سيكون هذا الصيف ساخنا بالنسبة للوبي المسلم بأمريكا في توجيه اختيارات الناخبين مع اقتراب المرحلة الحاسمة للانتخابات الأمريكية خلال نهاية السنة الجارية (نونبر). فعلى الرغم من أن الانتخابات الأمريكية تتحكم فيها الشركات الاقتصادية والإعلامية، إلا أن خطب ود المتدينين عامة، والمسلمين خاصة، يبقى لازما لترجيح كفة أحد المرشحين الثلاثة: جورج بوش، جون كيري، ورالف نادر. وحتى يكون للوبي المسلم، الذي يحاول أن يدافع عن مصالح العرب والمسلمين داخليا وخارجيا، أثر في هذه الانتخابات، فقد حاول التوحد في إطار هيئة لجنة العمل المسلمة الخاصة بالحقوق المدنية والانتخابات، والتي شكلت من قبل تحالف واسع من المنظمات المسلمة الأمريكية لتشجيع مشاركة مسلمي أمريكا في انتخابات 2004 وفي العملية السياسية الأمريكية بشكل عام، وتضم هذه الهيئة كلا من مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) والتحالف المسلم الأمريكي (AMA)، والحلقة الإسلامية لشمال أمريكا (INCA)، والتجمع الإسلامي لشمال أمريكا (ISNA)، والجمعية الإسلامية الأمريكية (MAS)، ومجلس الشؤون العامة الإسلامية MPAC، واتحاد الطلبة المسلمين (MSA-N)، ومشروع الأمل الإسلامي (PIH). وإذا كان استطلاع للرأي، أنجزه مجلسكير أخيرا، أظهر أن 54 % من الناخبين المسلمين الأمريكيين يفضلون المرشح الديمقراطي جون كيري، بينما يفضل 26 % من الناخبين المسلمين الأمريكيين رالف نادر، فإن الاستطلاع كشف تدني شعبية بوش لفشلها في إدارة سياسة أمريكا الخارجية. ولكن نسبة 14 % من الناخبين المسلمين الأمريكيين لم يحسموا قراراهم بعد في ما يتعلق بالمرشح الذي سوف يمنحونه أصواتهم في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة. ويرى خبراء متابعون للانتخابات الأمريكية، التي يوجهها الأغنياء في الإعلام والاقتصاد، أن استمالة الأصوات لن تراعي أصوات الفقراء والأحزاب الصغرى، وهذا ما يحتم على المرشح العربي رالف نادر الانسحاب حتى لا يستفيد بوش من أصوات المسلمين الحائرة ما بين رالف نادر وجون كيري. لتنوير القارئ حول هذه القضية نورد وقائع الندوة، التي نظمها المجلس بخصوص الموضوع، ووافانا المجلس بتقرير خاص بمداخلات المشاركين. إعداد:ع.لخلافة / إ. العلوي ندوة بالكونجرس الأمريكي حول انتخابات 2004..المرشحون يتهافتون على الصوت المسلم والأوضاع الخارجية توجه الاختيارات نظم مجلس المصلحة الوطنية CNI بالتعاون مع مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في التاسع والعشرين من يونيو الماضي ندوة بالكونجرس الأمريكي بعنوان الصوت المسلم في انتخابات ,2004 شارك فيها المرشح المستقل للرئاسة الأمريكية رالف نادر، إضافة إلى عدد من ممثلي المنظمات المسلمة الأمريكية والمنظمات السياسية الأمريكية المعنية بتأثير أصوات الناخبين المسلمين الأمريكيين على انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر عقدها في شهر نونبر القادم، وفي ما يلي مقتطفات من كلمات بعض المشاركين في الندوة. "يوجين بيرد": بوش وكيري لا يعرفان كيف يفوزان بالأصوات المسلمة في بداية اللقاء ذكر يوجين بيرد، رئيس مجلس المصلحة