقاً على ما تبقى من قيادة الحركة التي حافظت على تماسك وقوة قيادتها الخارجية في مقابل الضربات التي تلقتها قيادة الداخل في الضفة الغربية وقطاع غزة. كل ذلك يرتب على الحركة المجاهدة أعباءً جديدة في ظل حالة الضعف والتراجع التي يعيشها الوضع العربي الرسمي أمام ضغوط الولاياتالمتحدة، لكن ذلك لن يعدو كونه محطة من المحطات التي مرت بها الحركة وخرجت منها أكثر قوة وتماسكاً، سيما وأن بشائر الفشل الأمريكي في العراق ستلقي بظلالها على أوضاع المنطقة، وبالطبع في غير صالح الغطرسة الإسرائيلية الأمريكية. ياسر الزعاترة - كاتب فلسطيني