الوطنية، والذي يضم في عضويته عدد من الدبلوماسيين والسياسيين الأمريكيين المعنيين بتصحيح مسار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، أن بوش وكيري لا يعرفان حتى الآن كيف يخططان للفوز بالصوت المسلم، متوقعا أن تكون عملية اجتذاب أي من المرشحين للصوت المسلم الأمريكي في انتخابات نونبر القادمة أمرا أكثر صعوبة مقارنة بعام .2000 وأشار بيرد إلى أن مسلمي أمريكا توحدوا معا في انتخابات عام 2000 الرئاسية وصوتوا ككتلة واحدة، وقال إن 5,1 مليون ناخب مسلم أمريكي صوتوا في انتخابات عام ,2000 وأن 87% من الأصوات المسلمة الأمريكية ذهبت إلى جورج بوش مما ساعده على الفوز بالانتخابات، خاصة في الولايات الهامة والحساسة، وعلى رأسها ولاية فلوريدا. وتأسف بيرد لعدم تلبية جورج بوش وجون كيري دعوته لحضور الندوة، وذلك في الوقت الذي رحب فيه رالف نادر، المرشح المستقل للرئاسة بحضور اللقاء. "نهاد عوض": سنقوم باستطلاعين لمعرفة توجهات اللوبي المسلم واستعرض نهاد عوض، المدير العام لكير، في مقدمة حديثه نتائج أحدث استطلاع لتوجهات مسلمي أمريكا نحو مرشحي الرئاسة الأمريكية، والذي أعلنته كير في التاسع والعشرين من يونيو الماضي، وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الناخبين المسلمين الأمريكيين يميلون بأغلبية واضحة لتفضيل المرشح الديمقراطي للرئاسة جون كيري والمرشح المستقل للرئاسة رالف نادر مقارنة بالمرشح الجمهوري للرئاسة جورج بوش. وأخبر نهاد عوض أن كير تنوي إجراء استطلاعين لآراء مسلمي أمريكا تجاه مرشحي الرئاسة قبل انتخابات نونبر على أن يكون أحدهما في نهاية شهر غشت والآخر خلال شهر أكتوبر المقبلين، وأشار عوض أن كير والمنظمات المسلمة الأمريكية تبذل جهودا متواصلة خلال الشهور الحالية للاستعداد للانتخابات من خلال تسجيل أكبر عدد من الناخبين المسلمين الأمريكيين، وكذلك توعية الناخبين المسلمين الأمريكيين بقضاياهم. وتوقع عوض أن تقوم لجنة العمل المسلمة الأمريكية الخاصة بالحقوق المدنية والانتخابات في شهر أكتوبر القادم باتخاذ قرار بخصوص موقفهم من مرشحي الرئاسة، وقال عوض أن انتخابات عام 2000 شهدت تكوين أول كتلة انتخابية تصويتيه مسلمة أمريكية، مؤكدا على وجود حالة عدم رضى مسلمي أمريكا تجاه سياسات بوش الداخلية والخارجية المتعلقة بقضاياهم. وقال عوض إن المرشح المستقل للرئاسة رالف نادر يعمل عن قرب مع المسلمين والعرب الأمريكيين، مما أوجد شعورا في أوساط مسلمي وعرب أمريكا بأن نادر يخاطب قضاياهم، خاصة وأنه حريص على حضور التجمعات المسلمة والعربية الأمريكية واللقاء معهم. وقال عوض إنه من الصعب تحديد مصير الصوت المسلم من الآن، وقال إن الناخبين المسلمين الأمريكيين يهتمون بالقضايا الداخلية مثل الاقتصاد والوظائف كبقية الشعب الأمريكي، وإن ما يميزهم عن بقية الناخبين الأمريكيين هو الضغوط الهائلة التي تعرضت لها حرياتهم في السنوات الأخيرة، كما يتميز مسلمو أمريكا برغبتهم القوية في المشاركة في صناعة سياسة أمريكا الخارجية. وذكر عوض أن المرشح الديمقراطي للرئاسة جون كيري التقى مع بعض العرب الأمريكيين، وذكر بعض التصريحات الإيجابية في حق مسلمي وعرب أمريكا. "حسن إبراهيم": نطالب ببناء الجسور مع شعوب العالم وليس هدمها من خلال الحروب وأعرب حسن إبراهيم، عضو مجلس إدارة مجلس الشؤون العامة الإسلامية (MPAC)، عن اعتقاده بأن برنامج المسلمين الأمريكيين لا تختلف عن برنامج بقية الشعب الأمريكي، فهدف مسلمي أمريكا هو جعلها بلدا عظيما وليس امبراطورية، قائلا إن المشاكل التي تواجهها أمريكا على صعيد السياسة الخارجية تعود إلى مصداقية الإدارات الأمريكية وأسلوبها في إيصال رسائلها، وأيضا تبعا لسياستها في إعلاء الحقوق المدنية في الداخل وحقوق الإنسان في الخارج، كما يهتم المسلمون الأمريكيون بإعلاء الدستور وحكم القانون، ويطالبون بسياسات تقوي دفاع أمريكا وأمنها من خلال بناء الجسور مع شعوب العالم، وليس هدمها من خلال الحروب. "عماد الدين أحم": مسلمو أمريكا يشعرون بالضيق تجاه سياسة بوش" وتحدث في اللقاء الدكتور عماد الدين أحمد، الأستاذ بجامعة ميرلاند بمدينة كولج بارك، وذلك نيابة عن مرشح الحزب التحريري مايكل بادناريك، وقال أحمد إن المسلمين الأمريكيين يشعرون بالضيق تجاه سياسات أمريكا الخارجية وموقف الإدارة الأمريكية تجاه الحقوق المدنية، ودعا المسلمين الأمريكيين إلى عدم إهمال مرشحي الأحزاب الصغيرة، كما طالب هذه الأحزاب بالتوجه نحو المسلمين الأمريكيين واجتذاب أصواتهم. وفي ما يتعلق بأهم القضايا، التي تشغل بال الناخب المسلم الأمريكي، والمؤثرة على قراره تجاه مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، ذكر 40 % من المسلمين الأمريكيين أن قضية الحقوق المدنية هي القضية الداخلية رقم واحد بالنسبة لهم، في حين ركز 25 % من المسلمين الأمريكيين على الاقتصاد كقضيتهم الأساسية. وعلى ساحة السياسة الخارجية ذكر 90 % من المسلمين الأمريكيين أن سياسة أمريكا في الشرق الأوسط تعد القضية الدولية رقم واحد بالنسبة لهم. "مايكل بادناريك": نطالب بإلغاء قانون الإرهاب وقدم مايكل بادناريك، مرشح الحزب التحريري في انتخابات 2004 برنامج حزبه وذكر منها: أولا: إبطال قوانين مكافحة الإرهاب لعام 1996 ولعام 2001 وغيرها من القوانين التي تحد حقوق وحريات الأفراد بدون أدلة. ثانيا: الترحيب بجميع اللاجئين، وإزالة الحواجز أمام الهجرة. ثالثا: معارضة إرسال المعونات الأجنبية لأية دولة بغض النظر عن هويتها. رابعا: هدم الحواجز المقامة أمام التجارة الأمريكية. خامسا: معارضة الحرب على العراق، والمطالبة بالحيلولة دون تكرار حرب مشابهة في المستقبل. "رالف نادر": أمريكا دخلت العراق بناء على الأكاذيب أما رالف نادر، المرشح المستقل للرئاسة، فأعرب في بداية حديثه عن اعتقاده بأن الناخب المسلم الأمريكي يهتم بالعديد من القضايا. وقال نادر إن 80 % من المال المتبرع به للانتخابات يأتي من هيئات اقتصادية، الأمر الذي جعل المرشحين لا يهتمون بالفقراء ولا بقضاياهم. ووجه نادر انتقادا لاذعا لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2001 المعروف باسم باتريوت آكت، وقال إن الإدارة الأمريكية بعد أحداث شتنبر 2001 ألقت القبض على مئات المسلمين والعرب وهم أبرياء، وقامت بمعاملتهم بشكل سيء، مطالبا بإلغاء قانون باتريوت آكت. وبخصوص العراق، قال نادر إن أمريكا دخلت العراق بناء على الأكاذيب، وطالب بالانسحاب من العراق خلال الشهور الستة القادمة، وتغيير القوات الأمريكية هناك بقوات حفظ سلام دولية مع تقديم مساعدات إنسانية للشعب العراقي. وطالب رالف نادر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بإعلان العدد الحقيقي لضحايا حرب العراق في صفوف القوات الأمريكية وفي أوساط الشعب العراقي منذ بداية الحرب، ووصف نادر حرب العراق بأنها حرب غير مشروعة شنت لخدمة أهداف بوش السياسية الخاصة، وأضاف أن الشيء الإيجابي هو أن الشعب الأمريكي بدأ في إدراك ما حدث لهم، مبينا التمييز الذي يلاحق الجماعة المسلمة بأمريكا. اللوبي العربي يتوزع ناشطو اللوبي المؤيدين للعرب على فئات متعددة عن طريق بلدان عربية باتصالات مباشرة مع سفاراتها في واشنطن للتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية، وتاريخياً دفعت حكومات عربية مبالغ ضخمة من الأموال إلى مؤسسات علاقات عامة متمركزة في أمريكا، وناشطي لوبي لتصميم حملات دعاية وتأثير في سياسيين، غير أن هذه الجهود أخفقت في تحقيق تأثير إيجابي، سواء في الجمهور الأمريكي أو في صانعي القرار السياسي . لم يتفهم الزعماء العرب دائماً ديناميات النظام السياسي الأمريكي، وكانوا يظنون أن جهود اللوبي نشاطات غير قانونية وأن كل هذه الجهود يجب أن توجه عبر القنوات الدبلوماسية أو الوصول إلى الرجل الجالس في القمة للتأثير في السياسة. ويجب على ناشطي اللوبي العربي ما يلي: 1 أن يتمكنوا من الضغط بفعالية لإجراء تغيير في سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية الخارجية. 2 أن يكون لهم وصول إلى مسؤولي الحكومة وأعضاء الكونغرس وعند تحقيق هذا الوصول يترتب عليهم مواجهة العداء الثقافي المتراكم تجاه العرب والمسلمين. 3 أن تكون الاتصالات أو الاجتماعات مع العرب الأمريكيين تعامل كأمور سياسية خارجية، وليس سياسة داخلية، ويتم عن طريق وسطاء ذوي صلة أو مكاتب شؤون إثنية متمركزة في البيت الأبيض. 4 بمقدور مراكز ضغط اللوبي العربي زيادة فعاليتها بتبني جداول أعمال بعيدة المدى وموحدة وأن تكون فاعلة، وتحتاج المنظمات المتركزة على الجاليات العربية الأمريكية إلى توسيع وتطوير الاتجاه الراهن نحو توحيد الجهود الضاغطة، وتكون متناسقة مع حملات الحكومات العربية. 5 تحتاج جهود اللوبي العربي إلى أن تكون موجهة نحو الناخبين الأمريكيين والجمهور بوجه عام، وهما الاقتصاد وحقوق الإنسان، وهذه الموضوعات تعد بإمكانات كبيرة لحملات لوبي عربي ناشطة وفاعلة. وفي الوقت الحاضر: أصبح العرب الأمريكيون أكثر نشاطاً من الناحية السياسية وأحرزوا وصولاً أكبر إلى البيت الأبيض ومكاتب حكومية أخرى، إلا أن هذا لم يترجم بعد إلى فعالية أكبر في تغيير سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية أو في مواجهة الضغط المستمر من جانب الجماعات الموالية لإسرائيل وشعور العداء العام تجاه العرب والمسلمين، ويظل معظم السياسيين الأمريكيين مترددين في التعامل علانية مع العرب، حتى مع العرب الذين تغازلهم الولاياتالمتحدة.